روسيا تخوض معركة إنهاء الاعتماد على بوينغ وأيرباص

أعلنت روسيا عن محاولات تسريع خطواتها لتخليص قطاع الطيران لديها من قيود الارتباط بعمالقة هذه الصناعة في العالم كرد آخر على العقوبات الغربية أملا في الوصول إلى نقطة الاعتماد على نفسها رغم الشكوك في قدرتها على تحقيق أهدافها.
موسكو - كشف مهندس عمليات قطاع الطيران مجموعة روستيك المملوك للدولة في روسيا أن الصناعة المحلية تسعى لفطم نفسها عن الغرب، في أحدث منعطف للخلافات المتصاعدة بين موسكو والاتحاد الأوروبي وحليفته الولايات المتحدة.
وقالت روسيتك الأربعاء إنها “ستعمل بمفردها دون الاعتماد على الشركات الأوروبية والأميركية باستخدام أجزاء مبنية محليا لإنتاج ألف طائرة بحلول 2030″، وإنهاء الاعتماد على مجموعة بوينغ الأميركية ومنافستها الأوروبية أيرباص.
ويعتبر إعلان المجموعة التي يرأسها حليف مقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، وتضم الشركة المصنعة الوحيدة للطائرات المدنية في البلاد، أقوى مؤشر حتى الآن على أن قطاع الطيران يرى المواجهة مع الغرب على أنها انشقاق دائم.
وفرض الغرب أشد العقوبات في التاريخ الحديث بعد أن أرسلت موسكو الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا، وأدى إلى إحداث أكبر تغيير في الاقتصاد الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في الفترة من 1989 إلى 1991.
ريتشارد أبوالعافية: الأهداف المعلنة لإنتاج طائرات تجارية مستحيلة أساسا
وانقلبت افتراضات ما بعد الاتحاد السوفياتي لقطاع الطيران رأسا على عقب، فالطائرات الأجنبية، وخاصة من بوينغ وأيرباص، تمثل 95 في المئة من حركة الركاب، لكن العقوبات تعني عدم وجود قطع غيار، وليس هناك احتمال لأيّ منها.
وحتى مع استعراض روسيا في يونيو 2016 طائرتها التجارية الأولى للرحلات المتوسطـة أم.سي 21، والتي تعكس نهوض طيرانها المدني بعد أن واجهت صعوبات في تشغيل طائرة سوبرجت، لكنها لم تتمكن من تقليص اعتمادها على الشركات الغربية.
وذكرت رويترز في أغسطس أن شركات الطيران الروسية، بما في ذلك شركة إيروفلوت التي تسيطر عليها الدولة، تجرد طائراتها لتأمين قطع غيار لم يعد بإمكانها شراؤها في الخارج بسبب العقوبات الغربية.
لكن روستيك، برئاسة سيرجي تشيميزوف الذي عمل مع بوتين في ألمانيا الشرقية في ثمانينات القرن الماضي، يرى في الاضطرابات فرصة لبناء صناعة طيران قوية تعتمد على نفسها.
وقالت الشركة في رد مكتوب على أسئلة لرويترز بشأن خططها والوضع في صناعة الطيران الروسية إن “الطائرات الأجنبية ستنسحب من الأسطول”.
وأضافت “نعتقد أن هذه العملية لا رجوع عنها ولن يتم تسليم طائرات بوينغ وأيرباص لروسيا”.
وتدير روستيك بعض الأصول الصناعية والدفاعية والهندسية الرئيسية في روسيا منذ أن وقّع بوتين مرسوما بإنشاء الشركة في عام 2007.
وتتباهى شركات الطيران الروسية، بما في ذلك إيروفلوت، بامتلاك طرز من طائرات بوينغ وأيرباص في سعيها لإعادة بناء أساطيلها بعد فوضى تسعينات القرن الماضي، حيث سيكون من الصعب إيجاد بديل محلي تنافسي.
ونسبت رويترز إلى محلل الطيران ريتشارد أبوالعافية المدير الإداري لشركة آيرو ديناميك الاستشارية الأميركية قوله إن “الهدف المتمثل في بناء ألف طائرة بحلول عام 2030 مستحيل أساسا”.
وأوضح أنه “حتى عندما تمكنوا من الحصول على أشباه الموصلات والمكونات الحيوية الأخرى من الغرب، كانوا يواجهون صعوبة بالغة في إنتاج أكثر من حفنة من الطائرات”.
