رهان عراقي على جذب الاستثمار لتحريك عجلات السياحة

11 مشروعا تنوي الحكومة تطويرها في بغداد والموصل وبابل وأور مع زيادة طاقة استيعاب الفنادق.
الثلاثاء 2025/03/11
معالم تستحق الاستكشاف

يحدو المسؤولين العراقيين تفاؤل بشأن تحريك عجلات قطاع السياحة خلال السنوات المقبلة عبر الرهان على جذب الاستثمار لتطوير مشاريع في العديد من المحافظات أملا في زيادة زخم هذا المجال بما يدعم النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل للشباب.

بغداد - يعكف العراق على إتمام دراسات لمشاريع سياحية ضخمة لطرحها على المستثمرين المحليين والدوليين خلال وقت لاحق هذا العام، تزامنا مع سعيه لجذب المزيد من السياح من الخارج لزيارة المواقع الأثرية المنتشرة عبر البلاد.

وأفاد ناصر غانم رئيس هيئة السياحة لبلومبيرغ الشرق الاثنين بأن المشاريع قيد الدراسة هي عبارة عن منتجعات سياحية متكاملة تشمل فنادق ومطاعم ومدنا ترفيهية في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد وخاصة في مناطق الرضوانية وعقرقوف والمدائن وغيرها.

وقال إن “الحكومة تولي اهتماما خاصا بتطوير المواقع الأثرية عبر المدن العراقية المختلفة، وخاصة في بغداد والموصل وبابل وأور وغيرها.”

ناصر غانم: المشاريع قيد الدراسة تشمل فنادق ومطاعم ومدنا ترفيهية
ناصر غانم: المشاريع قيد الدراسة تشمل فنادق ومطاعم ومدنا ترفيهية

وفي إطار مساعيه لتنويع الاقتصاد عبر الاعتماد على القطاعات غير النفطية، يخطط العراق حاليا لتنفيذ 21 مشروعا سياحيا، لمواكبة اختيار “المنظمة العربية للسياحة” بغداد كعاصمة للسياحة العربية لعام 2025.

وقررت الحكومة في يناير الماضي، توجيه الدعوة لشركة إسبانية، لم تذكر اسمها، متخصصة بمجال التطوير السياحي من أجل إنشاء المشاريع وبناء منشآت ومرافق سياحية وترفيهية جاذبة.

وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال اجتماع حينها إن “السياحة ومقوماتها متوافرة في العراق، وقد تتحول إلى مصدر أساسي في الاقتصاد غير النفطي، مع توافر الفرص والرغبة في الانتفاع والتمتع بمرافق عصرية ومتطورة وصديقة للبيئة.”

ودعا إلى بناء منشآت ومرافق سياحية وترفيهية جاذبة، وتجاوز المعرقلات البيروقراطية، وتهيئة المزيد من الظروف المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع.

وشهد العراق اضطرابات متواصلة تقريبا دامت عقودا، لكن الوضع يشهد تحسنا تدريجيا، مع ظهور الرافعات في بغداد ومدن أخرى للاتجاه إلى البناء وإعادة الشعور بالحياة الطبيعية مجددا.

وتعتبر السياحة من أبرز القطاعات التي تمتلك إمكانيات هائلة، يمكن لها أن تعزز الاقتصاد العراقي المدمن على مبيعات النفط، وتسهم في تنوع مصادر الدخل خلال السنوات المقبلة مع زيادة الإيرادات والتي بلغت نحو 1.6 مليار دولار في 2024.

كما أن أي خطط لتنمية القطاع ستساعد في توليد فرص عمل للشباب العراقي والحد من البطالة التي تبلغ نسبتها 13.2 في المئة، وفق الأرقام الرسمية.

وعلى الرغم مما يزخر به البلد من مواقع أثرية وتاريخية، ومقومات سياحية دينية وطبيعية، إلا أن هذه الصناعة لا تزال تواجه تحديات كثيرة تعيق تطويره واستغلاله الأمثل.

1

مليون سائح يتوقع العراق أن يزورا المواقع الأثرية خلال الأعوام الخمسة المقبلة

ومن بين العلامات المثيرة للاهتمام أن القطاع في البلد لا يزال متخلفا بشكل كبير مقارنة بما تحظى به السياحة في الأردن مثلا أو دول الخليج العربي، إذ لا يوجد ما يبين أهمية الآثار المنتشرة في البلاد، كما لا يوجد في العراق مرشدون سياحيون معتمدون.

