رهان جزائري على الصكوك السيادية لتنويع مصادر تمويل التنمية

خطوة مهمة في إستراتيجية عدم الاعتماد على عائدات الضرائب والقروض في تمويل المشاريع الاستثمارية والتنموية.
الاثنين 2024/12/02
رحلة البحث عن مستثمرين بلا توقف

الجزائر - تراهن السلطات الجزائرية على خيار الصكوك السيادية من أجل تنويع مصادر التمويل التي يحتاجها البلد النفطي لتنفيذ خططه المتعلقة بالتنمية الاقتصادية.

ويقول المسؤولون إنها خطوة مهمة في الإستراتيجية المتمثلة في عدم الاعتماد على عائدات الضرائب والقروض ذات الفوائد المرتفعة في تمويل المشاريع الاستثمارية والتنموية.

وتشكل الصكوك المدرجة في ميزانية 2025 التي تم المصادقة عليها قبل أسبوع من قبل الرئيس عبدالمجيد تبون أداة جديدة من شأنها تنويع مصادر تمويل مشاريع البنية التحتية وتخفيف الضغط على الخزينة العمومية.

وترى أوساط اقتصادية محلية أن هذه الخطوة من شأنها تقليل اللجوء إلى وسائل التمويل التقليدية وجذب استثمارات جديدة عبر تعزيز الشمول المالي والاعتماد على أدوات الصيرفة الإسلامية.

وتعد ‘الصكوك السيادية أدوات مالية إسلامية تعتمد على مشاركة المستثمرين في ملكية منافع أصول أو مشاريع، بدلا من إقراض المال بفائدة كما هو الحال في السندات التقليدية.

واعتبر المدير العام لشركة تسيير بورصة القيم يزيد بن موهوب الصكوك كمنتج مالي جديد لها أهمية وسيكون أداة إضافية في تمويل الاستثمارات العمومية.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن بن موهوب قوله إن “هذه الصكوك من شأنها زيادة قيمة وحجم المبادلات على مستوى سوق الأوراق المالية” في السوق المحلية.

وعلى مدار عقود ظلت الأموال المتأتية من تجارة النفط والغاز المصدر الرئيسي لنشاط القطاع المصرفي، مما جعلها تغرق في متاهة نمط قديم في الإدارة وجعل مساهمتها لا تذكر في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وتعمل في السوق الجزائرية 29 مؤسسة مصرفية، منها سبعة بنوك حكومية، وأكثر من 20 بنكا أجنبيا من دول الخليج وأخرى فرنسية وواحدة بريطانية.

وحول الإجراءات العملية لإطلاق سوق الصكوك السيادية على مستوى البورصة المحلية لفت بن موهوب إلى أن النظام العام الجديد للبورصة الذي صادقت عليه لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها (كوسوب) فتح المجال لإمكانية إنشاء هذه السوق.

يزيد بن موهوب: الصكوك كمنتج لها أهمية وستكون أداة تمويل إضافية
يزيد بن موهوب: الصكوك كمنتج لها أهمية وستكون أداة تمويل إضافية

وسيكون ذلك جنبا إلى جنب مع سوق السندات التقليدية الحالية (سندات الخزينة وسندات المؤسسات)، غير أن المسؤول يرى أن الأمر يرتبط أيضا بتعديل القانون التجاري.

وأوضح أنه يجب أن تذكر في القانون الصكوك بشكل صريح وبشكل يسمح للبنوك الاسلامية والمؤسسات المالية ومؤسسات التأمين ومؤسسات التأمين التكافلي بالاستفادة من هذه الأداة الجديدة من خلال توظيف مدخراتها.

ومن المتوقع أن يسهم هذا النوع من الاصدارات في تعزيز ثقة المستثمرين من خلال الشفافية في تمويل وانجاز المشاريع من واردات الصكوك وتأكيد التزاماتها بتمويل إنجازات آمنة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وبحسب وزير المالية لعزيز فايد سيسمح ذلك المسار بدمج البنوك الإسلامية في سوق الدين العام والاستفادة من مستثمريه. وكان فايد قد أكد خلال مناقشة الميزانية الجديدة في البرلمان قد أكد أن الصكوك السيادية تشكل أداة لتنويع مصادر تمويل الاستثمارات العمومية.

وقال إنها تسهم “في امتصاص الأموال المكتنزة واستقطاب أكبر شريحة ممكنة من المستثمرين إلى جانب مستثمري سوق سندات الخزينة وتمويل المشاريع الهيكلية والبنية التحتية دون الحاجة إلى زيادة الدين التقليدي أو حتى اللجوء إلى تغيير النظام الضريبي.”

ومع مطلع 2021 بدأت البنوك المحلية في مرحلة محاصرة الأموال الموازية، وذلك بالمراهنة على الصيرفة الإسلامية لدعم الإيرادات والاستحواذ على حصة من سيولة مالية التي تدخل القنوات الرسمية.

وتتضارب الإحصائيات بشأن حجم السيولة المذكورة، لكنها تتراوح بحسب تصريحات مختصين في المالية بين 40 و60 مليار دولار، حيث تدور هذه الأموال خارج القنوات الرسمية.

وأفرز هذا الأمر ارتباكا لافتا في التوازنات المالية للبلد العضو في منظمة أوبك، وحرم الاقتصاد من مصدر تمويل مهم مقابل انتعاش السوق الموازية.

ويعتقد رئيس لجنة المالية الإسلامية بالجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية سفيان مزاري أن الترخيص بإصدار صكوك سيادية ضمن قانون المالية لسنة 2025 “يمثل خطوة هامة نحو دعم المشاريع الوطنية الكبرى عن طريق آليات مبتكرة.”

وأوضح أن ذلك يأتي تماشيا مع التوجه الرامي لتعزيز التمويل الإسلامي وتوسيع قاعدة المستثمرين، ضمن مسلسل الإصلاحات المالية وتعزيز الشفافية والكفاءة الاقتصادية.

ووفقا لأحدث تقرير للبنك الدولي عن حالة الاقتصاد الجزائري لخريف 2024، فقد نما الناتج الإجمالي في النصف الأول بمقدار 3.9 في المئة على أساس سنوي مدعوما “بقطاع زراعي صامد” رغم تراجع إيرادات الوقود الأحفوري.

وشهدت البلاد تحسنًا ملحوظًا في استقرار الأسعار، مع تراجع التضخم إلى 4.3 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مما يعكس استقرار أسعار المواد الغذائية الطازجة، وتراجع تكاليف الاستيراد، واستقرار سعر الصرف.

10