رسالة تحذير أميركية لتركيا بشأن روسيا وتعزيز مجهودها الحربي

إسطنبول - وجهت الولايات المتحدة تحذيرا إلى تركيا من تصدير مواد كيماوية ورقائق دقيقة ومنتجات أخرى إلى روسيا يمكن أن تستخدمها في مجهودها الحربي بأوكرانيا، مشيرة إلى أنها قد تتحرك لمعاقبة الشركات والبنوك التركية التي تنتهك العقوبات، وذلك لتضييق الخناق على موسكو وعزلها على المدى الطويل.
والتقى براين نيلسون، كبير مسؤولي العقوبات في وزارة الخزانة الأميركية، بمسؤولين من الحكومة والقطاع الخاص في تركيا يومي الخميس والجمعة للحث على مزيد من التعاون في عرقلة تدفق هذه السلع.
وفي كلمة وجهها لمصرفيين، قال نيلسون إن زيادة ملحوظة على مدار عام في الصادرات إلى روسيا تجعل الكيانات التركية "معرضة بشكل خاص لمخاطر السمعة والعقوبات"، أو خسارة القدرة على الوصول إلى أسواق دول مجموعة السبع.
وأضاف، وفقا لنسخة من خطابه صادرة عن وزارة الخزانة، أنه يتعين عليهم "اتخاذ احتياطات إضافية لتجنب المعاملات المرتبطة بالعمليات المحتملة لنقل التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن يستخدمها المجمع الصناعي العسكري الروسي".
ويعد نيلسون ثالث مسؤول كبير من وزارة الخزانة يزور تركيا خلال عام، ما زاد الضغط على أنقرة للامتثال للعقوبات الأميركية، فيما يُتوقع إجراء المزيد من الزيارات من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول هذا الموضوع في الأسابيع المقبلة.
وقال مسؤول أميركي كبير طلب عدم الكشف عن هويته إن نيلسون ووفدا معه سلطوا الضوء خلال الاجتماعات التي عقدت في أنقرة وإسطنبول على صادرات بعشرات الملايين من الدولارات إلى روسيا تثير قلقا.
وأضاف "ليست مفاجأة... أن تسعى روسيا بقوة للاستفادة من العلاقات الاقتصادية التاريخية التي تربطها بتركيا. السؤال هو ماذا سيكون الرد التركي".
وأفادت وكالة "بلومبرغ" الأميركية أن المصدرين الأتراك أرسلوا سلعاً بقيمة 800 مليون دولار إلى روسيا، بما في ذلك 300 مليون دولار من الآلات و80 مليون دولار أخرى من الإلكترونيات، في الفترة الممتدة بين مارس وأكتوبر 2022.
وشملت المجالات الأخرى السفن الروسية الخاضعة للعقوبات أو الخاضعة لضوابط التصدير التي تتواصل مع الموانئ التركية.
إلى ذلك، استعرضت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بيانات تظهر أن شركات تركية صدّرت خلال العام الماضي ما قيمته عشرات الملايين من الدولارات من الآلات والإلكترونيات وقطع الغيار وغيرها من العناصر التي تحتاجها روسيا لجيشها، ما يسلط الضوء على الطرق التي تغذي فيها موسكو مجهودها الحربي رغم العقوبات.
وأظهرت البيانات أن 13 شركة تركية على الأقل صدّرت ما لا يقل عن 18.5 مليون دولار من المواد، بما في ذلك البلاستيك والمطاط والمركبات، إلا أن ما لا يقل عن 10 شركات روسية وضعتها الولايات المتحدة على قائمة العقوبات، كما أرسلت الشركات التركية ثلاث شحنات من بضائع أميركية الصنع.
وأشارت البيانات إلى أن شركات تركية أرسلت أيضاً 15 مليون دولار أخرى في شكل مصاعد ومولدات كهربائية ولوحات دوائر كهربائية أميركية الصنع وعناصر أخرى إلى روسيا، في انتهاك لضوابط التصدير الأميركية المصممة لـ"تجويع" روسيا من المعدات العسكرية الحيوية من مارس إلى أكتوبر 2022.
