روسيا تتعهد بمنع أي تدخل عسكري أميركي في فنزويلا

تتجه الأزمة في فنزويلا إلى المزيد من التعقيد بعد أن أضحت كاراكاس مسرحا جديدا للصراع الروسي الأميركي بعد تسويات الساحة السورية. ويشكل الشارع المنقسم بين مؤيد لنيكولاس مادورو ومناصر للرئيس الانتقالي خوان غوايدو المدعوم من دول الغرب، عثرة حقيقية أمام إحراز أي تقدم لحل الأزمة على المدى القريب بينما يتحصن الرئيس الاشتراكي بمؤسسة الجيش القوية التي لم تفلح الإغراءات الأميركية في استدراجها إلى الانقلاب.
موسكو – قالت فالنتينا ماتفيينكو الأحد إن موسكو ستبذل قصارى جهدها لمنع أي تدخل عسكري أميركي في فنزويلا، فيما لا تستبعد واشنطن القيام باجتياح عسكري لكاراكاس لإنهاء الأزمة التي نشبت إثر إعلان رئيس الجمعية الوطنية خوان غوايدو نفسه رئيسا انتقاليا للبلاد.
وتعهدت ماتفيينكو رئيسة مجلس الاتحاد الروسي (الغرفة العليا بالبرلمان) بأن تبذل بلادها قصارى جهدها لمنع أي تدخل عسكري في فنزويلا، وذلك خلال اجتماع مع ديلسي رودريغيز نائبة الرئيس الفنزويلي التي تقوم بزيارة عمل إلى موسكو.
وأضافت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي “نشعر بالخوف من احتمال قيام الولايات المتحدة بأي استفزازات من شأنها التسبب في إراقة دماء للتذرع والتدخل في فنزويلا. إلا أننا سنبذل قصارى جهدنا للحيلولة دون حدوث ذلك”.
وشددت على أن بلادها تعارض بصورة قاطعة أي تدخل خارجي في شؤون الدول المستقلة ذات السيادة.
وقالت ”إنني على ثقة بأنكم تلمسون التعاطف الروسي مع ما يحدث في فنزويلا وتضامننا مع الشعب الفنزويلي ودعمنا للحكومة الشرعية في كفاحها من أجل سيادة البلاد واستقلالها”.
وأشارت إلى أن بلادها ترى أن السلطات الأميركية هي من اصطنعت الأزمة في فنزويلا وأنه لا يمكن حلها إلا من خلال الحوار بين جميع القوى السياسية في البلاد.
وقالت لديلسي رودريغيز نائبة رئيس فنزويلا في موسكو “نشعر بقلق شديد من أن تقوم الولايات المتحدة بأي استفزازات لإراقة الدماء، لإيجاد مبرر واختلاق أسباب للتدخل في فنزويلا”.
وكان خوان غوايدو زعيم المعارضة ورئيس الجمعية الوطنية في فنزويلا قد أعلن نفسه في 23 يناير الماضي رئيسا مؤقتا للبلاد، وهو ما قوبل بدعم خارجي واسع خاصة من جانب الولايات المتحدة.
وروسيا والولايات المتحدة على خلاف بشأن الحملة التي قادتها واشنطن من أجل الاعتراف الدولي بزعيم المعارضة الفنزويلي بدلا من الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.
وأعلن غوايدو المتواجد في الإكوادور، في رسالة الأحد عبر تويتر، أنه سيعود الاثنين إلى كاراكاس ، على الرغم من خطر إلقاء القبض عليه، ودعا إلى احتجاجات جديدة ضد الرئيس نيكولاس مادورو.
وكان مادورو قد قال قبل أيام إن غوايدو من الممكن أن يتم القبض عليه لدى عودته لانتهاكه حظر السفر الذي فرضته عليه المحكمة العليا بعد أن نصب نفسه رئيسا مؤقتا في 23 يناير.
