رهانات بحرينية على النواب الجدد للقطع مع الصورة النمطية للمؤسسة التشريعية

المنامة - ينطلق دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السادس في البحرين الاثنين، وسط رهانات كبيرة على مجلس النواب الجديد لخلق ديناميكية على مستوى العمل التشريعي، واستعادة هيبة المجلس النيابي.
وواجه مجلس النواب السابق انتقادات شديدة لجهة مسايرته للسلطة التنفيذية وعجزه عن فرض سلطته، الأمر الذي تسبب في تآكل هيبة المجلس.
وتوجه البحرينيون في نوفمبر الماضي إلى صناديق الاقتراع، حيث كان هدفهم الأساسي إزاحة الوجوه القديمة، وقد أفرزت نتائج الاستحقاق تغييرا بنسبة ثمانين بالمئة في تركيبة المجلس الجديد، حيث تمكن 33 نائبا جديدا (من أصل أربعين نائبا) من الوصول إلى البرلمان.
وسيطر المستقلون على المجلس الجديد بوصول 36 نائباً مستقلا، في المقابل اقتصر حضور الجمعيات السياسية على أربعة نواب فقط.
ويأمل البحرينيون في أن ينعكس هذا التغيير إيجابا ويعيد تصويب مسار المؤسسة التشريعية، التي لحقها ضرر واضح بفعل التضييق على قوى المعارضة الوطنية.
ويقول أنور عبدالرحمن، رئيس تحرير صحيفة “أخبار الخليج” المحلية، في افتتاحيته إن أول اختباراتِ المجلس الجديد، هو قياسُ مدى قدرة النواب على الوصول إلى التوافق على المناصبِ القياديَّةِ للبرلمان، حيث يجبُ اختيارُ رئيسٍ يعبِّرُ عن النواب ويكونُ خيرَ ممثلٍ لهم خلال السنواتِ القادمة.
ويوضح عبدالرحمن أنه “يجبُ على المرشح لهذه المهمة أن يدركَ أنه مسؤولٌ عن حمايةِ هيبة المجلس ومصالح النواب، كما أنه مسؤولٌ عن ضبط الممارسة البرلمانية لتعكسَ التجربةَ البحرينيَّة، وأن تحققَ طموحاتِ المواطن الذي أدلى بصوته في الانتخابات، لأن كلَّ صوتٍ في الصندوقِ الشفاف كان صوتًا للأملِ في مستقبل أفضل، وهذا هو أهم المحددات التي ترسمُ معالمَ مسار أداء النواب”.
ويرى الكاتب الصحافي البحريني أن برنامج عمل الحكومة (2023 - 2026) والميزانية العامة الجديدة يشكلان محطتين فاصلتين يجبُ أن يكونَ مجلسُ النواب في الموعد حينما يطرحان على طاولتِه، لأنهما يمثلان خارطةَ طريقٍ لعمل الحكومة والبرلمان خلال السنواتِ المقبلة، حيث يجبُ على كل نائب أثناءَ مناقشة هذه المشاريع أن يخلعَ عباءةَ دائرته، ويدركَ أنه نائبٌ لكل الشعب، ولكل المملكة.
وسيفتتح العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة دور انعقاد الفصل التشريعي السادس، حيث من المنتظر أن يلقي خطابا يركز فيه على أولويات المرحلة المقبلة، وعلى أهمية التناغم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ويؤدي رئيس وأعضاء مجلس الشورى اليمين الدستورية خلال افتتاح الفصل التشريعي، حيث تنص المادة السادسة عشرة من اللائحة الداخلية للمجلس على أنه “يتم انتخاب كل من النائب الأول والنائب الثاني لرئيس مجلس الشورى بالتتابع في أول جلسة للمجلس في بداية كل دور انعقاد، وذلك بالأغلبية المطلقة للحاضرين، فإن لم تتحقق هذه الأغلبية في المرة الأولى أعيد الانتخاب بين الاثنين الحائزين لأكثر الأصوات”.
وتشير اللائحة إلى أنه في حالة تساوي الحائزين لأكثر الأصوات مع ثانيهما في عدد الأصوات يشترك معهما في انتخاب المرة الثانية، ويكون الانتخاب في هذه الحالة بالأغلبية النسبية.
وتتكون السلطة التشريعية في البحرين من مجلسي النواب والشورى، وتجري الانتخابات لاختيار 40 عضواً لمجلس النواب، فيما يتم تعيين أعضاء مجلس الشورى (40 عضواً).
المستقلون سيطروا على المجلس الجديد بوصول 36 نائباً مستقلا، في المقابل اقتصر حضور الجمعيات السياسية على أربعة نواب
ويملك مجلس النواب الصلاحية في تعديل التشريعات المقترحة أو تمريرها أو رفضها، لكن لمجلس الشورى (الغرفة العليا من البرلمان) المعين بالكامل من قبل الملك، صلاحية إيقافها بسهولة.
وقد تحول مجلس الشورى البحريني خلال السنوات الماضية إلى مشجب يعلق عليه النواب إخفاقاتهم.
ويقر عبدالرحمن بأهمية أن يخرجَ مجلس الشورى من خانةِ الاتهامِ الدائم الذي يلاحقُه من النواب بأنه السببُ في عرقلةِ التشريعات التي تخدمُ مصالحَ المواطن، وهذا لن يتمَّ إلا من خلال تنسيقٍ تام وكامل بين غرفتي البرلمان.
ويشدد رئيس تحرير “أخبار الخليج ” على أهمية “تكامل الأدوارِ بين السلطةِ التشريعيَّةِ والسلطةِ التنفيذيَّةِ بما يثري العملَ الوطني، ويجبُ أن يترجمَ ذلك من خلال ترتيب الأولويات التي تهم المواطن والقابلة للتطبيق على أرض الواقع بعيدًا عن التناحرِ حول موضوعات غير مدروسةٍ بعناية، وسوف يتحققُ ذلك من خلال تشريعاتٍ تتماشى مع المتغيرات”.
ويعرب عبدالرحمن عن أمله في أن تسري في أوصالِ المجلس، الذي يضم 80 في المئة من الدماء الجديدة، وشريانِه أفكارٌ ابتكاريَّةٌ تغيِّرُ الصورةَ النمطيَّةَ التي رسمتها المجالسُ السابقة، وهذا لن يتحققَ إلا من خلال التفاعلِ الإيجابيِّ والمثمرِ في النقاشاتِ المختلفةِ ضمن اللجان أو الجلسات العامة بما يسهمُ في تطوير الأداء البرلماني، والتي تعبِّرُ بصدقٍ عن رغبةِ الشارع البحريني في تغيير مسار أداء مجلس النواب إلى الأفضل.