رهان تونسي متزايد على النساء المزارعات

تونس - تراهن تونس بشكل متزايد على النساء في النهوض بالقطاع الزراعي. وتعتبر النساء العاملات في القطاع الزراعي التونسي عماد السيادة الغذائية للبلاد، مع رفض الرجال العمل فيه بسبب تدني الأجور وإرهاق العمل.
وتشير أغلب الإحصائيات إلى أن عدد العاملات بالمجال الزراعي يفوق الـ600 ألف عاملة، ويمثلن 80 في المئة من عدد العاملين في القطاع، ويزيد هذا العدد في مواسم جني المحاصيل حيث تكون هناك عاملات جديدات وافدات على القطاع.
والزراعة هي القطاع الاقتصادي الوحيد الذي لم يدخل في حالة ركود في عام 2020، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى عمل النساء الريفيات اللواتي يعملن في ظروف تزداد سوءا.
وتحرص تونس على إيلاء عمليّة التمكين الاقتصادي للنساء الأهمية اللازمة عبر وضع إستراتيجيات وخطط تساعدهن على الاندماج في الدورة الاقتصادية.
الترفيع في نسبة العاملات في المجال الزراعي سيغير من مشهد القطاع الزراعي وسيعزز حقوق المرأة في الوسط الريفي
ووقّعت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى ووزير الزراعة والموارد المائية والصيد البحري المنعم بلعاتي، الجمعة، اتفاقية شراكة في مجال دعم التمكين الاقتصادي الخاص بالفتيات والأسر في القطاع الزراعي.
وترمي هذه الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين الوزارتين في مجالات دعم المرأة العاملة في المجال الزراعي من أجل أن يكون دورها مهما ومؤثرا ووظيفيا للنهوض بالقطاع الزراعي وبلوغ السيادة الغذائية في تونس.
وأكدت وزيرة الأسرة أن الترفيع في نسبة العاملات في المجال الزراعي سيغير من مشهد القطاع الزراعي وسيعزز حقوق المرأة في الوسط الريفي.
وأعلنت عقب توقيع هذه الاتفاقية أن 40 في المئة من مجموع 5 آلاف مشروع تم تسليمها في مجال دعم التمكين الاقتصادي للمرأة في المجال الزراعي بمختلف ولايات الجمهورية التونسية بعنوان سنة 2023 هي أساسا مشاريع راعية.
وكانت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن قد شرعت في تنفيذ سلسلة من الدورات التكوينيّة في التصرّف في المشروع لفائدة المنتفعات بالبرنامج الخصوصي للتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات العاملات بالقطاع الزراعي في تجربته النموذجيّة بولايتي القيروان وسيدي بوزيد (وسط).
وتهدف سلسلة الدورات التكوينيّة إلى تأمين مرافقة المنتفعات ومساندتهنّ قصد مساعدتهنّ على الانتقال من القطاع غير المهيكل إلى القطاع المهيكل.
وقد انطلقت أولى الدورات التدريبية حول “الريادة والاستثمار الزراعي” التي نظمتها المندوبية الجهوية لشؤون المرأة والأسرة بسيدي بوزيد بالتعاون مع المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية والشركة التعاونية للخدمات الفلاحية “الأرض الخصبة” بالرقاب لفائدة منتفعات ولاية سيدي بوزيد، بهدف تثمين قدرات المرأة المزارعة بما يضمن لها تحقيق مشروعها وديمومته.
وقد انتظمت المرحلة الثانية من هذا البرنامج التكويني تحت شعار “مدرسة المستثمرة المزارعة” لمدة خمسة أيام قصد تشجيع المزارعات على انتهاج الطرق المثلى والحديثة للإنتاج وتطبيق الوسائل الناجعة والجديدة في كيفيّة الاعتناء بالضيعة، إلى جانب المرحلة الثالثة وهي مرحلة تطبيقية بالأساس لمدة خمسة أيام تهمّ الممارسات الزراعيّة السليمة، حيث سيتمّ التركيز خلال هذه الدورة على تدريب المزارعة على الملاحظة المستمرة للزراعات وتوعيتها بأهمية الاهتمام بالنبتة عن قرب ومتابعة نموّها.
ويُذكر أنّ بلحاج موسى قد أعطت في الخامس عشر من أكتوبر الفارط بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفيّة إشارة انطلاق برنامج التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات العاملات في المجال الزراعي، وسلّمت إشعارات الموافقة لإحداث مشاريع لفائدة 75 عاملة وراعية موسميّة في ولايتي سيدي بوزيد والقيروان.
وسيتوسّع هذا البرنامج الجديد ليشمل سنة 2024 ولاية القصرين (وسط) وتحديدا العاملات في القطاع الزراعي بمعتمديّة حاسي الفريد.
كما كانت السفارة الأميركية في تونس قد أعلنت، العام المنقضي، عن فرصة للحصول على منحة بقيمة 1.5 مليون دولار بعنوان “وايجز” لسنة 2023. تعمل هذه المنحة على تعزيز قدرة المرأة العاملة في المجال الزراعي في تونس على مجابهة تحديات التغير المناخي والتهديدات المتزايدة للأمن الغذائي.
وتهدف هذه المنحة إلى تمكين التعاونيات الزراعية النسائية من تحسين استغلال الموارد الطبيعية والتخفيف من وطأة التحديات التي يسببها التغير المناخي، إضافة إلى دعم القدرة الرياديّة لهذه التعاونيات وزيادة المرابيح المتأتية من كافة المنتجات في سلسلة القيمة في القطاع الزراعي.