روسيا تضاعف ميزانية الدفاع: خسائر الحرب في أوكرانيا أم سباق التسلح

إعلان روسيا عن زيادة موازنة الدفاع بمرة ونصف أثار تساؤلات عن هذه الخطوة، وهل أن الحرب في أوكرانيا قد دفعتها إلى مضاعفة الإنفاق والتفكير في أسلحة جديدة وصواريخ متطورة لمواجهة ما يحصل عليه الأوكرانيون من الغرب وخاصة من واشنطن.
بوخارست - أعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو الأربعاء أن موازنة الدفاع الحكومية في البلاد سترتفع خلال عام 2023 بنسبة 150 في المئة. ولا يعرف إن كانت هذه الخطوة مرتبطة بالتحديات التي تواجهها القوات الروسية في أوكرانيا خاصة مع حصول كييف على مساعدات عسكرية نوعية يمكن أن تقلل الروس، أم أن الأمر مرتبط بإستراتيجات روسيا الخاصة بسباق التسلح مع الولايات المتحدة.
يأتي هذا في الوقت الذي تطلب فيه أوكرانيا المزيد من الدعم الغربي وخاصة منظومة صواريخ باتريوت الأميركية.
وقال شويغو خلال اجتماع مع قادة الجيش في العاصمة موسكو، إن زيادة موازنة الدفاع “ستساعد في ضمان تنفيذ 99 في المئة على الأقل من الأوامر والمهمات التي تطلقها الوزارة”. وأضاف “من المهم الحفاظ على أكبر حجم ممكن من العمليات، والانتظام في إمدادات القوات”، وأشار إلى أن القرار يعزز الاهتمام بتطوير القوات الصاروخية والمدفعية.
وفي هذا السياق، لفت شويغو إلى تدريب أكثر من 300 ألف جندي روسي احتياط، بينهم متطوعون، خلال الشهرين الماضيين.
روسيا وجدت نفسها أمام تحد حقيقي من خلال مواجهة أسلحة متطورة لدى أوكرانيا خاصة الصواريخ الأميركية
وأوضح “شارك حوالي 3000 مدرب في التدريب القتالي للتشكيلات العسكرية الجديدة، واستخدم في التدريب أكثر من مئة موقع تدريب على أراضي بلدنا وجمهورية بيلاروسيا”.
كما تحدث شويغو خلال الاجتماع عن مشاريع عسكرية كبرى، بما في ذلك البنية التحتية لنشر أنظمة صواريخ جديدة.
ويقول متابعون لمسار الحرب في أوكرانيا إن روسيا وجدت نفسها أمام تحد حقيقي من خلال مواجهة أسلحة متطورة يستعملها الأوكرانيون خاصة الصواريخ التي يحصلون عليها من الولايات المتحدة، وأنها تجد نفسها مضطرة لتصنيع أسلحة مضادة وزيادة مشترياتها من السلاح.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الأربعاء إن بلاده بحاجة لأنظمة باتريوت الدفاعية الصاروخية أميركية الصنع لحماية بنيتها التحتية المدنية في ظل ما تتعرض له من هجمات روسية عنيفة، مضيفا أنه سيعمل مع الحكومة الألمانية بهذا الشأن.
وحذر الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف الثلاثاء حلف شمال الأطلسي من خطورة تزويد أوكرانيا بأنظمة باتريوت.
وذكر كوليبا أن بلاده ستصبح في نهاية المطاف عضوا بالحلف، لكنه قال إن هذا لا يعني أنه ليس بالإمكان فعل شيء حاليا في هذا الصدد. وتابع في مؤتمر صحفي بعد اجتماع لوزراء خارجية الحلف في بوخارست أن “المناقشات بشأن طلب أوكرانيا للانضمام للحزب يتعين أن تبدأ”.
وفي الوقت الذي لم تصدر فيه نتائج واضحة عن اجتماع وزاء خارجية الناتو بشأن شكل المساعدات لأوكرانيا، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن اجتماعات وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي “ناتو” التي عقدت ببوخارست، “أظهرت التصميم على دعم أوكرانيا”.
ووصف وزير الخارجية الأميركي، في مؤتمر صحفي عقب نهاية اجتماع وزراء خارجية الحلف، الضربات الروسية على البنى التحتية المدنية في أوكرانيا بأنها “همجية”.
وأشار إلى أن “روسيا قصفت خلال الأسابيع القليلة الماضية أكثر من ثلث نظام الطاقة الأوكراني، ما أدى إلى إغراق الملايين في البرد والظلام”.
وأكد أن اجتماعات الناتو في بوخارست “أظهرت التصميم على دعم أوكرانيا”. وتابع بلينكن أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفشل في هزيمة أوكرانيا عسكريا، وبالتالي فإنه يخوض الآن حربا ضد المدنيين”. وأضاف أن “بوتين يفعل ذلك من خلال محاولة تدمير البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا”.
واختتم الوزير الأميركي حديثه قائلا “ما هو واضح جدا بالنسبة إلي أن القرار لا يزال قويا وحازما وذا تصميم من قبل وزراء خارجية الناتو بهدف مواصلة دعم أوكرانيا مع اقتراب الغزو الروسي نحو الذكرى السنوية في فبراير المقبل”.
ومنذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، تشن روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، أسفرت عن ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية “مشددة” على موسكو.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأربعاء أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على إقامة محكمة خاصة للنظر في “الجرائم الروسية” في أوكرانيا، داعية إلى رصد الأصول الروسية المجمّدة لتمويل إعمار هذا البلد.
وأكدت فون دير لاين في فيديو نشر على تويتر “إذ نواصل تأييد المحكمة الجنائية الدولية، نقترح إنشاء محكمة خاصة مدعومة من الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم العدوان التي ارتكبتها روسيا” في حق أوكرانيا.
وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا بتشكيل محكمة كهذه. كذلك، تعتزم رئيسة المفوضية الأوروبية إرغام موسكو على دفع ثمن الدمار المادي في أوكرانيا.
وقالت “سنسهر مع شركائنا على أن تدفع روسيا ثمن المآسي التي تسببت بها من خلال الأموال المجمدة التي يملكها أوليغارش (روس) وأصول المصرف المركزي” الروسي.
وذكرت بأن الاتحاد الأوروبي جمد حتى الآن 300 مليار يورو من احتياطات المصرف المركزي الروسي و19 مليار يورو من الأصول التي يملكها أوليغارش روس.
وقالت “بإمكاننا على المدى القريب إنشاء هيئة لإدارة هذه الأموال واستثمارها. سنستخدم بعد ذلك هذه الأموال من أجل أوكرانيا”.
وأكدت أنه “بعد رفع العقوبات، يجدر استخدام هذه الأموال من أجل أن تدفع روسيا تعويضات للأضرار التي تسببت بها لأوكرانيا. سنعمل على اتفاق دولي مع شركائنا لجعل ذلك ممكنا. معا يمكننا إيجاد سبل قانونية لتحقيق ذلك”.
وقتل أكثر من عشرين ألف مدني ومئة ألف عسكري أوكراني منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير، بحسب المسؤولة الأوروبية. وذكرت أن الأضرار التي لحقت بأوكرانيا تقدر بـ600 مليار يورو. وشددت على أنه “يجب أن تدفع روسيا ثمن جرائمها الفظيعة”.
وكانت الجمهورية التشيكية التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أيدت في سبتمبر إنشاء محكمة خاصة بعد العثور على المئات من الجثث المدفونة قرب مدينة إزيوم في شرق أوكرانيا بعد استعادتها من الروس.