روسيا تشغل جزئيا جسر القرم المدمر وترسل غواصين لتفقد الأضرار

استئناف حركة القطارات والسيارات على الجسر الذي يمثل رمزا مهما لضم موسكو لشبه الجزيرة وطريق إمداد رئيسيا للقوات التي تقاتل في جنوب أوكرانيا.
الأحد 2022/10/09
روسيا تتوقع أن يكتمل مسح أكثر تفصيلا فوق الماء بنهاية اليوم

موسكو - يبدأ غواصون روس الأحد تفقد الأضرار التي خلفها انفجار قوي على جسر لحركة السيارات والقطارات إلى شبه جزيرة القرم، تزامنا مع استئناف حركة القطارات والسيارات على الجسر، الذي يمثل رمزا مهما لضم موسكو لشبه الجزيرة وطريق إمداد رئيسيا للقوات التي تقاتل في جنوب أوكرانيا.

وقوبل الانفجار الذي وقع على الجسر الممتد فوق مضيق كيرتش برسائل مبتهجة من المسؤولين الأوكرانيين، دون أن يعلنوا المسؤولية عنه. كما أن روسيا لم توجه اتهاما لأحد.

ونقلت وكالات أنباء محلية عن نائب رئيس الوزراء الروسي مارات خوسنولين القول إن الغواصين سيبدأون العمل في الصباح، كما أن من المتوقع أن يكتمل مسح أكثر تفصيلا فوق الماء بنهاية اليوم الأحد.

وقال الحاكم الروسي لشبه جزيرة القرم سيرغي أكسيونوف للصحافيين إن "الوضع يمكن السيطرة عليه... إنه مزعج ولكنه ليس كارثيا... وقد أثار بالطبع المشاعر، وهناك رغبة كبيرة في الانتقام".

وأضاف أن شبه الجزيرة لديها وقود يكفي لشهر ومواد غذائية تكفي لشهرين. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها في جنوب أوكرانيا يمكن أن تحصل على إمداداتها "بالكامل" عبر الطرق البرية والبحرية القائمة.

ويمثل الجسر الذي يمتد فوق مضيق كيرتش شريانا رئيسيا للقوات الروسية في جنوب أوكرانيا، حيث تسيطر على معظم منطقة خيرسون وأجزاء كبيرة من منطقة زابوريجيا، وميناء سيفاستوبول حيث يتمركز الأسطول الروسي في البحر الأسود.

واستؤنفت حركة القطارات والسيارات على الجسر المدمر، وقال نائب رئيس الوزراء الروسي إن "حركة القطارات على جسر القرم استؤنفت بالكامل"، دون أن يحدد الوقت، وفق ما نقلت وكالة ريا نوفوستي.

وأكد أن "جميع القطارات المقررة ستُسيّر". وأوضح في حسابه على تلغرام أن استئناف الحركة يشمل "قطارات الركاب والشحن". وقال "لدينا القدرات الفنية لذلك".

وقالت شركة "غراند سيرفيس إكسبرس" التي تشغل القطارات بين القرم وروسيا قبل ساعات، إن قطارين غادرا شبه الجزيرة في اتجاه موسكو وسان بطرسبرغ، موضحة على تلغرام أن "القطارين سيعبران جسر القرم".

وأعلنت سلطات القرم بعد ظهر السبت استئناف حركة المرور للسيارات والحافلات على المسار الوحيد على الجسر، الذي ظل سليما "مع إجراءات تفتيش كاملة".

وأكد خوسنولين ذلك، مشيرا إلى أن المسار الثاني سيعود إلى الخدمة "في المستقبل القريب". وأكد أن نتائج التحقيقات التي أجريت السبت على الأجزاء المتضررة ستُعلن الأحد.

وتتولى عبّارات نقل البضائع بدل الشاحنات. وقال نائب رئيس الوزراء "لا نتوقع نقصا".

ولم يتضح بعد ما إذا كان الانفجار ناجما عن هجوم متعمد، إلا أن الضرر الذي لحق بالجسر الحيوي يأتي وسط هزائم تتكبدها روسيا في ساحة المعركة، ومن شأنه أن يضعف بشكل أكبر رسائل الطمأنة التي يطلقها الكرملين بأن الصراع يمضي وفق ما هو مخطط له.

