رسوم المعادن تطبع تأثيراتها على معلبات الأغذية في المتاجر

التحولات المحتملة إلى الكرتون المعقم أو الزجاج تتزامن مع عقبات لوجستية قائمة وارتفاع أكبر في التكاليف.
الأربعاء 2025/06/25
الأسعار ليست على ما يرام

تشهد أسواق الأغذية العالمية تحولات ملحوظة بفعل الارتفاع المستمر في رسوم المعادن، ما ينعكس بوضوح على أسعار معلبات الأغذية في رفوف المتاجر. ومع اعتماد قطاع التغليف بشكل كبير على الألمنيوم والصلب باتت تقلبات أسعار هذه المواد تؤثر بشكل مباشر على الشركات والمستهلكين.

نيويورك - لم تعد الأسعار تقتصر على المنتجات الفاخرة أو المستوردة، بل طالت سلعًا أساسية تدخل يوميًا في سلة المستهلك. وفي ظل الضغوط التضخمية وسلاسل التوريد المتقلبة، باتت رسوم المعادن عاملًا إضافيًا يفاقم التحديات أمام المستهلكين والشركات. ويُشارك آندي روسيك، الذي يبيع الفاكهة والطماطم المعلبة لأبرز متاجر البقالة الأميركية مثل كروجر، والمستشفيات والمدارس، الهدف المعلن وراء حرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية، ألا وهو مكافحة الواردات الصينية الرخيصة.

ومع ذلك، عندما تضاعفت الرسوم على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50 في المئة مع مطلع هذا الشهر، أصبحت شركته، باسيفيك كوست بروديوسرز، المُصنّعة للأطعمة المعلبة، ضحيةً جانبيةً للسياسات التجارية المُتقلبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتكمن المشكلة في أنه منذ عام 2017، تغمر واردات الفاكهة والخضراوات الصينية، وغيرها من الأطعمة المعلبة المماثلة من جنوب شرق آسيا وأوروبا، رفوف المتاجر الأميركية الكبرى، ما يُخفّض أسعار المنتجات المماثلة من الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن يتسارع هذا الاتجاه مع ارتفاع كلفة الفولاذ المتخصص المستخدم في حفظ الطعام بنحو 6 في المئة في منطقة باسيفيك كوست، ومقرها لودي في كاليفورنيا، بسبب الجولة الأخيرة من الرسوم على المعادن. وقال روسيك، نائب رئيس المبيعات والتسويق في باسيفيك كوست، وهي مورد رئيسي للمنتجات طويلة الأجل ذات العلامة البيضاء في الولايات المتحدة لرويترز “نحن عالقون في دوامة هذه المشاكل.”

والرسوم الجديدة على الفولاذ والألمنيوم، وهما معدنان يُستخدمان في تغليف الأطعمة والمشروبات ومنتجات العناية الشخصية مثل كريم الحلاقة، تُثير حفيظة الشركات، التي تواجه الآن تكاليف أعلى. وهذا الوضع الضاغط يُجبرها على البحث عن بدائل مثل العبوات الزجاجية أو البلاستيكية أو المصنوعة من الألياف. وفي الوقت نفسه، يرى مُصنّعو العبوات البديلة فرصة جديدة لزيادة أعمالهم.

ويتوقع روسيك خلال السنوات القليلة المقبلة تحويل بعض مواد التغليف إلى عبوات كرتونية معقمة، مثل تلك التي تنتجها شركة تيترا باك السويدية – السويسرية ومجموعة أس.آي.جي السويسرية المدرجة في البورصة. وعلاوة على ذلك، قد يتم بيع المزيد من صلصة الطماطم في أكياس رقائق معدنية أرخص للمطاعم لتوفير التكاليف.

وصرح جيمس كوينسي الرئيس التنفيذي لشركة كوكاكولا، للمستثمرين في فبراير، عندما كان من المقرر رفع الرسوم على الألومنيوم والصلب إلى 25 في المئة، فإن شركة صناعة المشروبات الغازية قد تزيد من التركيز على البلاستيك إذا ارتفعت أسعار العلب.

وقال صامويل سيجريست، الرئيس التنفيذي لمجموعة أس.آي.جي، الذي تقدم شركته عبوات كرتونية معقمة خالية من الألومنيوم إن “الحرب التجارية تُغذي النقاش الدائر حول ضرورة التخلص من الألومنيوم في عبوات المشروبات.”

وأعلنت شركة كامبل، التي أصبحت علب الحساء التي تنتجها أعمالاً فنية شهيرة، في بيان لها أنها “تعمل على التخفيف من ارتفاع التكاليف الناجم عن الرسوم الجمركية، وستواصل الاعتماد على علب الفولاذ في التغليف.” ويأمل مصنعو العبوات الزجاجية أيضًا في زيادة حصتهم من علب الألمنيوم المستخدمة في صناعة البيرة بسبب الرسوم، وفقًا لما ذكره سكوت دي فايف، رئيس معهد التغليف الزجاجي الأميركي، الذي يمثل الشركات المصنعة.

