رمطان لعمامرة شخصية جدلية مرشحة لخلافة غسان سلامة

يصطدم طموح وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة إلى تولي منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا بعدة عراقيل في مقدمتها اتهامات بانحيازه للإسلاميين ودعمه للميليشيات في ليبيا على حساب الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
طرابلس - يطمح وزير الخارجية الجزائري الأسبق رمطان لعمامرة إلى تولي منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا خلفا للبناني غسان سلامة.
ويصف مراقبون لعمامرة بـ”الشخصية الجدلية” التي من الصعب أن يتم التوافق بشأنها لعدة اعتبارات أولها علاقته بتيار الإسلام السياسي التي وصلت إلى درجة استدعاء الأمير السابق للجماعة الليبية المقاتلة ورئيس حزب الوطن حاليا عبدالحكيم بالحاج لحضور جولة من الحوار نظمتها الجزائر سنة 2014 بين الفرقاء الليبيين كان حينها لعمامرة يشغل منصب وزير للخارجية.
واتسم الموقف الجزائري بشأن الأزمة الليبية حينئذ بالمنحاز للميليشيات في طرابلس والداعم بشكل غير مباشر للانقلاب الذي نفذه الإسلاميون على نتائج الانتخابات التشريعية التي أزاحتهم من السلطة والذي عرف بـ“انقلاب فجر ليبيا”.
وبعد ما واجهت الجزائر في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الانتقادات والاتهامات بالانحياز لتيار الإسلام السياسي يحاول الرئيس الجديد عبدالمجيد تبون الظهور في موقف الحياد حيث استقبل وزير الخارجية صبري بوقادوم مسؤولين من الشرق والغرب، لكن شكوكا في التعاون مع تركيا عززتها تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تزعزع صورة البلد المحايد.
وبناء على هذه المعطيات من المتوقع أن يجد ترشيح لعمامرة رفضا ليبيا ودوليا خاصة من قبل مصر والمغرب وفرنسا وربما حتى من روسيا، إذ أنه رغم العلاقات المتينة بين موسكو والجزائر فإن مصالحهما تبدو متقاطعة في ليبيا حيث تدعم روسيا بقوة الجيش الليبي في معركته ضد الميليشيات والمجموعات المتطرفة الموالية للإسلاميين.
وتحدثت تقارير صحافية الأربعاء عن ترشيح الأمم المتحدة لرمطان لعمامرة خلفا لغسان سلامة.
ومن المتوقع أن يجتمع مجلس الأمن الدولي خلال الأيام القادمة للمصادقة على تعيين لعمامرة في هذا المنصب، وذلك لوضع حدّ لحالة الفراغ التي تركها رحيل غسّان سلامة واستئناف المفاوضات السياسية والعسكرية بين طرفي الصراع، إذ يحتاج قرار تعيين مبعوث جديد إلى ليبيا، إلى موافقة الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن الدولي.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من قبل أي دولة من الدول الفاعلة في الملف الليبي، لكن وسائل إعلام تونسية نقلت عن الرئيس قيس سعيد دعمه للعمامرة، رغم أن وزير الخارجية التونسي السابق خميس الجهيناوي مرشح لتولي المنصب أيضا.
ولقي خبر ترشيح لعمامرة ردود أفعال محلية متضاربة في حين سارعت وسائل الإعلام المحسوبة على الإسلاميين بنشر الخبر حتى قبل تأكيده وأعلنت شخصيات موالية للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر رفضها له.
وقال الصحافي الليبي محمود المصراتي في تدوينة على فيسبوك معلقا على ترشيح لعمامرة “لا نزال نرى أن اختيار ممثل للأمين العام من دول الجوار أيًا كانت هذه الدولة مصر أو السودان أو تونس أو التشاد أو النيجر هو اختيار خاطئ سوف يزيد من حدة الخلاف والتشظي بشكل أكبر فلا احد يقنعني أن لعمامرة يملك قرار نفسه بين منظومة تحكم الجزائر ولها مآرب في ليبيا”.
وأضاف المصراتي “لعمامرة إنْ شغل منصب ممثل الأمين العام فهذا يعني إضفاء الشرعية الدولية على الإرهابي عبدالحكيم بالحاج”.
وتابع “شاهدنا الجزائر تستقبل عبدالحكيم بلحاج جهاراً نهاراً بعد أن ضيقت عليه الخناق في العملية الإرهابية التي وقعت في عين أميناس”.
وخلص الصحافي إلى القول “تعتقد الجزائر أن ما لديها من مستمسكات ضد بالحاج ستجعل منه رجلها في ليبيا وستفرضه فرضاً باسم الأمم المتحدة شاء من شاء وأبى من أبى”.
وكان بلحاج في سنوات التسعينات، عنصرا نشيطا في تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة، التي كان بعض عناصرها في خندق واحد مع الإرهابيين الجزائريين.
والتقط الإسلامي الليبي سريعا إشارات التحركات الجزائرية في الملف الليبي، حيث علّق في يناير الماضي بالقول إن “الجزائر قادرة على جمع الفرقاء الليبيين وقيادة مبادرة فاعلة لإنهاء الحرب في ليبيا”.
وأضاف “نحن نتواصل معها، وهناك أنباء عن أنها تستعد لإطلاق مبادرة من أجل السلام في ليبيا، نعتقد أنها تمتلك من رهانات النجاح الكثير”.
وقبل ذلك أعرب الناطق باسم الخارجية الليبية التابع لحكومة الوفاق محمد القبلاوي، عن “يقينه بأن الجزائر ستلعب دورا إيجابيا في وقف العدوان على ليبيا وفي استقرار الدولة الليبية”، مؤكدا أن “حكومة الوفاق ترى أن للجزائر دورا مهما جدا باعتبارها جارة، كما أنها لم تتورط في الأزمة الليبية عسكريا”.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أعلن الاثنين استقالته “لأسباب صحية” بعد قرابة ثلاث سنوات في هذا المنصب.
وأعلن أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مساء الأربعاء، تعيين الأميركية، ستيفاني توركو ويليامز، ممثلة خاصة له بالنيابة، ورئيسة بعثة المنظمة الأممية للدعم في ليبيا.