ومع ذلك غادر زعيم المعارضة فنزويلا في 22 فبراير للسفر إلى كولومبيا ودول أميركا الجنوبية الأخرى بما في ذلك البرازيل والأرجنتين في محاولة لحشد الدعم.
واعترفت أكثر من 60 دولة، من بينها الولايات المتحدة، بغوايدو رئيسا مؤقتا لفنزويلا، بينما يلقى مادورو دعما من روسيا والصين وكوبا وبوليفيا ونيكاراغوا.
ورفعت الولايات المتحدة نبرتها ضد مادورو، مع اعتبار وزير الخارجية مايك بومبيو القائد التشافي أنه “أسوأ من أسوأ المستبدين”، دون أن يستبعد استخدام القوة ضده. وقال أيضاً إنه “متأكد من أن أيام مادورو معدودة بفضل الفنزويليين”.
والأحد، أعلن جون بولتون أن الولايات المتحدة تسعى لإنشاء تحالف واسع يمكنها من خلاله تغيير السلطة في فنزويلا، لكنه قال أيضا إن جميع الخيارات مطروحة، في إشارة إلى التدخل العسكري.
وفرضت الولايات المتحدة الجمعة عقوبات جديدة على مسؤولين عسكريين فنزويليين قريبين من “الرئيس السابق غير الشرعي” نيكولاس مادورو لمنع وصول المساعدة الإنسانية، وفق ما أفادت به وزارة الخزانة.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين إن منع مادورو “شاحنات وسفنا محملة بمساعدة إنسانية هو آخر مثال على استغلال نظامه غير الشرعي إيصال المواد الغذائية الضرورية للتحكم في الفنزويليين الضعفاء”، لافتا إلى فرض عقوبات “على عناصر في قوات الأمن التابعة لمادورو ردا على العنف القمعي والوفيات المأساوية وإحراق مواد غذائية وأدوية موجهة إلى فنزويليين مرضى وجياع″.
والخميس، استخدمت كل من روسيا والصين الفيتو في مجلس الأمن الدولي رفضا لمشروع قرار أميركي يدعو إلى تنظيم انتخابات رئاسية في فنزويلا وإيصال المساعدات الإنسانية بلا عراقيل إلى هذا البلد.
وكان الجيش الفنزويلي منح دخول شحنة مساعدات إنسانية إلى كاراكاس، مما أدى إلى أعمال عنف.
وقال بولتون، إن تصرفات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو “لن تمر دون عقاب”، مؤكدا دعم بلاده لزعيم المعارضة خوان غوايدو.
وأضاف “إن تصرفات مادورو لن تمر دون عقاب. الولايات المتحدة اتخذت إجراء ضد محافظي الحدود الفنزويلية الذين ساهموا في منع دخول المساعدات الإنسانية الدولية اللازمة، وانخرطوا في فساد مستشر”.
وتابع أن “الولايات المتحدة تقف مع الرئيس الشرعي للشعب الفنزويلي خوان غوايدو، الذي أظهر قيادة حازمة لإنهاء المعاناة في فنزويلا ووضع حد لفساد ووحشية نظام مادورو”.
ويعكس الموقف الأوروبي الرافض لأي تدخل عسكري في فنزويلا، توجس القادة الأوروبيين من إقدام الولايات المتحدة على مثل هذه الخطوة بعد فشل محاولاتها في استمالة كبار العسكريين في كاراكاس للانشقاق على الرئيس نيكولاس مادورو وإنهاء الأزمة المتفاقمة بأقل التكاليف الممكنة.
ويرى متابعون أنه لا يمكن التكهن بمواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه الوضع في فنزويلا رغم استبعاد كبار المسؤولين الأميركيين اجتياحا وشيكا لكاراكاس. ويؤكد الإجماع الدولي على رفض التدخل العسكري المباشر لإنهاء الأزمة المخاوف من تحول فنزويلا إلى سوريا جديدة لاسيما مع التدخل الروسي غير المشروط في الأزمة.