رهانات إماراتية متزايدة لتعزيز تنافسية صناعة الحلال

إستراتيجية واعدة لحيازة حصة أكبر من السوق العالمية وترسيخ ريادة البلد في القطاع بحلول عام 2031.
الاثنين 2025/06/16
سوق متعطشة للمزيد من الزخم

تسعى الإمارات إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي لصناعة الحلال، وذلك في ظل تنامي الطلب على المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. وبفضل استثماراتها في البنية التحتية وتحديث القوانين، باتت لاعبا في القطاع الحيوي، الذي يمثل فرصة ضمن رؤيتها للتنويع.

أبوظبي - يواصل الإماراتيون التركيز على ترسيخ مكانة بلدهم في مجال صناعة الحلال، بالتوازي مع تطوير ارتباطه بالمالية الإسلامية، وذلك ضمن رؤية تنموية شاملة تدعم التنويع الاقتصادي وتعزز تنافسية الدولة في الأسواق العالمية.

واعتمد مجلس الوزراء الإماراتي في مايو الماضي إستراتيجية شاملة للمالية الإسلامية وصناعة الحلال، تهدف إلى تعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي رائد في هذين المجالين اللذين يعدان متقاربين في الكثير من النقاط.

ويبرز البلد الخليجي كمنصة عالمية لصناعة الحلال، مدفوعة برؤية تهدف إلى رفع حصته من صادرات المنتجات الحلال من 20.1 مليار دولار إلى نحو 85.7 مليار دولار بحلول 2031، وفقا لإستراتيجية معتمدة في هذا المجال.

ويشكل هذا المجال أحد الأسواق سريعة النمو في العالم، حيث تكتسب المنتجات والخدمات التي تدور في فلكه زخما بين المستهلكين غير المسلمين في جميع أنحاء العالم.

ويأتي ذلك مع تزايد رهانات الحكومات والمستثمرين على النهوض أكثر بتنافسية صناعة الطعام الحلال على مستوى العالم باعتباره أحد المجالات التي بات التركيز عليها بشكل واضح في السنوات الأخيرة.

صالح لوتاه: الابتكار والاستثمار ومواكبة نمو الطلب مرتكزات هدفنا
صالح لوتاه: الابتكار والاستثمار ومواكبة نمو الطلب مرتكزات هدفنا

ويجري إعداد الطعام الحلال بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية، فلا يحتوي على أيّ أثر للحم الخنزير أو الكحول أو الدم وأيّ إضافات غير صحية في أيّ وقت أثناء عملية الإنتاج، ليستقطب أيضا مستهلكين من غير المسلمين.

ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى صالح لوتاه، رئيس مجلس إدارة مجموعة مصنعي الأغذية والمشروبات في الإمارات، قوله إن “الإستراتيجية تمثل خطوة فارقة نحو ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي لصناعة المنتجات الحلال.”

وأوضح أن الصناعة المحلية قطعت شوطا كبيرا في تطوير المنتجات الغذائية، حيث تشهد حاليا اهتماما متزايدا من المصنعين المحليين بالتوسع، خاصة في ظل النمو المتسارع في الطلب العالمي على المنتجات الحلال، والذي يشكل فرصة اقتصادية كبرى.

واعتبر لوتاه أن الوصول إلى الهدف يمكن أن يرتكز على 3 عوامل أساسية تشمل الابتكار وزيادة الاستثمار في البحث والتطوير لتقديم منتجات حلال مبتكرة تنافس عالميا، والمواءمة مع طبيعة الطلب العالمي، والدعم التمويلي والترويجي.

وأكد أن تحقيق مستهدفات الإستراتيجية يتطلب شراكة وثيقة بين القطاعين العام والخاص، مشيرا إلى أن مجموعة مصنعي الأغذية والمشروبات ملتزمة بلعب دور فاعل في دعم المصنعين، وتوفير منصات للحوار والتطوير، ودفع عجلة التصدير نحو أسواق جديدة.

وتعد تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة والهند وبوتان وفيتنام وتايلاند والعديد من الدول الأوروبية من كبار المشترين، بينما تعتبر ماليزيا وسنغافورة من أكبر البائعين.

