رهان جزائري على التمويل الإسلامي لمواجهة شح السيولة

المركزي يفتح أخيرا نافذة التعامل بالمنتجات المالية الإسلامية، ومحاولات شاقة لامتصاص 31 مليار دولار من السوق السوداء.
الثلاثاء 2019/01/08
محاولات الإنقاذ مستمرة

وجه بنك الجزائر المركزي أنظاره إلى الصيرفة الإسلامية في أحدث محاولة لمواجهة الأزمات المالية التي تعاني منها البلاد بسبب الحجم الكبير للاقتصاد الموازي، خاصة بعد إقرار الحكومة بعجزها عن كبح تبخر احتياطات العملة الصعبة ولجوئها إلى طباعة النقود لمعالجة اختلال التوازنات المالية.

الجزائر - فتحت السلطات النقدية الجزائرية مع مطلع هذا العام نافذة تداول المنتجات الإسلامية أمام المصارف المحلية بعد صدور القواعد المنظمة لهذا التمويل في الجريدة الرسمية.

ويأتي لجوء الدولة العضو في أوبك إلى التمويل التشاركي في ظل أزمة اقتصادية حادة جراء تراجع إيراداتها النفطية، التي تشكل أكثر من 90 بالمئة من إجمالي إيراداتها وذلك منذ الأزمة التي ضربت أسواق الخام في منتصف 2014.

وذكر بنك الجزائر في بيان أن “التمويل الإسلامي سيتيح للمصارف الحكومية المسيطرة على 87 بالمئة من السوق المصرفية تكييف عروضها في هذا المجال لامتصاص الأموال الموجودة في السوق الموازية”.

ووفق البيانات الرسمية، تعمل بالبلاد 29 مؤسسة مصرفية، منها 7 مصارف حكومية، وأكثر من 20 مصرفا أجنبيا من دول الخليج وأخرى فرنسية وواحد بريطاني.

يزيد بن موهوب: سنقدم مشروع قانون يقترح تمكين البورصة من إصدار الصكوك الإسلامية
يزيد بن موهوب: سنقدم مشروع قانون يقترح تمكين البورصة من إصدار الصكوك الإسلامية

ويحاول النظام المصرفي استعادة السيطرة الكاملة على النقد الأجنبي وتعزيز السيولة بعيدا عن السوق السوداء، والتي تشير التقديرات الرسمية إلى أنها تستحوذ على 31 مليار دولار، لكن خبراء يقولون إن حجم الأموال فيها أكثر من ذلك.

ورغم أن المجلس الإسلامي الأعلى كان قد طالب قبل أشهر بتعديل قانون النقد والقرض لتقنين هذا النوع من التمويل، فإن المركزي فضل إصدار قواعد منفصلة ولم يعط تبريرا لخطوته.

ولكنه قال بعد إصداره قواعد التمويل الإسلامي إن “منتجات الصيرفة التشاركية تخضع رغم هذه الاستقلالية لجميع الأحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمصارف والمؤسسات المالية التي تعمل في البلاد”.

وأوضح أن المنتجات التي يمكن للمصارف تقديمها للزبائن هي المرابحة والمشاركة والمضاربة والإجارة والاستصناع والسلم والودائع في حسابات الاستثمار.

وسيتم تقديم المنتجات التشاركية في المصارف ضمن نافذة تكون مستقلة ماليا ومن حيث الموارد البشرية عن باقي الدوائر وفروع المؤسسة المالية المعنية.

وكان وزير الاستشراف السابق، بشير مصيطفي، قد أكد في وقت سابق أن الهدف من توجه السلطات نحو الصيرفة الإسلامية، هو تصحيح السياسة النقدية وتوحيدها.

وقدر قيمة السوق الموازية بنحو 40 مليار دولار، واعتبر أن هذا الرقم ينافس حجم الأموال المتداولة عبر القنوات الرسمية، التي تصل إلى حوالي 66 مليار دولار.

ويلجأ متعاملون وتجار للسوق السوداء لأسباب من أهمها تقديم أسعار صرف أفضل من السوق الرسمية وعدم تعاملها بنظام الفوائد.

وقال مصيطفي إن “دخول تلك الأموال الهائلة إلى المصارف والقنوات الرسمية يمكن أن يعزز الاستثمارات ويحافظ على تماسك النظام المالي في ظل الأوضاع الراهنة”.

بنك الجزائر: أدوات التمويل الإسلامي ستتيح جذب الأموال من خارج النظام المصرفي
بنك الجزائر: أدوات التمويل الإسلامي ستتيح جذب الأموال من خارج النظام المصرفي

وحتى يتم تطويع السوق أكثر، كشف المدير العام لبورصة الجزائر يزيد بن موهوب، عن مشروع قانون سيقدم للجنة تنظيم عمليات البورصة من أجل تمكين البورصة من إصدار الصكوك التشاركية.

ويرى مصرفيون أن الخدمات المالية الإسلامية يجب ألا تقتصر على التعاملات المصرفية، وإنما يجب أن تمتد للتأمين التكافلي وصناديق الاستثمار.

ونسبت الصحافة المحلية لمدير مصرف السلام ناصر حيدر قوله إن “تطبيق التمويل الإسلامي في سوق الجزائر للأوراق المالية ستكون له انعكاسات إيجابية في مجال استقطاب رؤوس الأموال محليا وخارجيا”.

ويُرجح أن تستحوذ المصارف الإسلامية على 2 بالمئة من رأسمال القطاع المصرفي، وهي نسبة ضعيفة مقارنة مع دول الجوار.

واقتصرت الصيرفة الإسلامية طيلة السنوات الماضية على مصارف خليجية، على غرار مجموعة البركة البحرينية وبنك الخليج الجزائري الكويتي وبنك السلام الإماراتي.

وكانت السلطات قد لجأت إلى التمويل غير التقليدي في العام الماضي، عبر طباعة حوالي 36 مليار دولار بهدف سد عجز الخزينة العامة وتسديد الدين الداخلي.

ويحذر مراقبون من الإفراط في طباعة النقود، وآثارها السلبية على معدلات التضخم والأسعار والقدرة الشرائية، رغم تطمينات الحكومية.

وتعكس التوقعات حول تسارع تبخر احتياطات العملة الصعبة حجم التحديات أمام الحكومة وخاصة مع محاولاتها اليائسة لتنفيذ خططها في ميزانية 2019، والتي لن تعالج أزمات البلاد المزمنة على الأرجح، في ظل التعويل المفرط على عوائد الطاقة.

وتوقع وزير المالية عبدالرحمن راوية في وقت سابق هبوطا حادا في احتياطات النقد الأجنبي، لتبلغ 62 مليار دولار بعد أن كانت عند 161 مليار دولار قبل أربع سنوات.

11