رفع سعر صحف في الجزائر تأجيل لموت معلن

الجزائر - قال متابعون للشأن الإعلامي الجزائري إن قرار صحيفة الخبر، كبرى الصحف الصادرة باللغة العربية في الجزائر، رفع سعر النسخة الورقية هو “تأجيل لإعلان موتها”.
ونشر مدير الصحيفة زهرالدين سماتي، مقالا جاء فيه أن “عشرة دنانير، هذا هو المبلغ الإضافي الذي سيتعين على قراء الخبر دفعه في أكشاك بيع الصحف لاقتناء جريدتهم ابتداء من الثلاثين من أبريل الحالي”.
وأضاف أن “ثمن الجريدة الحالي (30 دينارا جزائريا) أصبح لا يغطي كلفة الإنتاج، ما جعل زيادة السعر أمرا حتميا”، على الرغم من أن “الزيادة الجديدة تضع القرّاء أمام خيار المفاضلة بين شراء مستلزماتهم الضرورية من خبز وحليب وخضروات وغيرها، وبين شراء صحيفتهم المفضلة”.
وأكد سماتي أن الصحيفة العريقة، التي يمتد عمرها إلى ثلاثة عقود، وعلى غرار عدد من الصحف الورقية في الجزائر، “تصارع من أجل الحفاظ على بقائها، وذلك تحت وطأة تراجع كبير لإيراداتها، وتحاول الصمود من خلال إجراءات استثنائية، كرفع سعر بيع الجريدة وتقليص الأعباء الثابتة إلى أقصى درجة”.
ويقول متابعون إن رفع السعر لا يتعدى كونه محاولة لتسجيل نقطة معنوية. فهم على دراية بأن عائدات الصحف الورقية تقلصت منذ العقد الماضي، بشكل كبير جدا.
وأشار سماتي إلى أن “الخبر” واجهت متاعب جدية خلال أزمة فايروس كورونا على مدار عامين متتاليين، “كان لهما أكبر الأثر في التأثير على أدائها الإعلامي والتجاري، كانخفاض نسبة التوزيع بشكل كبير، ومداخيل الإشهار (الإعلان)، مما أدى إلى التأثير على حجم إيرادات المؤسسة”.
وتعاني المؤسسات الإعلامية الجزائرية من تدهور أوضاعها المالية، وكانت صحيفة الوطن اتخذت جملة من القرارات لمواجهة الوضع المالي الصعب منها رفع سعرها أيضا بعشرة دنانير في مارس الماضي.
وأطلقت الصحيفة، وهي كبرى الصحف الناطقة باللغة الفرنسية في الجزائر وقائدة الاحتجاج السياسي، استغاثة مفادها “لا نعرف مصير الوطن خلال شهر أو شهرين أو ثلاثة، وربما أقل مما كنا نأمل. لكن ما يمكن أن نؤكده لكم، أيها القراء الأعزاء، هو أنه منذ الإنذار الأخير الذي زعزع الكثير من اليقين بشأن الوضع الحرج للغاية للصحيفة من حيث التوازن المالي، ساءت الأمور لتصل اليوم إلى درجة من الركود تهدد بشكل خطير فرص بقاء الصحيفة”.
وأعربت إدارة الصحيفة عن استيائها من حقيقة أن “الصحيفة التي تعتبر من أكثر الصحف نجاحا، بالإضافة إلى كونها أكبر تداولا”، تجد نفسها “في مثل هذه الحالة من الضغط الاقتصادي رغم جودة ودقة عملها”.
وتتهم إدارة الصحيفة اليومية السلطة السياسية بالرغبة في حملها على دفع ثمن تأييدها للديمقراطية.
وفي محاولة للبقاء أعلنت إدارة صحيفة الوطن لقرائها زيادة سعر البيع من 30 دينارا إلى 40 دينارا. وقالت في بيان “سيعرف أصدقاؤنا بأنفسهم أن العشرة دنانير الإضافية التي ستُطلب منهم اعتبارا من الأول من مارس ليست للربح ولكنها في الحقيقة بعض الهواء لإنعاش الخزينة. وبعبارة أخرى، تجنب التقدم بطلب لإشهار الإفلاس”.
يذكر أن الصحافة الجزائرية المستقلة ولدت وسط اضطرابات أكتوبر 1988، ولم تدم “حريتها” طويلا إذ أصبحت رهينة للنظام السياسي، الذي يعتمد نموذجا اقتصاديا عفا عليه الزمن.
ولم تعد غرف الأخبار في الجزائر اليوم تحتسب عدد العناوين التي تختفي، دون أن يثير ذلك أدنى عاطفة. وتوقف نشر ستة وعشرين صحيفة بين عامي 2014 و2017. وتتقلص الصحف الصادرة باللغة الفرنسية أكثر من غيرها إذ اختفى أكثر من أربعين عنوانا منذ التسعينات. واختفت قبل أسبوعين صحيفة “ليبرتي” الناطقة بالفرنسية بعد صفقة بين مالكها رجل الأعمال يسعد ربراب والسلطة السياسية، وفق ما تقول مصادر إعلامية.
وبينما كانت الصحف الناطقة بالفرنسية على قدم المساواة مع الصحف الصادرة باللغة العربية، فإنها تمثل الآن ثلث العناوين الموجودة في البلاد وعددها 149 عنوانا. وانخفض تداولها بنسبة 50 إلى 60 في المئة في بضع سنوات. وتطبع أربع أو خمس جرائد يومية فقط أكثر من 10000 نسخة، بينما كانت هناك 21 نسخة في عام 2016. وتظهر التقارير الأخيرة احتمالات أكثر كآبة من أي وقت مضى.
وقالت مصادر مقربة من “الوطن” إن الصحيفة كانت تسحب في عام 2012 أكثر من 163 ألف نسخة، قبل أن ينخفض العدد إلى أقل من 80 ألفا في عام 2017، وأصبح لديها اليوم 40 ألف نسخة فقط، وهو العدد الأعلى تداولا بين جميع الصحف الجزائرية.