ولكن الإمارات تعمل على جعل القطاع أكثر تنافسية، ففي عام 2024، قُدِّرت قيمة سوق المنتجات الحلال في الإمارات بنحو 5.5 مليار دولار، مدفوعةً بالطلب المحلي والدولي المتزايد على المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

ويعزو المسؤولون والخبراء هذه الزيادة إلى التوسع المستمر في تقديم منتجات الحلال التي تلتزم بأعلى معايير الجودة العالمية.

وتستثمر الإمارات في تطوير بنية تحتية متكاملة لصناعة الحلال، تشمل مختبرات معتمدة، مراكز فحص وشهادات، وموانئ ومناطق حرة مخصصة لتسهيل عمليات التصدير والاستيراد.

كما تسعى إلى توحيد معايير الحلال عالميا، حيث انضمت 46 دولة إلى المنظومة الوطنية للحلال الإماراتية، مما يسهم في تعزيز موثوقية المنتجات الحلال الإماراتية في الأسواق الدولية.

ووفقا لتقرير يونافيد للأبحاث، فمن المتوقع أن يتجاوز حجم سوق الأغذية والمشروبات الحلال في البلد 31.27 مليار دولار بحلول عام 2029.

وسيكون ذلك مدفوعا بالموقع الإستراتيجي للإمارات كمركز تجاري وسياحي عالمي يعزز جاذبيتها، ويجذب المستهلكين المحليين والدوليين الباحثين عن منتجات حاصلة على شهادات الحلال.

85.7

مليار دولار حصة الصادرات المستهدفة في غضون سبع سنوات من نحو 20.1 مليار دولار حاليا

وعلى مدار سنوات تعمل السلطات على احتضان أحد أبرز المؤتمرات العالمية في القطاع، حيث يتضمن نقاشات تتعلق بتنظيم القطاع والتقنيات الجديدة في صناعة المواد الغذائية ودور البنوك في تمكين الابتكار في صناعة الحلال.

كما يجري خلال الحدث عرض تقنيات الذبح بين الوضع الحالي والمستقبلي والذبح باستخدام تقنيات حديثة من خلال عرض تجارب حية ودور الأجهزة الأكاديمية في استشراف مستقبل صناعة الحلال.

وتتناول النقاشات أيضا التسهيلات الائتمانية المتاحة من أجل تيسير حركة التجارة للمنتجات الحلال والنظرة الشمولية للمصنّعين لتلبية الاحتياجات المستقبلية والقيمة المضافة للشركات عبر سلاسل الإنتاج والإمداد.

وكذلك يظهر البلد ريادته في مجال التجارة الحلال من خلال استضافته للمعارض الدولية، مثل “ميهاس@دبي” الذي نظم لأول مرة خارج ماليزيا في أواخر نوفمبر الماضي.

وتُسهم هذه الفعاليات في تعزيز التعاون التجاري بين الإمارات والدول الأخرى، كما تُظهر البيانات أن صادرات ماليزيا من المنتجات الحلال إلى الإمارات شهدت نموًا بنسبة 10.2 في المئة خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2024.

وبدأ الكثير من شركات الأغذية والبنوك والفنادق حول العالم في تبني معايير المنتجات الحلال للاستفادة من هذه السوق الآخذة في النمو، وربما تحقق أرباحا إضافية من خلال التصدير إلى العديد من الأسواق التي يتواجد فيها المسلمون.

ويعتبر سوق الأطعمة والمشروبات الحلال الأكبر مقارنة ببقية المنتجات الحلال الأخرى مقارنة مع السياحة الحلال والملابس الحلال، وهي تستحوذ على النصيب الأكبر من حجم الإنفاق العالمي على هذه المنتجات.

وخلال السنوات الماضية توسعت المجالات التي تشملها التجارة الحلال بوتيرة متسارعة لتتجاوز اللحوم والدواجن والألبان والأجبان الخالية من دهون الخنزير.

ورصدت تقارير عالمية أن هذه الصناعة وصلت إلى المياه المحفوظة في حاويات لم يتم تخزين كحوليات فيها، وكذلك الحلويات، التي لا يتم تصنيعها بجيلاتين حيواني أو الفيتامينات غير المحتوية على دهون خنزير.

وفي ضوء ذلك من المتوقع أن يستمر قطاع الحلال في الإمارات في النمو والتوسع، مع تعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي لهذه الصناعة.

وتُشير التوقعات إلى أن السوق العالمية للمنتجات الحلال ستصل إلى نحو 3.27 تريليون دولار بحلول العام 2028، مما يُعزز من فرص البلد في الاستفادة من هذا النمو.

11