روسيا تبحث عن تعويض خسائرها البشرية في أوكرانيا

موسكو ترصد حوافز مالية ضخمة للملتحقين الجدد بجبهات القتال.
الثلاثاء 2022/07/12
مجندون جدد يفتقرون إلى الخبرة العسكرية

رغم وجود إحصائيات متضاربة حول الخسائر البشرية للجيش الروسي في أوكرانيا، يجمع محللون على أن موسكو في حاجة إلى تعويض هذه الخسائر لمواكبة حرب الاستنزاف طويلة الأمد التي يخطط لها الغرب من خلال مدّ أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة.

موسكو- تسعى موسكو لتعويض الخسائر البشرية المتصاعدة في حرب أوكرانيا بالترويج لامتيازات مالية للملتحقين الجدد بجبهات القتال، لكن محللين عسكريين يؤكدون أن هذه الخطة لا تعالج العجز في القوى البشرية.

ولذلك تحتاج القوات الروسية إلى المزيد من الجنود، ويستخدم الروس بالفعل ما يسميه بعض المحللين “التعبئة الخفية” لجلب مجندين جدد إضافة إلى اللجوء إلى التجنيد الوطني المحفوف بالمخاطر سياسيا.

ولتعويض النقص في الجنود يعتمد الكرملين على مزيج من الأقليات العرقية الفقيرة، والأوكرانيين من المناطق الانفصالية، والمرتزقة ووحدات الحرس الوطني العسكرية لخوض الحرب، ووعد بتقديم حوافز مالية ضخمة للمتطوعين.

وتعليقا على ذلك قال المحلل الروسي في مركز ويلسون بواشنطن كامل جاليف “روسيا لديها مشكلة في التجنيد والتعبئة”، مضيفا أن موسكو تستخدم كافة السبل لتجنيد المزيد من الرجال.

وكشفت تقارير إعلامية أن موسكو كثفت التجنيد في الشركات العسكرية الخاصة والمرافق الإصلاحية، حيث يتم وعد السجناء بالعفو الكامل إذا أوفوا بالعقد المبرم معهم. ولمواجهة النقص في عدد الجنود تجند موسكو سجناء في عدة منشآت إصلاحية بالبلاد، قبل أن يتم إرسالهم إلى مركز تدريب عسكري تابع لمرتزقة فاغنر لتأهيلهم للحرب في أوكرانيا.

وتعاني القوات الروسية من نقص في العتاد والجنود، ما اضطر موسكو إلى الاعتماد على ناقلات الجند المدرعة القديمة وإطلاق حملات تجنيد جديدة.

وفي ظل توقف عملياتي للقوات البرية الروسية، كثفت روسيا من قصفها الصاروخي لعدة مناطق في شرق أوكرانيا.

وقالت قيادة العمليات الجنوبية الأوكرانية الاثنين إن “العدو في منطقة عملياتنا يبقى خلف الخطوط الدفاعية، لا يتقدم برا، ليس لديه الفرص ولا القدرات لخلق مجموعات ضربات جديدة”.

ومع تزايد التقارير بشأن ارتفاع عدد القتلى الروس في الصراع الدائر منذ أكثر من 4 أشهر، لجأ الجيش الروسي أيضا إلى تدشين “حملات دعائية واسعة”، ومحاولة “إعادة تنشيط قوات الاحتياط”.

وبعد أسابيع قليلة من الغزو نشرت صفحات روسية على الإنترنت إعلانات عن حاجة وزارة الدفاع إلى “الآلاف من الوظائف” في كافة التخصصات، وفقا لتقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”. ومازالت تلك الإعلانات مستمرة ويتم تحديثها كل بضعة أيام.

وخلال الشهر الماضي كانت جهود التجنيد واضحة في مدينة سانت بطرسبرغ، حيث دعا بعض الضباط المارة إلى زيارة مكتب التجنيد و”معرفة مزايا الخدمة في جيش محترف”.

◙ روسيا لجأت إلى استخدام مقاتلين مأجورين لتعزيز قواتها منذ بداية الحرب
روسيا لجأت إلى استخدام مقاتلين مأجورين لتعزيز قواتها منذ بداية الحرب

وتقدم قوائم الوظائف ومنشورات التوظيف راتبا أساسيا ما بين 3500 إلى 4000 دولار شهريًا مع المكافآت، ما يتجاوز متوسط الرواتب في روسيا والذي يقدر بحوالي 600 دولار شهريا.

وتجري روسيا ما يعرف بـ”تجنيد الربيع”، والذي يسعى لتجنيد حوالي 130 ألف رجل تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاما بحلول منتصف يوليو.

