رهانات سعودية على قمة العشرين ينغصها الركود والوباء

أنطونيو غوتيريش يدعو دول مجموعة العشرين إلى تبني إجراءات جريئة وطموحة لمواجهة تداعيات كورونا.
الأربعاء 2020/11/18
تخطيط لمستقبل مختلف

الرياض – لأول مرة عربيا، تستضيف السعودية نهاية الأسبوع الحالي قمة مجموعة العشرين التي ستنعقد عبر تقنية الفيديو وعلى نطاق ضيّق، ما قد يحدّ من مناقشة عدد من الموضوعات المهمة كتداعيات جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية.

وستقتصر أعمال القمة التي عادة ما تشكّل فرصة للحوارات الثنائية بين قادة العالم، على جلسات مختصرة عبر الإنترنت حول القضايا العالمية الأكثر إلحاحا، من التغير المناخي إلى تزايد معدلات عدم المساواة.

وتأتي القمة التي تعقد السبت وتستمر يومين في أعقاب انتخابات أميركية صاخبة رفض الرئيس دونالد ترامب نتائجها، ووسط انتقادات لما يعتبره نشطاء استجابة غير كافية من قبل المجموعة لأسوأ ركود اقتصادي منذ عقود.

وقال مصدر مقرب من المنظمين السعوديين إنه من المتوقع أن تهمين على المناقشات “تداعيات الوباء” و”خطوات إنعاش الاقتصاد العالمي”.

وكان الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، طالب في رسالة الثلاثاء، قادة دول مجموعة العشرين بإقرار إجراءات جريئة وطموحة لمواجهة جائحة كوفيد - 19 وتداعياتها، ولا سيّما على الدول الفقيرة.

وقال غوتيريش:“الآن ينبغي على مجموعة العشرين أن تظهر قدراً أكبر من الطموح وأن تقرّ تدابير أكثر جرأة لتمكين البلدان النامية من مواجهة الأزمة بفعالية والحؤول دول أن يتحوّل الركود العالمي إلى كساد عالمي”، مضيفا أنّه “في الوقت الذي نتصدّى فيه لهذه الجائحة غير المسبوقة، يحتاج العالم أكثر من أي وقت مضى إلى قيادة غير مسبوقة تكون موحّدة في سعيها للاستجابة للأزمة والتعافي بشكل أفضل”.

وأثارت اكتشافات لقاحات جديدة الآمال في احتواء الفايروس الذي خلف أكثر من 55 مليون إصابة على مستوى العالم من بينها من 1.3 مليون حالة وفاة، فيما تتوقّع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس انكماشا بنسبة 4.5 في المئة في الناتج الاقتصادي العالمي هذا العام.

وذكر المنظمون أنّ دول مجموعة العشرين ساهمت بأكثر من 21 مليار دولار لمكافحة الوباء، بما في ذلك إنتاج اللقاحات وتوزيعها وضخ 11 تريليون دولار لحماية الاقتصاد العالمي الذي يعاني من تبعات الفايروس، لكن المجموعة تواجه ضغوطا متزايدة لبذل المزيد من الجهد في التعامل مع احتمالات التخلف عن سداد الديون في الدول النامية.

والأسبوع الماضي أعلن وزراء مالية مجموعة العشرين عن “إطار عمل مشترك” لمعالجة مسألة الديون بعيدا عن خيار تعليق هذه الديون، لكن مجموعات ناشطة وصفت الإجراء بأنه “غير ملائم على الإطلاق”.

وفي هذا السياق حذر الأمين العام للأمم المتّحدة في رسالته من أنّ الأزمة الراهنة يمكن أن تدفع “115 مليون شخص (إضافي) للوقوع في براثن الفقر المدقع، وقد يتضاعف تقريباً الجوع الحادّ ليطال أكثر من 250 مليون شخص”، داعيا مجموعة العشرين إلى تمديد تعليق الديون حتى نهاية عام 2021، وتوسيع نطاق هذا الإجراء ليشمل دولاً متوسّطة الدخل تعاني من جراء الجائحة وتحتاج إلى إعفائها من سداد خدمة الدين خلال العام المقبل.

