روسيا تتصدى للتلاعب بمصطلح المقاتلين الأجانب في ليبيا

في جلسة لمجلس الأمن الدولي اعترضت روسيا على مشروع قرار بريطاني حول ليبيا برفضها عبارة "مرتزقة" الواردة ضمن المقترح، ما أعاق التصويت على النص.
الجمعة 2020/02/07
أزمة ليبيا أمنية بالأساس

طرابلس- عرقلت روسيا التصويت على مشروع قرار بريطاني حول ليبيا عندما اعترضت على بعض تفاصيله وطلبت إدخال تعديلات عليه لاسيما فيما يتعلق بالتلاعب بالمصطلحات بشأن المقاتلين الأجانب في ليبيا وهو ما تصدت له موسكو.

واعترضت روسيا الأربعاء في جلسة لمجلس الأمن الدولي على مشروع قرار بريطاني حول ليبيا، برفضها وفق دبلوماسيين عبارة “مرتزقة” الواردة ضمن المقترح، ما أعاق التصويت على النص.

وقال السفير الروسي فاسيلي نبينزيا إن “هناك فقرات في القرار تطرح إشكالية”، من دون الخوض في التفاصيل، وذلك عقب جلسة لمجلس الأمن دعت إليها موسكو على عجل. وأضاف “قررنا مواصلة المباحثات مع بقية” الشركاء في المجلس.

والنص الذي عُرض على أعضاء مجلس الأمن كان سيطرح على التصويت لكن طلب روسيا إدخال تعديلات على النص البريطاني حال دون ذلك. وتشمل التعديلات التي طلبت روسيا إدخالها فقرة “قلق (المجلس) إزاء الانخراط المتزايد للمرتزقة في ليبيا”، واستبدال عبارة “مرتزقة” بـ”مقاتلين إرهابيين أجانب”.

تركيا أرسلت سوريين ينتمون إلى تنظيمات متطرفة مثل القاعدة وداعش إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق

وتحدّث مصدر بريطاني عن صعوبات تواجهها المملكة المتحدة مع روسيا والولايات المتحدة في المباحثات حول النص والمستمرة منذ أكثر من أسبوعين. وقالت السفيرة البريطانية كارن بيرس إن “المحادثات مستمرة” في مجلس الأمن، مضيفة “نريد إجماعا حول النص” كما “نريد أن يتم تبنيه سريعا”.

وقال دبلوماسي إن روسيا وجنوب أفريقيا طلبتا إدخال تعديلات على النص البريطاني.

وأصبح النص البريطاني أمام احتمالين: إما إجراء محادثات جديدة بين أعضاء مجلس الأمن، وإما إصرار بريطانيا على إجراء التصويت على مسودتها التي يمكن أن تستخدم روسيا حق النقض لمنع إقرارها.

وكشف تقرير جديد صادر عن وكالة الأنباء “أسوشييتد برس” أن تركيا أرسلت أكثر من 4 آلاف مسلح أجنبي إلى طرابلس، وأن العشرات منهم ينتمون إلى تنظيمات  متطرفة، للمشاركة في الحرب هناك.

ووفق الوكالة، واستنادا إلى مصادرها من قادة الميليشيات الليبية والمرصد السوري لحقوق الإنسان، أرسلت تركيا سوريين ينتمون إلى تنظيمات مصنفة “إرهابية” من عدد من الدول والمنظمات الدولية ومن بينها تنظيما القاعدة وداعش إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الليبية في معركتها ضد قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

فيما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وجود 130 مسلحا على الأقل ينتمون إلى تنظيم داعش أو القاعدة من بين قرابة 4700 مرتزق سوري تدعمهم تركيا للقتال مع حكومة فايز السراج.

وأوضح المصدر أن عناصر داعش انضموا إلى ما يسمى “الجيش الوطني السوري”، وهو تحالف شكلته تركيا من مختلف الفصائل التي تقاتل قوات النظام السوري.

وغرقت ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي في 2011. وتتصارع على السلطة في هذا البلد حكومتان، سلطة تمثلها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج ومقرّها في طرابلس وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى يمثلها البرلمان الذي يعمل من طبرق والحكومة المنبثقة عنه والداعمان لقوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يشنّ منذ حوالى 10 أشهر عملية عسكرية لتحرير العاصمة من سطوة الميليشيات المسلحة.

وفي ختام مؤتمر برلين، الذي عُقد في الـ19 من يناير الماضي لبحث سبل حلّ النزاع في ليبيا، تعهّدت الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي التزام الحظر الدولي المفروض على إرسال أسلحة إلى ليبيا وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لهذا البلد. وفي أعقاب مؤتمر برلين، دعا مجلس الأمن في بيان طرفي النزاع في ليبيا إلى التوصّل “في أقرب وقت ممكن” لوقف لإطلاق النار يتيح إحياء العملية السياسية الرامية لوضع حدّ للحرب الدائرة في هذا البلد.

وأمام هذه الفوضى الأمنية والسياسية، يبدو الليبيون كأنهم فقدوا الأمل في خروج بلادهم من النفق المظلم الذي دخلت فيه منذ سنوات، في ظل فشل المجتمع الدولي في كبح التدخلات الأجنبية التي تجعل كل حل ليبي – ليبي بعيد المنال.

النص الذي عُرض على أعضاء مجلس الأمن كان سيطرح على التصويت لكن طلب روسيا إدخال تعديلات على النص البريطاني حال دون ذلك

ويقول نوري بن غرسة، وهو موظف حكومي، “الليبيون سمحوا للأطراف الأجنبية بالتوغل في شؤونهم الداخلية منذ إسقاط نظام القذافي، ومنذ ذاك التاريخ لم يتمكنوا من التحرر من هذه التبعية”.

ويتابع بن غرسة، بينما يقوم بشراء بعض الخضار في سوق مدينة جنزور غرب طرابلس، “السياسيون ساهموا في هذه التبعية للأجنبي، نراهم يمتنعون عن الحوار داخل ليبيا، فيما يهرولون إلى عواصم أجنبية لتفرض عليهم أجندة دول بعينها، بدلا من صناعة قرارهم السياسي داخليا بعيدا عن التأثير السلبي الخارجي”.

وسقط نظام القذافي بعد انتفاضة شعبية عارمة ضده تلاها تدخل عسكري شاركت فيه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. وأعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في بيان صدر نهاية الشهر الماضي، عن “الأسف الشديد (…) للانتهاكات الصارخة المستمرة” في ليبيا.

وأكدت أن “الهدنة الهشة مهددة بما يجري من استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من الدول الأعضاء، من بينها دول شاركت في مؤتمر برلين”.

ونشرت في المدة الأخيرة وسائل إعلام محلية ودولية صورا ومقاطع فيديو تظهر أسلحة تركية ومقاتلين سوريين موالين لأنقرة وصلوا حديثا إلى طرابلس ليقاتلوا إلى جانب قوات حكومة الوفاق.

4