وأشار أبوالعافية إلى أنه بالمقارنة مع هدف السنوات الثماني المقبلة، فإن روسيا وبقية دول الاتحاد السوفياتي السابق لم تبن سوى ألفي طائرة تجارية كبيرة.
وعندما يتعلق الأمر بالطائرات الحديثة، فإن شركة تصنيع الطائرات المدنية الوحيدة في روسيا، وهي شركة الطائرات المتحدة في روستيك (يو.أي.سي)، محدودة بسبب نقص النماذج والقدرة التصنيعية والمكونات الأجنبية.
ووفقا لوثيقة أعدتها بعنوان “الاتجاهات الإستراتيجية للنشاط في الظروف الجديدة للفترة حتى 2030” فإن “نصف المكونات والتقنيات المستخدمة في صناعة الطائرات الروسية في عام 2021 نشأت من دول أجنبية”.
ولذا سيتعين على الشركة الروسية العثور على قطع غيار أو صنعها. وقالت روستيك إن “هدفنا التالي، في أقصر وقت، هو استكمال استبدال الواردات للأجزاء المستوردة التي تم تسليمها من الخارج، لمشاريع الطيران الواعدة أس.أس.جي-نيو وأم.أس-21”.
وتخطط روسيا استنادا على وثيقة نشرتها الحكومة في يونيو الماضي تتضمن إستراتيجية تطوير صناعة الطيران، لإنتاج 20 طائرة إقليمية بديلة للاستيراد بالكامل تُعرف باسم سوبرجيت-نيو سنويا اعتبارا من عام 2024.
كما تستهدف إنتاج 72 طائرة أم.أس-21 متوسطة المدى جديدة في عام 2029، بدءا من ست طائرات يتوقع إنتاجها في عام 2024.
وتختبر روسيا طائرتها الجديدة أم.أس-21 بمحرك بي.دي-14 محلي الصنع بدلا من محركات بي.دبليو 1400 جي أميركية الصنع التي قدمتها شركة برات آند ويتني.
وكانت أم.أس-21 التي يمكنها نقل 211 راكبا على الأكثر محاولة روسية لاقتحام الجزء الرئيسي من سوق الطائرات الذي تهيمن عليه شركتا أيرباص وبوينغ.
1036
طائرة تخطط روستيك لتسليمها بنهاية هذا العقد من طرز بينها سوبرجت وأم.أس-21
لكنها تكافح لاستبدال المكونات الأجنبية لسوبرجيت، بما في ذلك محرك أس.أي.أم-146 الذي صممه مشروع مشترك مع شركة سافران الفرنسية للمحركات ولم يعد من الممكن إنتاجه بسبب العقوبات.
وقالت روستيك إن شركة يو.أي.سي تواصل إنتاج طائرات سوبرجت بمحركات أس.أي.أم-146 الموجودة بالمخزون وستقوم بتسليم حوالي 20 طائرة أخرى مع هذا المحرك.
وأكدت أنه “ستكون آخر الحلول التي تستخدم فيها حلول شركائنا مع سافران ثم سنقوم بتركيب محركات بي.دي-8 على هذا النوع من الطائرات”، وهي محركات روسية الصنع.
كما أشارت إلى أنه “ابتداء من هذا العام، لا نعتمد على التعاون الدولي مع الدول الغربية. ويمكننا القول بثقة إن أم.أس-21 بمحركات أميركية الصنع لن يتم تسليمها إلى السوق الروسية”.
ووفقا لوثائق حكومية، تخطط روسيا تسليم 1036 طائرة بنهاية العقد الحالي. ويشمل ذلك 142 طائرة سوبرجت الجديدة و270 من طراز أم.أس-21.
وبالإضافة إلى ذلك 70 طائرة توربينية من طراز أل 114، و70 طائرة من طراز تو 214 متوسطة المدى، و12 طائرة من طراز إيل 96 ذات الجسم العريض، مصممة محليا.
وحتى مع الصعوبات التي قد تواجهها وربما تجعل القطاع المحلي برمته يدخل في ركود اضطراري فإن لدى روستيك طموحات كبيرة وتقول إنها لا تتوقع تخفيف العقوبات و”نبني خططنا على أساس السيناريو الصعب الحالي”.