كما ناشد الأمين العام قادة مجموعة العشرين “سدّ فجوة التمويل البالغة 28 مليار دولار” اللازمة لتسريع الوصول إلى الأدوات اللازمة لمكافحة كوفيد-19.

وذكّر المسؤول الأممي بأنّه في الوقت الذي باتت فيه اللقاحات التجريبية المضادّة لفايروس كورونا المستجدّ على وشك نيل الموافقات النهائية لتسويقها “يجب علينا أيضاً مقاومة أيّ شكل من أشكال قومية اللقاحات”.

ودعا غوتيريش كذلك قادة مجموعة العشرين إلى زيادة “الاستثمارات في التنوّع البيولوجي والعمل المناخي واستعادة النُظم الإيكولوجية”.

دبلوماسية رقمية

كورونا وتداعياتها من أولويات القمة
كورونا وتداعياتها من أولويات القمة

من المقرّر أن يترأّس العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز القمة الافتراضية أو ما يطلق عليه البعض تعبير “الدبلوماسية الرقمية”.

وكان من المفترض أن تكون القمة إشارة لعودة سعودية قوية إلى المسرح العالمي، فقد خططت المملكة الثرية لاستضافة قمة كبرى من شأنها أن تلقي مزيدا من الضوء على حملة الانفتاح الطموحة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وتتبنى السعودية مفردات عالم جديد منفصل تماما عن شكل العالم القديم أو إطار العالم الثالث الذي بقي لعقود بمثابة حكم أبدي على دول الشرق الأوسط.

وكان أكاديمي سعودي كتب العام الماضي أن القمة هي “المدخل الحقيقي لولي العهد إلى المسرح العالمي”، معتبرا أنّ الأمير “لن تتاح له الفرصة فقط لعرض مشاريع الإصلاح الطموحة للمملكة، ولكن لتنمية النفوذ السعودي في المجتمع الدولي كذلك”. غير أنّ الوباء الذي جعل انعقاد القمة مستحيلا إلا عبر الفيديو، قوض تلك الآمال إلى حد كبير.

وقال بوهل “سيكون مؤتمر مجموعة العشرين هذا العام مخيبا للآمال بالنسبة للسعودية لأن المؤتمر الافتراضي لن يستعرض التطورات في المملكة بالطريقة التي تأملها الرياض”، لكن المضيفين السعوديين سيتنفسون الصعداء كونهم لن ينشغلوا في تأمين الحماية للقادة ووفودهم.

وقال مدير ومؤسس “مجموعة العشرين للأبحاث” ومقرها كندا، جون كيرتون، إن “العالم الافتراضي يجعل التواصل التلقائي للقادة أكثر صعوبة، ويلغي اللقاءات الجانبية حول مواضيع غير مجدولة على جدول أعمال القمة”.

وترى كاثرين تو من منظمة “أكشن إيد” “نواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم، والنساء في البلدان النامية يتحملن أسوأ آثار التداعيات الصحية والاقتصادية”، ومع ذلك، فإن مجموعة العشرين “تدفن رأسها في الرمال وقد فشلت في الاستجابة للوضع الطارئ”، وفقا لتو.

ويقول مراقبون إن عدم الثقة بين الدول الأعضاء يعيق اعتمادهم ردا موحدا على أغلب المسائل، حيث اتهم مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية الصين، أحد أكبر الدائنين للدول النامية، بعدم الشفافية.

وفي هذا السياق، شدّد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالته على وجوب أن تمثّل “الجائحة جرس إنذار لجميع القادة: الانقسام يعني تعريض الجميع للخطر، والوقاية تعني توفير أموال وإنقاذ أرواح”.

وقد أعلنت مصادر مقرّبة من المنظّمين إن قادة الدول الكبرى في العالم، من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يلقوا خطابات.

وسيكون وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، المدافع الشرس عن ترامب، في الرياض خلال القمة، فيما لم يتّضح بعد ما إذا كان ترامب سيتحدّث في هذا الحدث إلى جانب زعماء العالم الذين هنأ العديد منهم منافسه الرئيس المنتخب جو بايدن بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية.

وقال رايان بوهل من مركز ستراتفور للأبحاث الجيوسياسية إنّ “تصرّفات ترامب في القمة لن يكون لها على الأرجح تأثير كبير كما كان الحال في السنوات السابقة”.