وبموجب القانون الروسي لا يمكن إرسال المجندين إلى المعركة ما لم يخضعوا لتدريب لمدة أربعة أشهر على الأقل، وقد تعهد الكرملين مرارا بعدم إرسال المجندين إلى أوكرانيا دون تأهيل.

ولكن يبدو أن ذلك لم يكن يحدث على أرض الواقع، فقد اشتكى جنود روس من الدفع بهم إلى المعارك في أوكرانيا دون وجود خبرات عسكرية سابقة.

وفي إطار الحملة تتواصل الجهات الرسمية الروسية مع رجال مؤهلين للتجنيد لإقناعهم بـ”مزايا الخدمة العسكرية التعاقدية”.

وتلقى أحد أبناء مدينة سانت بطرسبرغ ويدعى نيكيتا يوفيريف إحدى تلك الاتصالات، وعرضت عليه المتصلة وظيفة بالقوات الروسية، وطلبت منه القدوم إلى مكتب التجنيد لمعرفة المزيد من التفاصيل.

وأما ديمتري فقال إنه تلقى مكالمة مماثلة من أحد المجندين في منطقة موسكو، حيث سأله المتصل عن رغبته في الحصول على “وظيفة بعقد قصير الأجل من ثلاثة إلى ستة أشهر براتب تنافسي”، داعيا إياه للحضور إلى المكتب.

لكن كليهما رفض تلك الدعوة خوفا من عدم العودة إلى المنزل مرة أخرى في حال التوجه إلى مكتب التجنيد.

وكانت مكاتب التجنيد تستدعي بعض جنود الاحتياط لإجراء “فحوصات” و”تحديث للمعلومات الشخصية”، ثم تعرض عليهم عقود “التحاق بالجيش”، وفقا لجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان.

وقال أستاذ التاريخ بالجامعة الكاثوليكية والعضو السابق في فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأميركية مايكل كيميج “هناك أسباب وجيهة لانخفاض الروح المعنوية من الجانب الروسي”.

وأضاف “الحرب لا تسير على ما يرام، والغرض منها غير واضح، وخوض حرب ضد جار يسهل التواصل معه يمثل عبئا نفسيا على الجنود”.

وحسب محللين فإن قدرات الجيش الروسي تناسب الحملات المكثفة قصيرة الأمد التي يحددها الاستخدام المكثف للمدفعية، لكنه غير قادر على خوض حرب استنزاف طويلة.

ولجأت روسيا إلى استخدام مقاتلين مأجورين لتعزيز قواتها منذ بداية الحرب، وفي شهر أبريل قال مسؤول أوروبي إن التقديرات تشير إلى نشر ما بين 10 آلاف و20 ألف مرتزق في دونباس بينهم مقاتلون من فاغنر.

وقدرت المخابرات البريطانية أن الخسائر الروسية في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب وصلت إلى 20 ألف جندي، فيما قدر المسؤولون الأوكرانيون أن حوالي 30 ألف جندي روسي لقوا حتفهم بالفعل.

الكرملين يعتمد على مزيج من الأقليات العرقية والأوكرانيين من المناطق الانفصالية والمرتزقة لخوض الحرب

وفي المقابل كشف وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف حشد بلاده “قوة مقاتلة مزودة بأسلحة غربية لاستعادة أراضيها الجنوبية من روسيا”.

وقال إن العالم الديمقراطي متحد في رغبته بـ”خسارة روسيا للحرب”، مضيفا “ستكون هذه الحرب نهاية الإمبراطورية الروسية”.

وتوقع وزير الدفاع الأوكراني “انهيار الاتحاد الروسي وتشكيل عدة دول بدلا منه”، مضيفا “سنشهد في العامين المقبلين دعوات متعددة للخروج من الاتحاد الروسي”. وتابع “شركاؤنا في لندن وواشنطن وعواصم عالمية أخرى يستثمرون فينا ليس فقط الأموال، ولكن أيضا توقعات شعوبهم”، مضيفا “يجب أن نكسب هذه الحرب معا”.

وتركز روسيا القسط الأكبر من هجومها على شرق أوكرانيا في منطقة دونيتسك بعد فرض سيطرتها على منطقة لوغانسك المجاورة والتي تشكل مع دونيتسك إقليم دونباس.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية كذلك عن هجمات في شرق أوكرانيا، وذكرت أنها دمرت مستودعا لتكنولوجيا عسكرية تلقتها أوكرانيا من الغرب في خاركيف وذخائر لعدة قاذفات صواريخ تلقتها من الولايات المتحدة في دنيبرو.

وتعرضت مدينة خاركيف القريبة من الحدود الروسية لضربات عنيفة في المرحلة الأولى من الحرب، أعقبتها فترة من الهدوء النسبي، لكنها عادت لتتعرض لقصف عنيف في الأسابيع الأخيرة.

5