رواية حائزة على جائزة غونكور تغذي التجاذب السياسي بين الجزائر وفرنسا

الجزائر- حولت المحامية والحقوقية الجزائرية فاطمة الزهراء بن براهم ندوتها الصحفية للإعلان عن مرافعتها لصالح سعادة عربان، التي تتهم الأديب والروائي كمال داود بسرقة قصتها وانتهاك سرها الطبي، إلى مرافعة سياسية اتهمت فيها دوائر سياسية فرنسية بالإيعاز إلى الكاتب بأن يصوغ روايته “حوريات” صياغة سياسية وأيديولوجية.
وتناول داود في روايته مرحلة الحرب الأهلية في الجزائر بين 1990 و2000 المعروفة بـ”العشرية السوداء”، ما أثار غضب السلطات الجزائرية.
واتهمت المحامية باريس بالضغط على الكاتب والروائي الفرانكو – جزائري كمال داود لإصدار عمله الأدبي “حوريات”، المتوج بجائزة غونكور في نسختها الأخيرة، وذلك في تلميح لتصفية حسابات سياسية وأيديولوجية بين فرنسا والجزائر، عبر منجز أدبي.
الندوة الصحفية للمحامية بن براهم حظيت بتغطية لافتة من طرف وسائل الإعلام الجزائرية، وهو ما يوحي برغبة في استغلالها في إطار التجاذب السياسي القائم بين البلدين
وصرحت في ندوة صحفية عقدتها للإعلان عن توكيلها للدفاع أمام القضاء عن سعادة عربان، التي تتهم الكاتب بسرقة قصة حياتها الشخصية، وانتهاك زوجته عائشة داود الطبيبة النفسية للسر الطبي، بأن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هو من ضغط على كمال داود لإصدار الكتاب، حسب ما قالت لي صديقة مقربة من داود.”
وحظيت الندوة الصحفية للمحامية بن براهم بتغطية لافتة من طرف وسائل الإعلام الجزائرية، وهو ما يوحي برغبة في استغلالها في إطار التجاذب السياسي القائم بين البلدين، خاصة وأن قطاعا عريضا من الإعلام المذكور يخوض حملة ضد الكاتب الذي يصفه بـ”المنقلب على شخصيته وهويته،” وبـ”توظيف ملكته الأدبية لخدمة أغراض معادية لمجتمعه الأصلي وللامتداد القومي الجزائري،” وذلك منذ الإعلان عن فوزه بجائزة غونكور.
وقالت المحامية بن براهم إن “اللجنة التي منحته الجائزة وأعضاءها الأربعة الذين رفضوا منح أصواتهم لداود، يطالبون اليوم بإعادة الاجتماع ومراجعة القرار بعد هذه الحقائق المستجدة.”
وانضمت منظمة “ضحايا الإرهاب”، التي تعنى بضحايا الجماعات الإسلامية المسلحة إبان العشرية الدموية، إلى لائحة المتبنين لقضية سعادة عربان، ورفعت هي الأخرى دعوى قضائية لدى محكمة وهران، على اعتبار أن السيدة تعرضت لمأساة دامية، حيث قام إسلاميون مسلحون بقتل جميع أفراد عائلتها ولم تسلم إلا هي، وكانت في سن الخامسة.
وكشفت المتحدثة أن محكمة وهران بغرب البلاد قبلت الدعوى المرفوعة ضد داود وزوجته بتهمة استخدام قصة إحدى مريضاتها في الرواية، و”سيتم استدعاؤنا ربما الأسبوع المقبل لتأكيد الدعوى.”
وقالت “سيتم استدعاء كمال داود وزوجته من مقر إقامتهما المعروف في وهران، وفي حالة عدم الحضور سيُحكم عليه غيابيا، ولا يمكن أن يدعي أنه لم يسمع بالقضية مع كل هذه الضجة.”
وكان داود رفض التعليق، حين استضافه هذا الأسبوع معهد العالم العربي، عن القضية، واكتفى بالقول “القضاء بيننا،” لكن دار “غاليمار” الفرنسية الناشرة لأعماله نددت الاثنين بـ”حملات تشهير عنيفة مدبرة من النظام الجزائري” ضد الكاتب منذ صدور روايته وفوزها بأكبر جائزة أدبية في فرنسا.
وأكدت المحامية، في تصريح للصحافيين، أنها “تقدمت بشكويين ضد كمال داود وزوجته الطبيبة النفسية التي عالجت الضحية سعادة عربان، في مستشفى بوهران، وأن الشكوى الأولى باسم المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب، والثانية باسم الضحية، التي تتهم الكاتب بسرقة حياتها الشخصية.”
وأضافت أن وقائع القضية “جرت في الجزائر والضحية جزائرية والكاتب جزائري والكتاب كُتب في الجزائر، قبل أن ينتقل كمال داود للعيش في فرنسا حيث نال الجنسية الفرنسية عام 2020.”
ولفتت إلى أن الدعوى تستند إلى قانون العقوبات الذي يدين إفشاء السر المهني بالنسبة إلى الأطباء كما في المادة 301 التي تنص على عقوبة تصل إلى الحبس ستة أشهر، والمادة 46 من قانون المصالحة الوطنية الذي طوى ملف العشرية السوداء.
وبحسب هذه المادة فإن العقوبة تصل إلى السجن خمس سنوات لكل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، وهو التعبير المستخدم في القانون للحديث عن الحرب الأهلية التي عاشتها الجزائر بين 1990 و2000.
وأكدت المحامية على أن “كمال داود طلب من الضحية نشر قصتها في رواية مقابل الحصول على أموال لكنها رفضت، لكنه رغم ذلك نشر كتابه بمساعدة زوجته، فهي التي أخبرته عن الوشم في ظهرها تماما كما في رواية ‘حوريات’، وأن النيابة ستفتح تحقيقا آخر حول اختفاء الملف الطبي لموكلتها من المستشفى، والذي سلمته الزوجة إلى زوجها من أجل تحويله إلى رواية أدبية.” وقالت “كمال داود صنع مجده على مأساة الضحية.”