رغم الانقسامات.. الناتو يكثّف مساعيه لتعزيز دوره السياسي

سلتوتنرغ يعرض تقريرا للجنة خبراء من خارج الحلف للدفع باتّجاه جعل التحالف الدفاعي محورا سياسيا.
الاثنين 2020/11/30
محاولة لمواجهة الانقسامات

بروكسل – يعتزم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس سلتوتنرغ  الدعوة هذا الأسبوع إلى تعزيز الدور السياسي للتحالف الدفاعي في الحلف بصفته حجر الأساس للغرب، وذلك بعرض تقرير للجنة خبراء من خارج الحلف يدعم توجهه على وزراء خارجية الدول الأعضاء.

وقال سلتوتنرغ في مؤتمر صحافي عقده لعرض أبرز نقاط مؤتمر افتراضي سيعقد الثلاثاء عبر الفيديو، إنه دعا بايدن إلى قمة في بروكسل “مطلع العام المقبل” سيشارك فيها قادة الدول الأعضاء، موضّحا أن “موعد القمة لم يحدد بعد. لكن القمة ستعقد. وبالتأكيد كل قادة الحلف سيحضرون”.

وأضاف سلتوتنرغ، الذي يصرّ على الدفع باتّجاه جعل التحالف الدفاعي محورا سياسيا، “سأقدّم مقترحاتي لرؤساء الدول والحكومات خلال الاجتماع الذي سيعقد العام المقبل”، مضيفا “أتطلّع إلى ذلك لأن حلف شمال الأطلسي أثبت أنه تحالف نشط للغاية”.

ولطالما اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدول الأوروبية المنضوية في الحلف بأن مساهماتها أقل من حجمها، وسرّع انسحاب القوات الأميركية من بعثات الحلف في أفغانستان على الرغم من عدم التوصّل إلى حل سياسي مستدام.

ويعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن التحالف يعاني “موتا دماغيا”. وسعى ماكرون لاستغلال الأزمة لدعوة أوروبا إلى تطوير “استقلالية استراتيجية” للتحرك خارج حدودها من دون العودة إلى الحلفاء إذا اقتضى الأمر. واصطدم هذا الأمر بمعارضة ألمانيا التي تأمل أن يعيد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بلاده إلى نهج أكثر جماعية.

من جانبها، اشترت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي منظومة صواريخ دفاعية روسية على الرغم من تحذيرات التحالف، وهي تخوض نزاعا بحريا محفوفا بالمخاطر مع اليونان المنضوية أيضا في الحلف.

وبقيت بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي منضوية في الحلف، وقد عزّزت إنفاقها العسكري تطبيقا للهدف المحدد للدول الأعضاء بإنفاق يبلغ 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في غضون أربعة أعوام، لكن دولا أوروبية أخرى منضوية في الحلف، خصوصا ألمانيا، لن تلتزم بتحقيق هذه النسبة من الإنفاق الدفاعي في السنوات المقبلة، وربما أبدا.

وعلى خلفية ذلك، سيتعين على الحلفاء أن يقرروا كيفية التصدي لتزايد نفوذ روسيا والصين المنخرطتين في تحديث جيشيهما.

وحلف شمال الأطلسي الذي تشكّل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بصفته درعا للغرب إبان الحرب الباردة، يسعى إلى أداء دور جديد على صعيد حفظ السلام في أفغانستان، والحروب الإلكترونية ومكافحة الإرهاب، لكن هدفه الأساسي يبقى ردع الخصوم وخصوصا روسيا والصين.

ويواجه الحلف ما يمكن أن يصبح منافسة من منظمة تتخّذ بدورها بروكسل مقرا لها هي الاتحاد الأوروبي الساعي إلى تعزيز دوره “الجيوسياسي”، وغالبية دول الاتحاد الأوروبي، وليس كلها، منضوية في حلف شمال الأطلسي، لكنها منقسمة، فيما تدرس دول التكتل خطة لم تنشر بعد لتطوير “بوصلة استراتيجية” خاصة بالاتحاد وخفض اعتمادها على واشنطن.

وشدّدت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب - كارنباور على “ضرورة وضع حد لأوهام الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية”، وقالت إن هذا الشهر “لن يتمكّن الأوروبيون من أداء الدور المحوري لأميركا بصفتها متعهدة الأمن”.

وخالفها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرأي في مقابلة حول السياسة الاستراتيجية مع صحيفة “لو غران كونتينان”، واصفا موقفها بأنه “إساءة فهم”.

وتسرّع ماكرون باستنتاج أن ميركل لا تؤيد وزيرة دفاعها، لترد كرامب - كارنباور بالقول “لم أسمع المستشارة تقول إن حلف شمال الأطلسي غير فاعل”.

ويعتبر خبراء أن من الخطأ التركيز على انتقادات ماكرون للحلف، إذ تقول أولريكي فرانكي العضو في لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الأوروبي إن “الرئيس ماكرون لطالما اعتبر أن الدفاع الأوروبي يكمّل (دور) حلف شمال الأطلسي”.

وقال النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي أرنو دانجان الخبير في الاستراتيجيات الدفاعية "إن على أوروبا تعويض تخلّفها على صعيد التكنولوجيا المتطوّرة على غرار الأسلحة ذاتية التشغيل ونظامها التوجيهي الخاص بواسطة الأقمار الاصطناعية"، لكنه اعتبر أن تركيز فرنسا الحالي على منطقة المتوسط والمنطقة التي تشهد انعداما للاستقرار في شمال أفريقيا وغربها قد يكمّل مهمة حلف شمال الأطلسي بالتصدي شمالا وشرقا لروسيا.

وتابع أن “السياسة الدفاعية الأوروبية تقوم على إدارة الأزمات أكثر من أي شيء آخر، وهذا الأمر سينفّذ على الجبهة الجنوبية في مناطق لم تعد تشكّل أولوية للولايات المتحدة”.