ومع ذلك، يتجه عدد صغير من السياح، لكنه متزايد، إلى العراق لرؤية مناطق الجذب التي تتباين من الصحاري والأهوار الشاسعة إلى أطلال المدن والإمبراطوريات الأقدم في العالم.

وتظهر التقديرات أن عدد زوار البلاد بلغ بنهاية العام الماضي، أكثر من 4.2 مليون سائح، معظمهم قدموا من إيران بواقع 3.8 مليون، بينما كان عدد السياح من أوروبا 400 ألف سائح أغلبهم من بريطانيا، بينما استقبل البلد قرابة 63 ألف سائح خليجي.

وأكثر المدن زيارة كربلاء والنجف، ثم بغداد وأربيل والبصرة وذي قار، الأمر الذي يتطلب من السلطات العمل على زيادة الترويج لبقية مناطق البلاد.

وأوضح غانم أن الحكومة تستهدف، إلى جانب السياحة الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية، تنشيط سياحة الآثار، خاصة أن العراق بلد أثري من الطراز الأول مع انتشار المواقع الأثرية عبر محافظاته المختلفة.

وكشف أن هيئة السياحة تعد دراسة ستقوم برفعها للوزارة المعنية قريبا، لاستهداف مليون سائح للمواقع الأثرية خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

وتتواكب مساعي تطوير السياحة مع مشروع طريق التنمية، الذي كشف عنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مايو 2023، والذي يربط بلاده بدول الخليج وتركيا مرورا بأوروبا، ويعد مشروعا واعدا إذا ما تحققت الشروط المطلوبة.

وتهدف بغداد عبر المشروع الذي يضم مجموعة طرقات وسكك حديد وموانئ ومدنا جديدة، إلى اختصار مدة السفر والشحن بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، والتحول إلى مركز للعبور عبر ميناء الفاو الذي يعد المحطة الأولى في هذا الممر التجاري.

وتحتاج العاصمة العراقية إلى 30 ألف غرفة فندقية، فئة خمس وأربع نجوم، لتتمكن من استيعاب مستهدفها الطموح من أعداد السياح.

مبادرة حضارة تستهدف تأسيس شركة استثمارية من أجل إنشاء منتجعات سياحية
مبادرة حضارة تستهدف تأسيس شركة استثمارية من أجل إنشاء منتجعات سياحية

وأشار غانم إلى أنه جار تشييد فنادق جديدة، تشمل موفنبيك وريكسوس وقلب العالم بحجم استثمارات تتجاوز نحو 200 مليون دولار. وقال إن “التوجه هو ترك هذه الفنادق لشركات سلاسل الفنادق العالمية لإدارتها.”

وذكر أنه إضافة إلى الفنادق الجديدة، فإن وزارة السياحة تلقت عروضا لتطوير فنادق قائمة في بغداد، شملت فنادق فلسطين والمنصور والسدير وعشتار، مؤكدا أن الانتهاء من عمليات التطوير تلك سيعيد تأهيل نحو 1300 غرفة فندقية وإعادتها إلى السوق.

وكان صندوق العراق للتنمية أطلق قبل بضعة أشهر مبادرة “حضارة” التي تستهدف تأسيس شركة استثمارية بالشراكة مع مجموعة من المستثمرين العراقيين والأجانب لإنشاء منتجعات سياحية في المناطق الأثرية بالعراق.

ويتطلع الصندوق إلى تنفيذ مشاريع استثمارية تصل قيمتها إلى 7 مليارات دولار، من بينها مبادرة حضارة الطموحة.

وسبق أن أكد محمد النجار مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار والمدير التنفيذي لصندوق العراق للتنمية، أن بلاده تملك نحو 12.5 ألف موقع مسجل لدى اليونسكو لم تُستغل بعد.

ومن بين أشهر المواقع أطلال بابل حيث كانت توجد الحدائق المعلقة التي تعد من عجائب الدنيا السبع. ومدينة أور القديمة حيث عاش النبي إبراهيم وشجرة آدم.

وتوقع النجار مساهمة الصندوق في جذب تدفقات بقيمة مليار دولار للقطاع السياحي في العراق هذا العام، مشيرا إلى أن القطاع يملك إمكانات ضخمة، لكن تحتاج إلى مليارات لتفعيلها.

11