رسائل سياسية خلف تحرك السلطة الفلسطينية لضبط الأمن في المخيمات

رام الله - تشن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية حملة أمنية مكثفة على مخيم جنين شمال الضفة الغربية، حيث ينشط مسلحون بينهم منتمون لحركتي حماس والجهاد الإسلاميتين. ويأتي تحرك الأجهزة الأمنية الفلسطينية في سياق مسعى لضبط الوضع الأمني في المخيمات، وهي خطوة لا تخلو من دلالات سياسية في ظل ترتيبات تجري لإنهاء الحرب في غزة، ومن بينها من سيتولى إدارة القطاع.
ويعد اليوم التالي من الحرب على غزة، أحد المعضلات التي تعوق التوصل إلى اتفاق لوقف النار في القطاع المدمر، حيث أن إسرائيل تريد الحفاظ على وجود “مؤقت” هناك، وتعارض تولي جهة فلسطينية وبينها السلطة مهمة إدارة الوضع الأمني. وتريد السلطة الفلسطينية إيصال رسالة لاسيما لإسرائيل والخارج على أنها قادرة على فرض النظام.
وقتل شاب وأصيب آخر في مخيم جنين في المواجهات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين. واتهمت الأجهزة الأمنية بداية “مجموعة خارجة عن القانون” بالمسؤولية عن مقتل الشاب، وأصدر الناطق باسم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة أنور رجب بيانا قال فيه “تحتسب قوى الأمن الشاب ربحي محمد ربحي الشلبي، البالغ من العمر 19 عاما، شهيدا للوطن بعد أن استشهد متأثرا بجراحه نتيجة استهداف آثم نفذته مجموعة خارجة عن القانون أثناء مروره بدراجته النارية في منطقة اشتباك مفتعل بشارع أبو الهيجا.”
وشدد رجب على التزام الأجهزة الأمنية الكامل بحماية أرواح المواطنين في مواجهة أي محاولات تهدد أمن واستقرار المجتمع، وأن المؤسسة الأمنية الفلسطينية “تعمل وفق قواعد اشتباك صارمة تهدف إلى الحفاظ على سلامة المدنيين تعكس المسؤولية الوطنية والأخلاقية التي تتحملها قوى الأمن في مواجهة الخارجين عن القانون.”
◙ المواجهات الدائرة في جنين سببها إقدام مجموعة مسلحة على الاستيلاء على آليتين تعودان إلى السلطة الفلسطينية والاستعراض بهما في شوارع المخيم
وندد البيان بـ”الخارجين عن القانون” الذين اتهمهم بأنهم “لم يكتفوا باستهداف استقرار المدينة، بل تجاوزوا ذلك إلى تعريض حياة الأطفال والأبرياء للخطر باستخدام عبوات ناسفة، وإطلاق نار عشوائي، وزرع ألغام متفجرة في الشوارع والطرق العامة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمؤسسات الحكومية.”
ولم تمر ساعات قليلة على صدور بيان الأجهزة الأمنية، حتى انتشر على مواقع التواصل فيديو يظهر مقتل الشلبي بعد تعرضه لإطلاق نار من مركبة تابعة لأمن السلطة الفلسطينية على بعد مترين منه. وفي مقطع فيديو آخر، روى الشاب المصاب حسن الشلبي شهادته وتفاصيل ما جرى معهم، مؤكدا أن عناصر من الأجهزة الأمنية أطلقوا النار عليهم من مسافة صفر من داخل الآلية العسكرية.
وعلى ضوء الفيديوهين اضطرت الأجهزة الأمنية إلى إصدار بيان آخر أكدت فيه على متابعة تفاصيل القضية والإعلان عن نتائج تحقيقاتها بالموضوع. وأكدت حركة حماس أن الشابين أصيبا برصاص قوات الأمن الفلسطينية، منددة بما تستمر الأجهزة الأمنية الفلسطينية في القيام به “ضد المقاتلين والمقاومة” و”من يلاحقهم الاحتلال” الإسرائيلي. وشددت حماس على وجوب تجنب “النزاعات الداخلية” بين الفلسطينيين.
وأطلقت مؤسسات المجتمع المدني في مدينة جنين، الثلاثاء فعالية سلسلة بشرية أمام مستشفى جنين الحكومي، للمطالبة بالوقف الفوري للاشتباكات الداخلية بين الأجهزة الأمنية وكتيبة جنين في المدينة. وقال عضو لجنة التنسيق لشبكة المنظمات الأهلية في جنين عبدالله جرار، إن ما يجري في جنين أحداث مؤسفة ووضع خطير في ظل حرب غزة، ومشروع تقسيم الضفة الغربية وضمها.
وحذر جرار من مغبة دخول أطراف خارجية لتصعيد الموقف، لافتا أن المخابرات الإسرائيلية تسيطر على وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك محاولات عبر هذه الوسائل لتصعيد الأوضاع وتأزيمها من خلال بث ونشر أخبار غير صحيحة. ويقول مراقبون إن المواجهات الدائرة منذ ستة أيام في جنين، تعود إلى إقدام مجموعة مسلحة على الاستيلاء على آليتين تعودان إلى السلطة الفلسطينية، ثم استعرضت بهما في شوارع المخيم رافعة رايات حركة الجهاد الإسلامي.
ومخيم جنين هو أحد المخيمات التي تستهدفها العمليات العسكرية الإسرائيلية بانتظام، وتتهم الدولة العبرية مسلّحين فيه بالتخطيط لتنفيذ هجمات. ويشير مسؤولون إلى أن تحركات السلطة الفلسطينية هدفها قطع الطريق على أجندة إسرائيلية، تستهدف فرض السيطرة الأمنية على الضفة الغربية وخصوصا المخيمات.