رهان أردني على تنمية ثروة الغاز لتقليص فاتورة الطاقة

يكثف الأردن من جهوده نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة من بوابة تنمية ثروات الغاز في ظل تسارع نمو الطلب نتيجة التنمية المتسارعة في كافة القطاعات الاقتصادية وارتفاع مستوى معيشة السكان، في وقت يتزايد فيه اهتمام السلطات بالمصادر النظيفة لكبح جزء من النفقات.
عمّان – تحثّ السلطات الأردنية خطاها من أجل زيادة حجم إنتاج الغاز عبر التركيز على الاستكشافات الجديدة وتعزيز الإنتاج خاصة من حقل الريشة على الحدود المحاذية للسعودية والعراق، وذلك في ظل طموحاتها بمضاعفة القدرة الإنتاجية.
وتعمل شركة البترول الحكومية على رفع قدرتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي من الحقل إلى مئتي مليون قدم مكعبة يوميا بداية من العام المقبل وحتى نهاية هذا العقد، مقارنة مع 50 مليون قدم مكعبة يوميا خلال الأعوام 2020 و2023، بحسب خطتها الإستراتيجية.
وتشمل الإستراتيجية خطة تنفيذية تركز على تحقيق أمن التزود بالطاقة وتنويع مصادرها وخفض التكاليف والاعتماد على المصادر المحلية.
ويقع حقل الريشة الذي تم اكتشافه في العام 1986 في محافظة المفرق شمال شرق البلاد. وتقول سلطة المصادر الطبيعية إنه يعتبر صخريا، أي أنه ليس من السهل إنتاج الغاز من الآبار المحفورة بالطرق التقليدية، والتي تتطلب تقنيات خاصة واستثمارات كبيرة للإنتاج.
ويأتي الاهتمام الرسمي بالحقل في إطار سياسة تنويع مصادر التزود بالغاز، ورفد الاقتصاد المحلي بقيمة مضافة عبر توفير مصدر طاقة محلي بأسعار رخيصة تعزز تنافسية الصناعة المحلية.
وتقدم الحكومة دعما كبيرا للعديد من القطاعات للحصول على الكهرباء، في مقدمتها الزراعة بنحو 56.5 مليون دولار، بينما يتم دعم الصناعات الصغيرة بنحو 41 مليون دولار.
وتأتي مساعي الحكومة لتنمية ثروة الغاز والمضي قدما في العديد من الاكتشافات الأخرى بهدف التغلب على مشكلة ارتفاع فاتورة الطاقة، والتي تبلغ في المتوسط كل سنة قرابة ستة مليارات دولار.
وتعد مشكلة الطاقة في الأردن أحد التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد، وهي في ارتفاع مستمر مع الزيادة الاضطرارية في عدد سكان البلاد بنسبة 10 في المئة نتيجة لتدفق 1.3 مليون لاجئ سوري.
ويتمتع البلد بأحد أعلى المعدلات العالمية من حيث استيراد الطاقة من الخارج، فالتقديرات تشير إلى أنه يستورد حوالي 95 في المئة من احتياجاته وأغلب الإمدادات تأتي من الدول العربية المجاورة مثل مصر.
ويستورد الأردن، الذي يعد من بين أكثر الدول العربية اعتمادا على المساعدات الخارجية، الجزء الأكبر من الغاز الطبيعي حاليا من إسرائيل بموجب اتفاق يمتد لمدة 15 عاما يقوم على شراء ما قيمته مليار قدم مكعبة كل عام.
وبدأ الأردن استيراد الغاز الإسرائيلي منذ ثلاث سنوات تقريبا، فيما تُشحن بعض الكميات بالبواخر وأخرى من خلال الجانب المصري.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد العربي، فإن البلد يحتل المركز السادس عشر بين دول المنطقة العربية من حيث مخزون الغاز الطبيعي، والذي يقدر بحوالي 6 مليارات قدم مكعبة.
وتهدف خطة شركة البترول الأردنية إلى زيادة قدرات الإنتاج من حقل الريشة ليتسنى نقل الغاز إلى وسط البلاد وزيادة الاعتماد على المنتوج المحلي ورفع مساهمة مصادر الطاقة المحلية في مزيج الطاقة الكلي وتقليل الاعتماد على المصادر الخارجية.