وقال زاك ستامبور، المحلل في شركة أبحاث السوق إي – ماركتر “إذا استمرت هذه الرسوم الجمركية، فإن هوامش الربح الضئيلة ستجبر الشركات في النهاية على اتخاذ إجراء.” وأضاف لرويترز “على المدى الطويل، قد تضطر الشركات إلى إعادة النظر في إستراتيجيات التغليف الخاصة بها.”

ويتطلع روسيك، حاليًا إلى تحويل تكاليف جديدة تتراوح بين 8 و10 ملايين دولار، ناجمة عن الرسوم على الفولاذ الخاص المستخدم في العلب، إلى عملائه، وهو رقم تتوقع الشركة أن يرتفع إلى 40 مليون دولار العام المقبل.

ويعتقد أنه بحلول الربيع المقبل، قد ترتفع كلفة العلب التي يتم تسليمها إلى شركته لموسم الحصاد القادم بنسبة 24 في المئة بسبب الرسوم الجمركية. لكن هذه التحولات المحتملة من الألمنيوم والفولاذ إلى الكرتون المعقم أو الزجاج تأتي مع عقبات لوجستية وتكاليف. ولا تزال معظم زجاجات الزجاج أغلى من زجاجات الألومنيوم نظرًا إلى وزنها الثقيل عند الشحن.

كما تتمتع علب الألومنيوم بثقل كبير في بعض المشروبات الأميركية، فوفقًا لمعهد البيرة، فإن حوالي 64 في المئة من البيرة المباعة في عام 2023 كانت في علب ألومنيوم. وتنتشر هذه العلب أيضًا في فئات المشروبات سريعة النمو، في مقدمتها مشروبات الطاقة، مثل زوا من مولسون كورز، وعلامات تجارية للمياه غير الغازية، بما في ذلك ليكويد ديث المشهورة والكوكتيلات الجاهزة.

وصرح جاك بوفينغتون، مدير سلسلة التوريد والاستدامة في شركة فيرست كي الاستشارية، التي تقدم الاستشارات لصناعات التخمير والمشروبات، بأن معظم الألومنيوم المستخدم في صنع هذه العلب يُعاد تدويره ولا يخضع للرسوم. ووفقًا لجمعية الألومنيوم، تحتوي علبة المشروبات الأميركية المتوسطة بالفعل على 71 في المئة من المحتوى المعاد تدويره. ويمكن أن يرتفع هذا الرقم إذا مارس المستهلكون الأميركيون إعادة التدوير بجدية أكبر.

وقال فرناندو تينينباوم المدير المالي لشركة أنهاوزر بوش إنبيف لرويترز في مايو الماضي قبل مضاعفة الرسوم على الألومنيوم إن التأثير المالي للرسوم التي تؤثر على العلب “ليس ذا صلة” بالشركة. وأشار إلى أن شركة أي.بي إنبيف، التي تستورد الغالبية العظمى من علبها من الولايات المتحدة، ليس لديها خطط لإجراء تغييرات على عبواتها. ورفضت الشركة التعليق على هذا التقرير.

وقد يكون من الأسهل على شركات مثل كوكاكولا التي تستخدم بالفعل مجموعة متنوعة من العبوات الاستجابة لرسوم الألومنيوم. وعلى النقيض من ذلك، قال بوفينغتون إن “مصانع البيرة التي أغلقت خطوط التعبئة للتركيز على العلب ستضطر إلى القيام باستثمارات ضخمة لإعادة تنظيم عملياتها.”

ويشكل البلاستيك بالفعل قرابة 50 في المئة من عبوات كوكاكولا عالميا، وفقا لتقرير الشركة البيئي لعام 2023، مقابل 26 في المئة للألمنيوم والصلب. وتقول الشركة إن 8 في المئة فقط من منتجات منافستها بيبسيكو كانت معبأة بالألمنيوم في عام 2023. وصرحت شركة كرونيس الألمانية، الرائدة في مجال تكنولوجيا التعبئة والتغليف، والتي تشمل منتجاتها خطوط تعبئة زجاجية، بأنها لم تشهد حتى الآن أيّ تحول كبير نحو الزجاج.

ويستبعد دي فايف حدوث تحول سريع وواسع النطاق نحو أشكال أخرى من التغليف في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة، حيث تتردد الشركات في اتخاذ قرارات مالية أو إستراتيجية مهمة بناءً على سياسات تعتقد أنها قابلة للتغيير. وقال لرويترز "أعتقد أن البعض ينتظرون بفارغ الصبر ليروا ما سيصمد وما لن يصمد. فوجود شيء ما لمدة 30 يومًا لا يشكل تهديدا مباشرا لسلسلة التوريد الخاصة بك."

11