روتايو يبحث في الرباط عن درع أمني فرنسي مغربي مشترك

زيارة وزير الداخلية الفرنسي المغرب تعزز شراكة أمنية استراتيجية في ظل توتر إقليمي، لكن ملف التأشيرات يظل تحديا أمام تعزيز العلاقات بشكل كامل وعادل.
الاثنين 2025/04/14
الهجرة ومكافحة الجريمة المنظمة والتأشيرات على أجندة المباحثات

الرباط - يجري وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو زيارة قصيرة إلى الرباط الاثنين من المتوقع أن يبحث خلالها التعاون الأمني بين البلدين مع نظيره المغربي عبدالوافي لفتيت.

ووصل روتايو إلى الرباط مساء الأحد، ولن تستمر زيارته سوى بضع ساعات، سيبحث خلالها مع لفتيت بشكل رئيسي في التعاون في مجال الهجرة ومكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات، وفق وزارة الداخلية الفرنسية، وهي قضايا أمنية مشتركة تزداد إلحاحا في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.

وتُجسد هذه الزيارة الأهمية القصوى التي توليها باريس للرباط كحليف استراتيجي لا غنى عنه في الحفاظ على الأمن القومي الفرنسي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود، وذلك بفضل خبرة المغرب الواسعة في مكافحة الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة.

ويعتبر التعاون المغربي الفرنسي في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي لكافة أشكال الجريمة المنظمة، نموذجيا، وقد أفضى تنسيق وتبادل للمعلومات الاستخباراتية بين البلدين في أكثر من مرة إلى تجنيب فرنسا هجمات إرهابية.

كما تُدرك فرنسا الدور المحوري للمملكة كنقطة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة نحو أوروبا، مما يجعل التعاون الفعال ضرورة مُلحة لإدارة هذا الملف المعقد بشكل مشترك.

في المقابل، يُمثل هذا التعاون الأمني المتعمّق مكسبا استراتيجيا للمغرب أيضا، فهو يتيح للمملكة الاستفادة من الخبرات والتقنيات الفرنسية المتقدمة في المجالات الأمنية الحيوية، مما يُعزز قدراتها الوطنية في مواجهة التحديات.

كما يأتي هذا التقارب في سياق اعتراف فرنسي مُتزايد بأهمية الدور المغربي في المنطقة ودعم لموقفه في ملف الصحراء المغربية على الساحة الدولية.

وعلاوة على ذلك، فهذا التعاون الوثيق يفتح آفاقا لدعم أوروبي أوسع للمغرب في قضايا مشتركة، بما في ذلك ملف الهجرة والمساعدات التنموية، ويُعزز صورته كشريك إقليمي مسؤول وموثوق به.

وتأتي هذه الزيارة في أعقاب تحسن كبير في العلاقات بين باريس والرباط منذ اعتراف فرنسا في صيف 2024، بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية المتنازع عليها لتنتهي بذلك سنوات من التوتر، وخصوصا فيما يتصل بقضية الهجرة.

ولكن بعد هذا الاعتراف، ازداد تدهور العلاقات بين فرنسا والجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو التي تنادي باستقلال الصحراء المغربية. وطلبت الجزائر من 12 موظفا في سفارة فرنسا مغادرة الأراضي الجزائرية في غضون 48 ساعة، وفق ما أعلنت باريس الاثنين.

وتُعد محادثات روتايو استكمالا للقاء سابق جمعه بنظيره المغربي خلال زيارة إيمانويل ماكرون إلى المغرب في أكتوبر الماضي والتي أعلن خلالها الرئيس الفرنسي عن "شراكة معززة" بين فرنسا والمغرب لمكافحة الهجرة غير النظامية ومختلف أشكال الاتجار بالبشر.

وكذلك، ناقش الطرفان حينها مسألة إعادة المواطنين المغاربة الموجودين بدون تصاريح إقامة في فرنسا التي ترغب في ترحيلهم، لكن تتعثر عودتهم في أكثر الأحيان لعدم إصدار الرباط تصاريح قنصلية تسمح بذلك.

وأعلن روتايو الخميس عن زيارته إلى الرباط بهدف "تعزيز التقدم المحرز مع هذا البلد، وخصوصا ما يتعلق بالتصاريح القنصلية" لجهة إصدارها والوقت الذي يستغرقه الحصول عليها، وكذلك أعداد المرَحَّلين.

وخفضت فرنسا إلى النصف عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة في عامي 2021 و2022 للضغط على المملكة لاستعادة مزيد من مواطنيها الذين صدر قرار بترحيلهم وهو ما أدى إلى توترات دبلوماسية شديدة.

ويُذكر أن ملف التأشيرات لطالبي "شنغن" من المغاربة لا يزال يشكل نقطة حساسة، حيث يواجه الآلاف صعوبات وتكاليف مرتفعة، مع استمرار رفض العديد من الطلبات دون تعليل واضح، وهو ما دفع برلمانيين مغاربة إلى المطالبة بسياسة "المعاملة بالمثل" مع الدول الأوروبية.

وتُضاف هذه المعاناة إلى التوترات السابقة التي خلفتها سياسة باريس بخفض التأشيرات للضغط على الرباط في ملف الترحيل.

وحسب معطيات رسمية، تزايد تقديم طلبات الحصول على تأشيرة “شنغن” بشكل كبير جدا سنة تلو الأخرى، إذ تم تقديم أكثر من نصف الطلبات في السفارات والقنصليات الإسبانية بما مجموعه 84 ألفا و499 طلبا، تلتها فرنسا بما مجموعه 58 ألفا و310 طلبات.