ويرى مراقبون أن تعمد موريتانيا استعراض أسلحتها الحديثة، والتأكيد على امتلاكها طائرات مسيرة هجومية واستطلاعية متطورة، كل ذلك بهدف إيصال رسالتين إلى الداخل والخارج.
فالرسالة إلى الداخل مفادها أن المدونين الذين يسخرون من تسليح جيش بلدهم عليهم أن يعيدوا النظر في ذلك، فالطائرات المسيرة، وغيرها من الأسلحة باتت- وربما كانت- متوفرة لدى الجيش، لكن الجديد فقط هو الإعلان رسميا عن ذلك.
أما الرسالة إلى خارج، وتحديدا الجارة مالي مفادها أن موريتانيا ليست فقط قادرة بل عازمة على حماية حدودها، والدفاع بقوة وصرامة عن مصالحها في الإقليم.
ولا يمكن فصل خطوة استعراض نماذج من هذه الأسلحة المتطورة بمعزل عن هذه الاعتبارات، خاصة وأن الجيش الموريتاني ظل - كبقية جيوش العالم- يعتمد السرية والتعتيم بشأن ترسانته العسكرية، ونادرا ما يعلن الجيش عن أسلحته الجديدة على النحو الذي حصل بحضور القائد الأعلى للوات المسلحة، رئيس الجمهورية ولد الشيخ الغزواني لتكون موريتانيا بذلك أوصلت رسالة مزدوجة، رسالة طمأنة موجهة للداخل، ورسالة تحذيرية لمن يعرفون أنفسهم جيدا، من باب "إياك أعني واسمعي يا جارة".
وكان تقرير صادر عن موقع "ميليتاري أفريكا" المتخصص في الشؤون العسكرية الأفريقية قد كشف في أبريل المضي عن أن عدد الطائرات المسيرة في ترسانة الجيش الموريتاني حوالي أربع مسيرات، وأنه يحتل بذلك المركز الـ28 أفريقيا والأخير مغاربيا.
وأنشأ الجيش الموريتاني العام الماضي قاعدة للمسيرات في مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي.
ويأتي استعراض العتاد العسكري المتنوع بأعقاب مناورات استمرت يومين على الحدود الموريتانية المالية مطلع مايو الماضي، قالت موريتانيا حينها إن المناورات "ردا على توغلات الجيش المالي وقوات فاغنر الروسية في عدد من القرى الموريتانية الحدودية وترويعها الموريتانيين واعتقال بعضهم وتخريب ممتلكاتهم وإصابة مواطنين بجروح".
وتعاني موريتانيا من ضعف في تجهيز جيشها في وقت قدمت روسيا عتادا متطورا لمالي المجاورة وبات استخدام المسيرات أمرا عاديا من قبل الجيش المالي المدعوم من ميليشيا فاغنر الروسية.
ويمثل سلاح المسيرات أهمية كبيرة للجيش الموريتاني في مواجهة خطر الجماعات الجهادية القادمة من الحدود الجنوبية والمناطق الصحراوية في ظل تصاعد نفوذها في دول مثل مالي والنيجر.
وتصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة حدة الأزمة بين موريتانيا ومالي على خلفية اختراق للحدود وسط تحولات سياسية عميقة بمنطقة الساحل الإفريقي، ومخاوف من انعكاسات سلبية قد تطال المنطقة في حال فشل البلدين في احتواء تلك الأزمة.
ولم تشهد موريتانيا، الدولة الصحراوية الشاسعة البالغ عدد سكانها 4.5 ملايين نسمة، أي هجوم من قبل الجماعات المسلحة منذ عام 2011، بينما تنتشر تلك الجماعات بأماكن أخرى في منطقة الساحل وتشن هجمات متكررة في عدة دول من بينها مالي.