روسيا تعتزم فرض شروط صعبة على أوكرانيا حال استئناف محادثات السلام

موسكو- قال مستشار الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف إن بلاده تعتزم فرض شروط أشد صرامة على أوكرانيا في حال استئناف محادثات السلام بين البلدين.
وأشار أوشاكوف إلى أن المحادثات، التي عقدت في تركيا في شهر مارس الماضي، حققت نتائج ملموسة قبل أن تقطع كييف قنوات الاتصال. ونقلت وكالة أنباء “آر.بي.كيه” الروسية عن أوشاكوف القول إن “المباحثات إذا استؤنفت الآن، فستكون هناك شروط مختلفة تماما”.
ولم تعقد أيّ محادثات سلام بين موسكو وكييف منذ توقف المفاوضات بين البلدين بعد العثور على مقابر جماعية لمدنيين في بلدة بوتشا الواقعة في ضواحي العاصمة الأوكرانية كييف، فضلا عن أماكن أخرى في شرق أوكرانيا.
واشترطت روسيا من أجل وقف ما تطلق عليه “العملية العسكرية الخاصة”، أن تقوم الحكومة الأوكرانية بنزع السلاح واجتثات النازية، فضلا عن التنازل عن منطقتي دونيتسك ولوهانسك الواقعتين شرق أوكرانيا، والاعتراف بشبه جزيرة القرم على أنها روسية.
◙ روسيا، على الرغم من النكسات المبكرة التي منيت بها، لا تزال تخطط للاستيلاء على العاصمة كييف وفرض سطوتها على الكثير من أراضي أوكرانيا
وتمر الحروب بحالات مد وجزر وغزو روسيا لأوكرانيا ليس استثناء. ففي البداية سادت مخاوف من أن تحقق موسكو انتصاراً سريعاً لكن المقاومة الأوكرانية والانسحاب الروسي بدد تلك المخاوف، فحولت روسيا تركيز هجومها إلى الشرق.
وهناك ثلاث سيناريوهات محتملة لهذه الحرب ولا يستبعد أحدها الآخر لكن جميعها تقع ضمن حدود الاحتمالات المتوقعة. وقد تستمر الحرب لشهور إن لم يكن لسنوات وتخوض خلالها القوات الروسية والأوكرانية حرب استنزاف مديدة.
ويتبدل الزخم صعوداً وهبوطاً بين الطرفين ويحقق كلا الجانبين مكاسب أحيانا ويمنيان بخسائر أحيانا أخرى. ولا يرغب أيّ طرف بالاستسلام. ويرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يمكن أن يكسب الحرب من خلال إظهار الصبر الاستراتيجي والمراهنة على أن الدول الغربية ستشعر بـ “إرهاق أوكرانيا” وستركز أكثر على أزماتها الاقتصادية والتهديد الصيني.
لكن الغرب يستمر في تصميمه ويواصل تزويد أوكرانيا بالأسلحة. وتنشأ خطوط معركة شبه ثابتة وتتحول الحرب إلى صراع دائم بوتيرة منخفضة وتصبح “حربا إلى الأبد”.
ويقول ميك رايان، الجنرال الأسترالي المتقاعد والمختص في الشؤون العسكرية “هناك احتمال ضئيل لتحقيق نصر عملي أو استراتيجي ساحق من قبل أيّ من الطرفين على المدى القصير. لم يُظهر أيّ من الطرفين المتحاربين القدرة على توجيه ضربة استراتيجية حاسمة”.
ويمكن للرئيس الروسي أن يفاجئ العالم بوقف لإطلاق النار من طرف واحد؟ كما يمكنه أن يكتفي بما حققه من مكاسب على الأرض ويعلن “النصر”.
ويمكن أن يدعي أن “عمليته العسكرية” قد اكتملت، فالانفصاليون المدعومون من روسيا في دونباس باتوا يتمتعون بالحماية، وأقام ممراً برياً إلى شبه جزيرة القرم، ويمكنه بعد ذلك السعي لكسب موقف أخلاقي والضغط على أوكرانيا لوقف القتال.

يوري أوشاكوف: إذا استؤنفت المباحثات فستكون هناك شروط مختلفة تماما
وراجت مثل هذه الحجج بالفعل في باريس وبرلين وروما ومفادها أن لا حاجة لإطالة أمد الحرب، حان الوقت لوضع حد للآلام الاقتصادية العالمية، دعونا نضغط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ومع ذلك، ستعارض الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجزء كبير من دول أوروبا الشرقية هذا التوجه حيث يرى ساسة هذه الدول أن الغزو الروسي يجب أن يفشل من أجل أوكرانيا والنظام الدولي. لذا فإن أيّ وقف أحادي لإطلاق النار من جانب روسيا قد يغير تبريرات الحرب، ولكنه لن ينهي القتال.
ويؤكد المسؤولون الغربيون أن روسيا، على الرغم من النكسات المبكرة التي منيت بها، لا تزال تخطط للاستيلاء على العاصمة كييف وفرض سطوتها على الكثير من أراضي أوكرانيا. وقال أحد المسؤولين “تحقيق هذه الأهداف القصوى لا يزال مطروحاً”.
ويمكن لروسيا الاستفادة من مكاسبها في دونباس وتحرير القوات لاستخدامها في أماكن أخرى وربما حتى استهداف كييف مرة أخرى. ولا يمكن تجاهل العدد الكبير من قتلى القوات الروسية، كما أن القوات الأوكرانية تمنى بخسائر مستمرة في ساحة القتال.
واعترف الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بالفعل بمقتل ما يصل إلى 100 جندي أوكراني وإصابة 500 آخرين كل يوم في المعارك.
وقد ينقسم الشعب الأوكراني إلى معسكرين، واحد يرغب في استمرار القتال والآخر يبحث عن مخرج للتوصل إلى السلام. وقد تبلغ بعض الدول الغربية مرحلة الشعور بالتعب من دعم أوكرانيا. لكن بالمقابل إذا شعرت أن روسيا في طريقها إلى تحقيق الانتصار فقد يرغب بعضها في التصعيد العسكري ضد روسيا.