رهان جزائري على تعافي الدينار لامتصاص آثار التضخم

الجزائر- وضع المسؤولون الجزائريون وخبراء اقتصاديون محليون رهانهم على تحسن العملة المحلية أملا في امتصاص البعض من آثار غلاء المعيشة التي يواجهها الناس بفعل ارتدادات الحرب في شرق أوروبا.
وتشير أرقام الخبراء وتأكيداتهم إلى أن قيمة العملة ارتفعت بواقع 12.5 في المئة منذ بداية هذا العام أمام سلة العملات الرئيسية قياسا بالعالم الماضي، حيث بات سعر صرف الدولار واليورو عند نحو 140 دينارا تقريبا.
وكانت ميزانية 2022 قد حدّدت قيمة العملة الأميركية عند نحو 149 دينارا، ما يعني أن المؤشرات تعكس أن العملة الجزائرية حققت تعافيا هو الأول لها منذ عقد من الزمن.

محمد حميدوش: تحسن العملة سيسمح بانخفاض أسعار الواردات
وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في وقت سابق هذا الشهر أن يسجل الدينار المزيد من التحسن ليصل سعر الدولار إلى 136 دينارا بنهاية العام الحالي.
ويقول خبراء إن الارتفاع الذي سجله الدينار منذ أسابيع ولاسيما خلال الأيام الأخيرة ساهم في امتصاص التضخم وعزز القدرة الشرائية للمستهلكين الذين عانوا من أزمات كثيرة مع ارتفاع الأسعار في الأسواق التجارية.
وتشير التقديرات إلى أن أسعار الاستهلاك في السوق المحلية تأرجحت بين 8 و10 في المئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام.
لكن مشروع “العملات المضطربة” في معهد كاتو الأميركي، الذي نشر مديره ستيف هانك إحصائيات على حسابه في تويتر، الاثنين الماضي، تظهر أن مؤشر التضخم بلغ في يونيو الماضي نحو 27 في المئة ما وضع الجزائر في المركز التاسع عشر عالميا.
وخلفت زيادة تكاليف الغذاء في جميع أنحاء العالم ضغوطا على الأسعار، وكان من المنطقي جدا أن يرتفع المؤشر الرئيسي لأسعار المستهلكين إلى حدّ لا يحتمل بالنسبة إلى عدد كبير من الجزائريين.
ويرى أستاذ الاقتصاد محمد حميدوش أن ارتفاع سعر الدينار سيسمح بانخفاض نسبي في أسعار المواد المستوردة ما سيسهم في تحسين القدرة الشرائية للأسر.
كما أن ذلك سيكون في صالح الشركات والمستثمرين وخاصة فيما يتعلق باستيراد المواد نصف المصنعة والتجهيزات. ونسبت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إلى الخبير قوله إن ذلك “سيرفع من رقم أعمالهم بشكل محسوس قبل نهاية 2022”.
ويتوقع حميدوش أن يستمر تحسن قيمة الدينار حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل، إذ لا يمكن “التكهن لوقت أطول بالتطورات الجيوسياسية التي تؤثر حاليا بشكل كبير على قيمة العملات”.
وثمة عوامل أثرت على قيمة الدينار، منها خارجية وتتعلق بارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية بسبب تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وقال الخبير إنه “بهذه الوتيرة في ارتفاع أسعار المحروقات فمن المحتمل أن يبلغ الاحتياطي النقدي مئة مليار دولار مع حلول 2023 ما سيعزز أكثر من قيمة العملة.
توقعات بأن تشهد السوق المحلية استقرارا في الأسعار وبطئا في التضخم، وبالتالي تحسنا في القدرة الشرائية للناس
أما العامل الثاني فهو داخلي ويتمثل بحسب حميدوش في سياسة التجارة الخارجية التي انتهجتها الحكومة والتي تسعى لزيادة قيمة الصادرات خارج الطاقة، وأيضا التحكم في الاستيراد والحد من تآكل الاحتياطي النقدي ما نتج عنه تحقيق فائض بالميزان التجاري.
وبهدف تحسين القوة الشرائية وافقت الحكومة مطلع أغسطس الماضي على زيادة الحد الأدنى للأجر المضمون وإلغاء الضرائب على ذوي الدخل المحدود وإنشاء إعانات بطالة وزيادة الرواتب للموظفين والمتقاعدين.
كما رفعت الحكومة في مارس الماضي رهانا صعبا يتمثل في ضمان الأمن الغذائي وحددت سقفا زمنيا لتحقيق ذلك لا يتعدى 18 شهرا، رغم الشكوك الكبيرة التي تحيط بنجاح خطتها في ظل استمرار ارتفاع التضخم وفقدان السيطرة على أسعار المواد الغذائية.
ويعتقد الخبير الاقتصادي مراد كواشي أنه مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق الدولية فإن الدينار سيكتسب مناعة أكبر خلال الأشهر المقبلة، لكنه أكد أنه للحفاظ على ذلك فإن على الحكومة زيادة الصادرات غير النفطية.
وتوقع في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن تشهد السوق المحلية استقرارا في الأسعار وبطئا في التضخم، وبالتالي تحسنا في القدرة الشرائية للناس، إضافة إلى أن ذلك سيسهم في زيادة النمو المتوقع عند 3.6 في المئة بنهاية هذا العام.