رموز من الحراك الجزائري في مواجهة جديدة مع القضاء

الجزائر – يواصل النظام الجزائري قمعه للمعارضين ووسائل الإعلام المستقلّة بمقاضاة رموز الحراك الشعبي، اذ من المنتظر أن يمثل اثنان من أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في الجزائر ورموز للنضال من أجل حرية الرأي، أمام القضاء خلال الأسبوع الجاري رغم الدعوات الدولية إلى الإفراج عنهما.
ويمثل المعارض السياسي كريم طابو، أحد أكثر الوجوه شعبية في الحراك المناهض للنظام، الاثنين أمام محكمة القليعة غرب الجزائر العاصمة، بعد أن تمّ تأجيل محاكمته التي كانت مقررة في 29 يونيو الماضي بسبب الأزمة الصحية.
وسيعرف الصحافي خالد درارني المعتقل منذ 29 مارس، الثلاثاء، ما إذا كان سيبقى في السجن أم لا، عند صدور حكم الاستئناف.
ولا يكاد يمر يوم من دون توقيف ناشطين من الحراك أو معارضين أو صحافيين أو مدونين، أو محاكمتهم أو ملاحقتهم وفي بعض الأحيان سجنهم.
وقالت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، وهي منظمة تدعم وتحصي أسماء سجناء الرأي إن حوالي 45 شخصًا يقبعون حاليًا خلف القضبان بسبب أفعال تتعلق بالحراك.
من جهته، أكد وزير الاتصال المتحدث الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر أنه “لا يوجد سجناء رأي في الجزائر”.
تهم متباينة
أوقف المعارض السياسي كريم طابو (47 عاما) في 11 سبتمبر 2019 بعد اتهامه بـ ”إحباط معنويات الجيش”. وستبدأ محاكمته عند الساعة العاشرة (09,00 ت غ) في محكمة القليعة، ولا يعلم كم ستدوم المحاكمة.
وكان حكم على طابو في 24 مارس في قضية أخرى، بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها 50 ألف دينار (حوالي 325 يورو). وقد اتهم خصوصا “بالمساس بالوحدة الوطنية” بعد خطاب مصور نشر على صفحة حزبه على فيسبوك انتقد فيه دور الجيش في السياسة، بحسب منظمة العفو الدولية.
وبعد تسعة أشهر في السجن، استفاد طابو من إفراج مشروط في الثاني من يوليو إلى جانب ثلاثة ناشطين آخرين معروفين هم أميرة بوراوي وسمير بن العربي وسليمان حميطوش، وهو إجراء اعتبر خطوة تهدئة من جانب السلطة.
وغداة مغادرته السجن، طالب كريم طابو بالإفراج عن معتقلي الحراك في الجزائر والدخول في “مسار سياسي حقيقي”.
وشارك طابو في كل تظاهرات الحراك منذ بدايتها في 22 فبراير حتى توقيفه بعد انتشار وباء كوفيد-19، وبعد توقيفه أصبحت صوره لا تغيب عن كل التظاهرات.
ويعتبر الناشط السياسي كريم طابو من بين الرموز التي ظهرت بشكل قوي في خضم الاحتجاجات السياسية المشتعلة في البلاد منذ فبراير العام الماضي، وتحول إلى شخصية رمزية للحراك الشعبي، قبل أن يتم توقيفه من طرف السلطات الأمنية في سبتمبر من نفس العام.
ويطالب الحراك الشعبي منذ انطلاقه بتغيير النظام الحاكم منذ استقلال البلد من الاستعمار الفرنسي في 1962، بعد أن أطاح بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بعد عشرين سنة من الحكم.
والثلاثاء أيضا سيعرف الصحافي خالد درارني (40 سنة)، الذي تحول الى رمز للنضال من أجل حرية الصحافة، قرار محكمة الاستئناف بعد محاكمته الثلاثاء الماضي.
وفي 10 أغسطس، حوكم بالسّجن ثلاث سنوات مع النفاذ وغرامة تبلغ خمسين ألف دينار (330 يورو) بحقّ درارني، مدير موقع “قصبة تريبون” ومراسل قناة “تي في-5 موند” الفرنسيّة ومنظّمة “مراسلون بلا حدود” في الجزائر، بتهمتي "التحريض على التجمهر غير المسلح والمساس بالوحدة الوطنية"، عقب تغطيته في 7 مارس في العاصمة تظاهرة للحراك المناهض للسلطة الذي هز الجزائر لمدة عام قبل أن يتوقف بسبب وباء كوفيد-19.
وهو متهم أيضا بانتقاد السلطة السياسية عبر صفحته على فايسبوك.
وفاجأ الحكم القاسي الصحافيين الجزائريين الذين شكلوا لجنة للدفاع عنه في الجزائر وفي الخارج وخصوصا في باريس حيث تجمع مئات منهم الأحد للمطالبة بالإفراج “الفوري” عنه نظراً لوضعه الصحّي “المقلق”.
وخلال جلسة الاستئناف في الحكم بالسجن ثلاث سنوات الصادر على درارني، عاودت النيابة طلب السجن أربع سنوات وغرامة ماليّة بقيمة 50 ألف دينار (330 يورو). وظهر مدير موقع “قصبة تريبية” خلال هذه الجلسة “نحيلا للغاية وضعيفا جدا”، كما ذكرت “مراسلون بلا حدود”.
وفي باريس قال الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف دولوار "أرادت السلطات الجزائرية أن تجعل منه عبرة لتخويف الصحافيين في الجزائر" لكنها "جعلت منه رمزا، رمزا للدفاع عن حرية الصحافة".
ووصلت قضية درارني إلى هيئات دولية عدة لا سيما الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والتي أعربت جميعها عن "قلقها".
وخلال الأشهر الماضية، اتهم صحافيون من قبل النظام الجزائري بـ"زرع الفتنة" والمساس بالوحدة الوطنية والعمل "لصالح جهات أجنبية".
وتحتل الجزائر المركز 146 (ضمن 180 دولة) في مجال حرية الصحافة بحسب تصنيف منظمة "مراسلون بلا حدود" لتتراجع 27 مركزا خلال السنوات الخمس الماضية.