رواية تفضح مآسي "بدون" الكويت تتوج بجائزة غسان كنفاني

"باقي الوشم" حكاية عائلة تقاوم التهميش وتناضل لأجل أبسط الأشياء.
الثلاثاء 2024/07/09
الجائزة تتوج الكاتب الكويتي عبدالله الحسيني

منذ إطلاقها مثلت جائزة غسان كنفاني للرواية العربية مساحة لتسليط الضوء على تجارب روائية عربية عديدة، معيدة إلى الأذهان الدور الاجتماعي والتاريخي للأدب، الذي يمكنه أن يكون الأداة الأبرز لمحاكمة الظلم ونصرة الإنسان، وها هي في دورتها الجديدة تتوج رواية كويتية تأتي في هذا السياق.

رام الله- فاز الروائي الكويتي عبد الله الحسيني اليوم الاثنين بجائزة غسان كنفاني للرواية العربية المنشورة في دورتها الثالثة والتي تحمل اسم أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية المؤثرة بمجال الصحافة والأدب.

ونال الحسيني الجائزة عن رواية “باقي الوشم” الصادرة عن منشورات تكوين في الكويت عام 2022.

رواية تقاوم التهميش

بوكس

واصلت الجائزة قبول الترشحات إلى غاية مطلع مايو 2024. وكانت خمس روايات قد بلغت القائمة القصيرة لدورة هذا العام التي أعلنتها وزارة الثقافة الفلسطينية في يونيو وضمت أعمالا من مصر وتونس وسلطنة عمان والكويت والأراضي الفلسطينية.

وقال الحسيني في تسجيل مصور بعد فوزه بالجائزة نشرته وزارة الثقافة الفلسطينية بصفحتها على فيسبوك “الرواية كلها مقاومة، مقاومة النفس والقهر والعجز والفشل والاستلاب، مقاومة الهامش والرواية الرسمية، وفي أبسط أشكالها مقاومة للقبح”.

تتناول رواية “باقي الوشم” قصة عائلة من البدون بالكويت، والبدون تسمية أطلقت على من لا يحملون أي جنسية أي «بدون جنسية» بمعنى آخر عديمي الجنسية أو غير محددي الجنسية، وتصور شكل حياتهم اليومية، والمعاناة الواقعة عليهم بسبب خطأ لا يد لهم فيه، متخذين من الجدة ذات السبعين عاما مركزا للأحداث منها تتفرع وإليها تعود وهي الشخصية التي تحرك عجلة السرد في العمل.

ومن خلال هذه الحكاية المؤلمة، يسرد الكاتب شخصيات العائلة المختلفة، التي يوجد فيها أب عسكري، وأم ربة منزل، وأولاد يكافحون من أجل كل شيء، مهما كان يبدو لك بسيطا، إلا أنهم لا ينالون أبسط حقوق الحياة بيسر، بل الأمر غاية في التعقيد، حيث يهمش الإنسان ويترك بلا انتماء وبلا اهتمام.

وقد وضع الكاتب في الحسبان جوانب عميقة في طرح التفاصيل المعقدة للقضية من الداخل، على رأسها امتدادات الجذور وتنوعها وكيف يتم التعامل معها، ما بين حمضة السحاب وجذورها التي تنتمي إلى إحدى العشائر الشمالية الممتدة إلى العراق وهويتها التي لم تستطع تغييرها سواء كان باللهجة أو بالملامح التي يشكل منها الوشم “الدق” تاريخا منقوشا لا يمكن محوه ولا تجاهله، ذلك التاريخ الذي تستعر منه حفيدتها “الهايشة” وتراه سببا في وضعهم الاجتماعي المعقد، ويراه محمد بأنه غير مجبر أن يدعي أصولا غير أصوله ولا لهجة غير لهجته كي يتقبله المجتمع، وتعامل هذه العائلة مع الواقع المعاش والصمود أمامه، ولحظات الترقب لمستقبل كل ما فيه غامض ومبهم.

وأطلقت وزارة الثقافة الفلسطينية جائزة غسان كنفاني للرواية العربية المنشورة عام 2022 في الذكرى الخمسين لاغتيال غسان كنفاني (1936-1972) وفاز بها في العامين السابقين المصري عمرو حسين والسوري المغيرة الهويدي.

احتفاء بعلم ثقافي

 

في وقت سابق من يوم الإثنين الثامن من يوليو، أحيا الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين الذكرى الثانية والخمسين لرحيل كنفاني.

وقال الاتحاد في بيان “سنوات مديدة وأجيال متعاقبة وأنت قنطرة فلسطين العالية، وزينة شبابها الشهداء، وكنت الحاضر في كل منازلة، وعند كل مواجهة، لأن الدم الطاهر الذي نزف منك منير في جنبات عزائمنا، ولا ينقص رحيلك من حضورك النضالي والإبداعي، لأنك اسم كبير من أسماء فلسطين الخالدة”.

استذكر الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، الأديب غسان كنفاني، في ذكرى استشهاده.

صدر لكنفاني حتى تاريخ وفاته المبكر ثمانية عشر كتابا، وكتب مئات المقالات والدراسات في الثقافة والسياسة ونضال الشعب الفلسطيني، ترجمت معظم أعماله إلى حوالي 16 لغة في عشرين دولة مختلفة. وكانت أهم أعماله الأدبية: رواية “رجال في الشمس”، ورواية “عائد إلى حيفا”، و”الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968.

ونال عام 1966 جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان عن روايته “ما تبقى لكم”، كما منح لاسمه بعد استشهاده عدة جوائز أهمها: جائزة منظمة الصحفيين العالمية في 1974 وجائزة اللوتس في 1975، ومنح وسام القدس للثقافة والفنون في 1990.

وفي الثامن من يوليو 1972، استشهد الثائر والأديب الفلسطيني غسان كنفاني، بتفجير مركبته في منطقة الحازمية قرب العاصمة اللبنانية بيروت، برفقة ابنة شقيقته فايزة، لميس حسين نجم.

وتعتبر الجائزة الممنوحة باسم الروائي واحدة من أرفع الجوائز التي تمنحها فلسطين للناحية الاعتبارية والرمزية لغسان كنفاني، ولما يمثله في الوجدانيْن العربي والفلسطيني، ولإسهاماته في الحركة الوطنية الفلسطينية والاشتباك الثقافي لصالح الهوية العربية والفلسطينية، حيث تشرف على هذه الجائزة وترعاها وزارة الثقافة.

 وتسعى هذه الجائزة إلى تشجيع الكتابة الروائية وتقدير المساهمات التي تعزز التوجهات الجمالية والحضارية وتعمق الوعي القومي والوطني، والقيم التي مثلتها حياة غسان كنفاني ونضاله من أجل حرية شعبه وما قدم من أفكار ورؤى في كتاباته، وأنها تحمل اسم واحد من أعلام الرواية العربية، وقامة من قامات النضال والوعي والكتابة في فلسطين، حيث عمل في ميادين الفعل كافة من أجل فلسطين، وقدم حياته من أجل حريتها وحرية شعبها.

12