رسومات الأطفال بوابة الآباء لفهم مشاعرهم

واشنطن – تكشف رسومات الأطفال جزءا من طريقتهم في التفكير، وتحمل الكثير من مشاعرهم ومخاوفهم ويرى المختصون أن الرسم يعتبر طريقة جيّدة للتعبير عن التوتر، والبحث عن الراحة في الأوقات الصعبة، وقد تقدّم الرسوم مفاتيح أمام المعالجين للطفل أيضا، فهي إحدى الوسائل التي يتواصل بها الطفل مع محيطه إلى جانب التواصل اللفظي.
وقال ميكال فيمر هو طبيب وخبير دولي في تحليل رسومات الأطفال إن الآباء والمعلمين والمتخصصين في الصحة العقلية يسعون لتحليل رسومات الأطفال بغرض تحديد المخاوف والاضطرابات، أو إحداث تغيير سلوكي مهم، موضحا أن الرسوم تعتبر أداة إضافية متاحة بسهولة لفهم السلوك اليومي.
وكشفت دراسة حديثة أن تحليل رسوم الطفل قد يكشف الخلل الأسري الذي يعانيه، ففي الأسر التي تعاني من الفوضى، رسم الأطفال أنفسهم أصغر حجما بكثير وأبعد من الآخرين، وهو ما يشير إلى شعور الطفل المتدني بذاته، كما حلّلت الدراسة المسافة بين الأم والأب بوصفها أحد الشواهد على شعور الطفل بالاستقرار الأسري، وقيّمت الدراسة رسوم أطفال في عمر السادسة، إذ أنه العمر الذي يصبح لرسومهم معنى فيه.
كما كشفت الدراسة أن الطفل في السنوات الأولى، قد يُغرم بلون معين لعدة أيام، فيملأ منه لوحته، لكن هذا لا يكون مؤشرا لشيء ما، كما أن الطفل لا يعني في هذا العمر أن يعبّر في رسومه عن الواقع، ولا يهتم بالتناسق بين الألوان، إنه فقط يشاهد التضاد بين الورقة البيضاء والألوان الأخرى، وبين الخامسة والسادسة من عمر الطفل يكون لرسوم الطفل معنى ومؤشر حول شعوره، على أن ملاحظة ذلك يجب أن تقترن بملاحظة سلوكه.
وقام الدكتور كريستوفر هاستينغز هو طبيب نفساني بإجراء تقييمات نفسية لمجموعة مختلفة من الأطفال والمراهقين لأكثر من 10 سنوات، وغالبا ما استخدم الرسومات للمساعدة في تفسير ما يخفيه الطفل، وحذر الآباء من إهمال هذه الرسومات خصوصا إذا كانت متكررة.
وأكد هاستينغز “بشكل عام، عندما يرسم الطفل منزلا أشعر أنه يرسم تمثيلا لنظرته لحياته، المنازل يمكن أن تكون عناصر استقرار وثبات، ولكن بالنسبة للأطفال الذين يأتون من تجارب عائلية سلبية، يمكن أن يمثل المنزل سجنا”.
كما أوضح هاستينغز “الرسومات التي تصور مشهدا معينا مع أفراد الأسرة مثل الغرق يمكن أن تكون مزعجة للغاية وتحتاج إلى أن تتساءل عن السبب، هل شاهد الطفل مؤخرا شخصا يحترق أو يغرق في برنامج تلفزيوني؟ أو يمكن أن تشير إلى أن الطفل يشعر بالقلق من فقدان أفراد أسرته بطريقة مأساوية. ومن المرجح أن يقترن هذا مع الكوابيس وبعض القلق والانفصال عن أفراد الأسرة. وهناك حالات أخرى، حين تكون لدى الطفل مشاعر سلبية اتجاه أفراد الأسرة وفي جميع الأحوال يجب التحدث مع الطفل حول مغزى الرسمة”.
وكشف تقرير لموقع “مامز” الأميركي أن الكبار يعتقدون في الكثير من الأحيان أن مظاهر العنف في رسومات الأطفال تدل على أشياء خطيرة، على الرغم من أن ذلك ليس صحيحا في معظم الحالات.
وقال المختصون إن الأطفال لا يمتلكون في الكثير من الأحيان الكلمات المناسبة للتعبير عما يفكرون فيه، ويمنحهم الرسم فرصة لذلك، مؤكدين أنه على الآباء والأمهات أن يفهموا أن ما قد يعتبرونه صورة عنيفة، قد يكون مجرد صورة بريئة تبادرت إلى ذهن الطفل. قد يلاحظ الأبوان أن الطفل رسم سلاحا أو بقعا من الدم، وعند التحدث معه لمعرفة معنى ذلك، قد يتفاجأ أن البقع الحمراء في الصورة ليست سوى بقايا عصير مسكوب أرضا، وليس كما تخيلته.
وأشار الخبراء إلى أنه حتى إن تأكد الأبوان أن الطفل يرسم بالفعل صورا عنيفة، فليس هناك ما يثير القلق، فمن الممكن أن يرسم الطفل شيئا قد شاهده في نشرة الأخبار، منبهين إلى أنه إذا كان الطفل يستخدم اللونين الأحمر والأسود فقط في كل رسوماته، فربما يجب القلق. ومن الطبيعي أن يختار الطفل هذين اللونين من وقت لآخر، ولكن إذا كان الأمر يقتصر عليهما في كل الرسومات، فقد يشير ذلك إلى أن الطفل يعاني من مشكلة ما.
وكشف موقع “آي.بي.سي” التعليمي أنه غالبا ما يرتبط استخدام هذين اللونين بالاكتئاب في مرحلة الطفولة، ويمكن أن يمثل استخدام اللون الأحمر بصفة مفرطة علامة على التوتر والعدوانية، موضحا أن إلقاء نظرة فاحصة على عادات الطفل يمكّن من التعرف على الأشياء التي يفضلها والانتباه إلى أي تغيير مفاجئ.
ولفت المختصون إلى أنه غالبا ما يميل الطفل إلى رسم أشكال معينة وتكرارها باستمرار، وإذا توقف عن رسم أشكال تعود عليها مثل السماء والشمس، وبدأ فجأة يرسم صورا عنيفة، فمن المهم الانتباه إلى هذا التغيير، وإذا كان الطفل منزعجا من أمر ما، يمكن اكتشاف ذلك بسرعة مع هذا التغيير المفاجئ، وحينها يجب التحدث معه لمعرفة ما يدور في ذهنه.