ووقّع الرئيس فلاديمير بوتين السبت مرسوما بتشديد الإجراءات الأمنية للجسر، فضلا عن البنية التحتية التي تزود شبه جزيرة القرم بالكهرباء والغاز الطبيعي، وأمر كذلك بفتح تحقيق.

وأظهرت لقطات جرى تداولها عبر الإنترنت انفجارا قويا مع مرور عدة عربات على الجسر، من بينها شاحنة تشتبه السلطات الروسية في أنها كانت مصدر الانفجار. كما أظهرت لقطات أخرى قافلة عربات صهاريج مشتعلة في الجزء الذي يضم السكة الحديد من الجسر، وانهيار عدة أقسام من أحد مساري الطريق.

وبحسب المحققين، أدى الهجوم الذي وقع السبت في الصباح الباكر إلى مقتل ثلاثة أشخاص: سائق الشاحنة ورجل وامرأة كانا في سيارة قريبة وقت الانفجار، وقد انتُشلت جثتاهما من المياه.

ونشر مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك تغريدة ساخرة صباح السبت بدا فيها وكأنه يعترف بوقوع هجوم أوكراني على الجسر، ليعود لاحقا ويشير إلى "ضلوع روسي".

واكتفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه مساء السبت بالإشارة إلى شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، قائلا "لسوء الحظ، كانت الأجواء غائمة في القرم"، دون التطرّق إلى الانفجار.

وقالت لجنة التحقيق إنها تأكدت من هوية صاحب الشاحنة المفخخة، وهو من سكان منطقة كراسنودار في جنوب روسيا، موضحة أنّ التحقيقات جارية.

وإن كانت أوكرانيا وراء الحريق والانفجار على جسر القرم، فذلك سيشكل ضربة لروسيا تتمثل بتمكن القوات الأوكرانية من إلحاق أضرار ببنية تحتية حيوية وبعيدة عن الجبهة.

وكتب بودولياك على تويتر "يجب تدمير كل شيء غير قانوني، وتجب إعادة كل شيء مسروق إلى أوكرانيا".

ولاحقا، نسب الانفجار في بيان نشرته الرئاسة إلى صراع داخلي بين جهاز الأمن الفيدرالي الروسي والجيش الروسي.

وقال بودولياك في البيان "من الملائم أن نلاحظ أنّ الشاحنة التي انفجرت، وفق كل المؤشرات، دخلت الجسر من الجانب الروسي. إذا، ينبغي البحث عن الأجوبة في روسيا (...) كل ذلك يشير بوضوح إلى ضلوع روسي".

في المقابل، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنّ ردود الفعل الأوكرانية تشير إلى "الطبيعة الإرهابية" للسلطات الأوكرانية.

وقصفت أوكرانيا عدة جسور في منطقة خيرسون في الأشهر الأخيرة لتعطيل الإمدادات الروسية، وكذلك قواعد عسكرية في شبه جزيرة القرم، وهي هجمات لم تعلن مسؤوليتها عنها إلا بعد شهور.

وفي حين لم تتهم موسكو كييف مباشرة، دان رئيس برلمان القرم الذي أنشأته روسيا فلاديمير كونستانتينوف ضربة وجهها "مخربون أوكرانيون".

وحاول زعيم شبه الجزيرة سيرغي أكسيونوف طمأنة السكان بالقول إن القرم لديها احتياطيات من الوقود تكفي لمدة شهر وطعام يكفي شهرين.

ولطالما أكدت روسيا أن الجسر آمن رغم القتال في أوكرانيا، لكنها هددت في الماضي كييف بالانتقام إذا هاجمت القوات الأوكرانية هذه البنية التحتية أو غيرها في شبه جزيرة القرم.

وضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، وافتتح الرئيس الروسي بوتين جسر القرم، الذي يصل طوله إلى 19 كيلومترا ويربط المنطقة بشبكة النقل الروسية، خلال احتفالية كبيرة بعد ذلك بأربع سنوات.

وتطالب كييف القوات الروسية بالانسحاب من شبه الجزيرة الواقعة في البحر الأسود، وكذلك من الأراضي الأوكرانية التي احتلتها منذ انطلاق الغزو الحالي في فبراير.