"ركلة أصابت قلوب كل السوريين".. التحريض الإعلامي ضد اللاجئين في تركيا مستمر

أنقرة - ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يظهر اعتداء أحد سكان ولاية غازي عنتاب جنوب تركيا على مسنة سورية بالركل على وجهها.
وبحسب وسائل إعلام تركية، قام رجل تركي يدعى شاكر شاكير (39 عاما) وهو من ذوي السوابق العدلية، بركل سيدة تحمل الجنسية السورية تدعى ليلى محمد (70 عاما) على وجهها بقوة، وهي مسنة جالسة على مقعد، بدعوى “خطف طفل”.
وساد استياء وغضب واسعان خاصة بعدما تبين أن المسنة تعاني من مرض الزهايمر. وقالت الإخصائية النفسية زهور قهوتي على فيسبوك:
Zhour Kahwati
بداية أريد أن أؤكد على أنَّ الميثاق الأخلاقي لمهنة الاختصاصي النفسي هو حفظ السرية، ولكن يمكننا كسر السريّة، في ثلاث حالات (عندما يعرب المريض عن أفكار انتحارية، أو عندما يواجه تهديداً مباشراً بالإيذاء، أو عندما يفكِّر هو في إيذاء أحد ما). ومن خلال مسيرتي المهنية كاختصاصية نفسية اجتماعية واجهت هذه السيدة العجوز بجلستين خاصتين، وقد ظهر لي أنها تعاني من خَرَف وعائي، متزامن مع الزهايمر، منذ أكثر من سبعة أشهر – بحسب ما أذكر – وَلِأن مريض الخرف الوعائي يعاني من مشكلات في الذاكرة، التشوُّش وتراجع القدرة على تنظيم الأفكار والتصرفات، وانخفاض القدرة على تحليل المواقف، ووضع خطة فعالة وإبلاغ الآخرين بتلك الخطة… إلخ.
وأضافت “كم هو مؤلِم لمهنتي فقدان تواصلي معها، لأكثر من ثلاثة أشهر وأنا أحاول الوصول إليها، من أجل تقديم الدعم الكافي لها. علينا الوقوف معها ومع كل المرضى النفسيين، وألا ننبذهم، هذه حالة من ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا، علينا مناهضتها. سلامتك يا خالة”.
ويتعرض اللاجئون السوريون في تركيا لانتهاكات بشكل يومي من قبل مواطنين أتراك يحمّلونهم مسؤولية الأزمات الاقتصادية وغلاء الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة، ويظهرون خوفا وقلقا من أنّ السوريين بدأوا بالفعل في الاستقرار في البلاد ولن يغادروا.
وبحسب صحيفة “حرييت” التركية، فإنه بعد اعتقال المعتدي وأخذ إفادته أفرجت عنه السلطات المحلية، ولكن النيابة العامة اعترضت على الإفراج، لتعتقله الشرطة من جديد، ولا تزال الإجراءات في قسم الشرطة مستمرة.
وأطلق ناشطون حملات تضامن وتعاطف مع المسنة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعد الحادث أدلى حاكم غازي عنتاب داود غول ببيان قال فيه “تم التعرف على الشخص الذي ركل عمتنا المعوقة والمسنة نتيجة العمل الدقيق الذي قامت به شرطتنا، وتم احتجازه من قبل مكتب المدعي العام لدينا. لقد مد نائب محافظنا اليد الدافئة لولايتنا بزيارة العمة في منزلها. لن نسمح بأعمال المجرمين. نحن آسفون”.
وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جيليك “العنف ضد والدتنا ليلى محمد البالغة من العمر 70 عاما قد أحزننا جميعا. تقوم الوحدات القضائية والإدارية بالإجراءات القانونية اللازمة بشأن الجاني المدان شاكر شاكير. كل أفراد أمتنا يقفون بضمير إلى جانب الوالدة الضحية”.