وتأتي زيارة نيلسون، بعد أن حذر كبار المسؤولين الأميركيين تركيا أواخر العام الماضي من أن الأتراك "قد يواجهون غرامات وعقوبات بالحبس بسبب انتهاك ضوابط التصدير الأميركية.
وتعارض أنقرة، العضو في حلف شمال الأطلسي، العقوبات الواسعة على روسيا من حيث المبدأ، لكنها تقول إنه لن يتم التهرب منها في تركيا، وحثت الغرب على تقديم أدلة.
وطبقت الدول الغربية ضوابط على الصادرات وعقوبات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ قبل نحو عام. ومع ذلك، ظلت قنوات التوريد مفتوحة من هونغ كونغ وتركيا ومراكز تجارية أخرى.
ونقلا عن سجلات الجمارك الروسية، ذكرت "رويترز" في ديسمبر أن مكونات لأجهزة الكمبيوتر ومكونات إلكترونية أخرى بقيمة لا تقل عن 2.6 مليار دولار تدفقت إلى روسيا خلال سبعة أشهر حتى 31 أكتوبر. وصنعت شركات غربية ما قيمته 777 مليون دولار على الأقل من هذه المنتجات وعثر على رقائق من إنتاج هذه الشركات في أنظمة الأسلحة الروسية.
وتوازن أنقرة بين علاقاتها الجيدة مع كل من موسكو وكييف خلال الحرب، وأجرت محادثات مبكرة بين الطرفين وساعدت أيضا في التوسط في اتفاق للسماح بشحن الحبوب من أوكرانيا.
وزيارة نيلسون، هي الأحدث إلى تركيا لأحد كبار المسؤولين الأميركيين بهدف تكثيف الضغوط عليها لضمان تطبيق القيود الأميركية على روسيا.
وأحدثت الضغوط بعض التغييرات، فقد قالت هافاس، أكبر مزود بالخدمات الأرضية في تركيا، لشركات الطيران في روسيا وروسيا البيضاء إنها قد تتوقف عن توفير قطع الغيار والوقود وغيرها من الخدمات لطائراتها أمريكية المنشأ بما يتماشى مع الحظر الغربي، وذلك حسبما أفادت رويترز أمس الجمعة نقلا عن خطاب من الشركة بتاريخ 31 يناير كانون الثاني.
وفي سبتمبر، علقت خمسة بنوك تركية استخدام نظام الدفع الروسي (مير) بعد أن استهدفت وزارة الخزانة الأمريكية رئيس الكيان المشغل للنظام بعقوبات جديدة وحذرت من يساعدون موسكو من الالتفاف عليها.
وحث نيلسون المصرفيين الأتراك على مزيد من التدقيق في المعاملات المرتبطة بروسيا، وأشار في كلمته إلى أن الأثرياء الروس يواصلون شراء العقارات وإرساء اليخوت في تركيا.
وقال المسؤول إن نيسلون أشار في محادثات منفصلة مع الشركات التركية إلى الطريقة التي يُعتقد أن روسيا تتفادى بها القيود الغربية لإعادة توريد المواد البلاستيكية والمطاط وأشباه الموصلات الموجودة في سلع مصدرة ويستخدمها الجيش.
وأضاف أنه بعد اتخاذ خطوات العام الماضي للضغط على موسكو لإنهاء الحرب، فإن تركيز الولايات المتحدة ينصب الآن على التهرب من العقوبات.
وقالت وزارة الخزانة الأسبوع الماضي إن نيلسون زار أيضا الإمارات وسلطنة عمان للتأكيد أيضا أن واشنطن ستواصل فرض عقوباتها بحزم.
وتأتي الجهود الأميركية لإغلاق شبكات المشتريات العسكرية الروسية، وسط تحذيرات من كبار المسؤولين الأوكرانيين والغربيين، من أن روسيا تستعد لهجوم جديد كبير على أوكرانيا يمكن مقارنته بهجومها الأوّلي الشامل على البلاد في فبراير 2022، فيما توقع رئيس الأمن القومي الأوكراني هذا الأسبوع أن يتم الهجوم في غضون أسابيع.