6
مليارات قدم مكعبة مخزونات الغاز ما يجعل البلد في المرتبة 16 عربيا وفق صندوق النقد العربي
وبحسب التقرير السنوي للشركة للعام الماضي، انخفض معدل كميات الإنتاج المباعة إلى 14.7 مليون قدم مكعبة يوميا مقارنة مع 17.8 مليون قدم مكعبة يوميا في 2021، فيما وصلت الاستطاعة الإنتاجية في نهاية 2022 إلى نحو 30 مليون قدم مكعبة يوميا.
وتزود وزارة الطاقة محطات توليد الكهرباء المحلية باحتياجاتها، اعتمادا على الكميات المستوردة من كل من مصر وشركة شيفرون العالمية، وميناء الشيخ صباح للغاز المسال في العقبة، جنبا إلى جنب مع الكميات التي ينتجها حقل الريشة.
وسبق أن أكد وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة أهمية التوسع في استكشاف النفط والغاز في مختلف أنحاء البلاد وتسريع العمل لتعزيز إنتاجية حقل الريشة.
وقال إن “علينا مواصلة العمل على زيادة الإنتاج من حقل الريشة واستثمار الوقت للتوسع في الإنتاج لرفد الاقتصاد بقيمة مضافة من خلال توفير مصدر طاقة محلية بأسعار رخيصة تعزز تنافسية الصناعة الوطنية”.
وتطالب القطاعات الصناعية بإيصال الغاز الطبيعي إلى التجمعات الصناعية، لاسيما وأن عملية التحوّل لاستخدام هذا المورد يمكن أن توفر نحو 60 في المئة من كفاءة الاحتراق بالمقارنة مع الديزل وبنحو 27 في المئة بالمقارنة مع الوقود الثقيل.
وبحسب غرفة صناعة الأردن، يخفض استخدام الغاز الطبيعي كلف الإنتاج الصناعي ويزيد تنافسية المنتجات في السوق المحلية والأسواق الخارجية، وبما ينعكس على توليد فرص العمل وزيادة وتنوع قاعدة الصادرات، من حيث المنتجات والأسواق غير التقليدية.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن الغرفة قولها إن “مطالبة الصناعة باستخدام الغاز تأتي في ظل ارتفاع كلف الإنتاج لاسيما تلك المتعلقة بالطاقة والتي تمثل التحدي الأبرز لنمو القطاع وأحد العوائق الرئيسية أمام الصادرات المحلية وتنافسيتها”.
وأوضحت الغرفة أن الغاز يشكل 22 في المئة من إجمالي استهلاك القطاع الصناعي للطاقة الإجمالية. وبلغ معدل الكميات المستهلكة من الغاز في الصناعات 24 مليون قدم مكعبة يوميا خلال 2021، فيما بلغ معدل الكميات المستهلكة في توليد الطاقة الكهربائية نحو 340 مليون قدم مكعبة يوميا بنسبة 73 في المئة، بحسب بيانات وزارة الطاقة.
وفي إطار خطة تسويق الكميات الإضافية المنتجة من حقل الريشة، ونظرا إلى ورود طلبات من الشركات للاستثمار في المجال، حددت وزارة الطاقة سقفا لسعر الغاز الطبيعي المنتج من الريشة والمباع للقطاع الخاص.
ولن يتجاوز سعر الغاز نحو 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وبحد أدنى لا يقل عن 3 دولارات بحيث يتم احتسابه على أساس القيمة الإجمالية وفقا لما هو مستخدم مع الغاز المصري، يضاف إليها الضريبة الخاصة على الغاز البالغة 7 في المئة.
وارتفعت القدرة الإنتاجية للحقل من ثمانية ملايين قدم مكعبة يوميا عام 2017 إلى حوالي 30 مليون قدم مكعبة حاليا، ويجري العمل على رفعها إلى 50 مليون قدم مكعبة خلال هذا العام.
ويجري حاليا استغلال نحو 20 مليون قدم مكعبة من الغاز لتوليد الكهرباء في محطة كهرباء الريشة، فيما يجري العمل على استغلال باقي الكمية بتزويد القطاعات الإنتاجية بهذا المورد.