واعتبر حساب فريق ملهم التطوعي:
وقال مغرد:
ـ@3BD_awal
هذه الركلة قد أصابت رؤوسنا جميعا، حطّمت بقايا القوة فينا، زادت عجزنا عجزاً وقهرا وألما ووجعا! رحمتك يا ربي بنا، قد طال قهرنا وبلغت قلوبنا الحناجر، فرّج عنّا يا رب.
وقال مغرد تركي:
وأضاف:
@celaldemir63
ولكن نحن نعلن كمواطنين بأن الفاعل الحقيقي لهذه الجريمة هو خطاب بعض السياسيين الذين لا يوجد لديهم أي مشروع وطني إلا العداوة والعنصرية ضد السوريين، وبأن العنصرية هي مرض ولا يوجد لها علاج إلا عصا الدولة وقوتها، ورغما عن كل العنصريين نعدكم بأننا لن نستسلم وسنقوي أواصر المحبة بيننا.
لكن مغردا تركيا آخر أجابه:
@orta2020
هذا استغفال مو أكثر… لا تقلب التصرف إلى الجهة المعارضة. يجب فرض القوانين وتفعيل قانون الحماية المؤقتة.
جدير بالذكر أن عدد اللاجئين السوريين الذين تم تسجيلهم تحت بند “الحماية المؤقتة” في تركيا وصل إلى 3 ملايين و710 آلاف. بينما وصل عدد السوريين حاملي إقامات العمل والدراسة إلى مليون و207 آلاف، وذلك وفق إحصائية صرّح بها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو منتصف سبتمبر الماضي.
وكتب معلق:
وتصاعد خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين خاصة من مسؤولين وسياسيين معارضين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وستشهد تركيا صيف عام 2023 الانتخابات الرئاسية. ورغم أن الموعد يبدو بعيدا نسبيا، لكن عددا من السياسيين الأتراك يستغلون من الآن ملف اللاجئين السوريين معتمدين على تنامي شعور عام مناوئ لهم. وحتى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قدم مشروعا بهذا الخصوص.
وحتى الكتلة الناخبة لحزب العدالة والتنمية لم تعد ترحب كثيرا باللاجئين السوريين، وأكد 46.6 في المئة منهم أن على السوريين العودة إلى بلادهم، في استطلاع رأي أجرته مؤسسة الديمقراطية الاجتماعية التركية.
وتجاوز التحريض ضد اللاجئين الحياة السياسية ليصل إلى الحياة العامة.
وظهرت مجموعات عنصرية تدعو إلى استخدام العنف ضد اللاجئين لإجبارهم على الرحيل، من بينها جماعة “إخوان آتامان” (Ataman Kardeşliği) التي تحمل شعار “اقتل لأجل عرقك”.
كما تم الإبلاغ عن وجود مجموعات أخرى تقوم بأنشطة مماثلة، لكن السلطات الأمنية تتابعها.
وأغلقت حسابات جماعة “آتامان” في مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت منصتها التحريضية ضد اللاجئين، ثم أعادت فتحها في الرابع عشر من أبريل الماضي، قبل أن تغلقها مجددا الشهر الماضي، وتعلن عن حل نفسها.
وسبب الحل وفق بيانها “تحقيق أهدافها بنشر الكراهية ضد اللاجئين العرب عامة والسوريين خصوصاً”.
ونشرت الجماعة نصها العقائدي الذي يدعو إلى استخدام العنف ضد اللاجئين، على اعتبار أن العنصرية “لا ينبغي أن تتم بالكلمات وعلى الإنترنت فقط”.
وبين استطلاع أجرته جامعة “قادر هاس” التركية أن نسبة الرافضين لوجود اللاجئين السوريين في البلد وصلت إلى 67 في المئة عام 2019، في ارتفاع بـ10 في المئة عن استطلاع مشابه عام 2016. ويقول خبراء إن النسبة ستصل عام 2022 إلى 87 في المئة.