رد مغربي حاسم ضد الأخبار الكاذبة والتضليل بعد نجاحاته الدبلوماسية

الجمهور المغربي يكثف تفاعلاته مع ردود مؤسساته الوطنية على حملة التضليل.
الخميس 2024/08/08
وعي المغاربة بقضيتهم حائط صد للشائعات

الرباط - في مواجهة نجاح دبلوماسية الرباط وتوالي اعترافات الدول بمغربية الصحراء لم تجد الجهات المعادية لوحدة المملكة من قبيل الانفصاليين والداعمين لهم، سوى التضليل ونشر الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، لمحاولة تخفيف وطأة الهزيمة التي تكبدوها.

وروجت بعض الصفحات ووسائل الإعلام المحسوبة على بوليساريو وداعمتها الجزائر، لوثيقة مزيفة تزعم أن المديرية العامة للأمن الوطني في المغرب وجهت رسالة إلى وسائل الإعلام في المملكة، تطالبهم بـ"عدم الخوض في المسائل الأمنية والعسكرية الحساسة، بمقتضى الوضع الاستثنائي للمملكة بعد فرار 14 ضابطا مغربيا من سلاح المدفعية بالأقاليم الجنوبية".

وردت المديرية العامة للأمن الوطني مباشرة على هذه المعلومات الكاذبة، وأصدرت بيانا توضيحا تؤكد من خلاله أن الوثيقة المنسوبة إليها، والمتداولة على صفحات التواصل الاجتماعي، لا تخصها وغير صادرة نهائيا عن مصالحها المركزية، مشيرة في الوقت ذاته إلى فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة لـ"رصد مصدر هذه الوثيقة المزورة وضبط المتورطين في نشرها بشكل مضلل".

وتداول الناشطون المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي بيان مديرية الأمن الوطني مرفقا بنسخة عن الوثيقة المزورة، في ما أشار متابعون إلى أن الهدف من نشر هذه الإشاعة واضح بعد عجز المقاربات العسكرية والدبلوماسية للانفصاليين وفشلها في مجاراة الاختراقات والنجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب في ملف وحدته الترابية، وفشل مؤسساتها في تدبير مجموعة من الملفات على الساحتين الإقليمية والدولية،، إذ سبق لعدد من قيادات بوليساريو أن أقروا بأن “الحرب الإعلامية والدعائية” هي جزء من المواجهة التي يخوضها هذا التنظيم ضد المغرب.

وأكد التفاعل الإيجابي على وسائل التواصل الاجتماعي مع بيان مديرية الأمن، ثقة الجمهور المغربي بمؤسساته الوطنية ووعيه بأهمية كشف الأخبار الكاذبة والدعايات المضللة التي تستهدف بلاده ووحدة أراضيه. ومنذ أن تم الإعلان في مايو الماضي عن تأسيس ما تسمى "فيدرالية الصحافيين والإعلاميين المهتمين والمتضامنين مع القضية الصحراوية”، التي وضعت ضمن أهدافها إنشاء شبكة دولية لتبادل المعلومات وتوحيد الجهود الإعلامية على هذا المستوى، زادت اليقظة المغربية للتصدي للهجمات الإعلامية وحملات التشويه التي تستهدف المملكة.

البراق شادي عبدالسلام: نشر هذه الوثيقة المزورة جزء من حرب خبيثة تقوم بها المخابرات الجزائرية
البراق شادي عبدالسلام: نشر هذه الوثيقة المزورة جزء من حرب خبيثة تقوم بها المخابرات الجزائرية

وسبق لوسائل إعلام تابعة للانفصاليين تدعمها منصات جزائرية تتلقى تعليمات من السلطات، أن اعتمدت الإستراتيجية التضليلية نفسها في مناسبات عديدة من أجل استهداف المؤسسات المغربية، وعلى رأسها مؤسسة الجيش، للترويج للأخبار الزائفة لزعزعة عقيدة أفراده.

وتختلف ردود الفعل بالنسبة إلى مواجهة هذه الأخبار الزائفة، فهناك من يقول إنه لا يجب إيلاء الاهتمام لهذه الأخبار الزائفة، خاصة أنها تأتي من أطراف معروفة بعدائها للمغرب، ولها سمعة سيئة على المستوى الدولي، في حين أن المغرب يسير بخطى حثيثة في اتجاه الحسم النهائي لملف وحدته الترابية بدعم من الشعب وكل المؤسسات، وبالتالي فإن كل ما تقوم أو ما ستقوم به الجزائر وبوليساريو لا يمكن أن يؤثر على هذه النجاحات.

وأكد البراق شادي عبدالسلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن "نشر هذه الوثيقة المزورة جزء من حرب خبيثة تقوم بها المخابرات الجزائرية في إطار ما يسمى الجيل الرابع من الحروب التي تعتمد على أساليب الإشاعات والأكاذيب والتضليل الإعلامي والخداع الإستراتيجي من أجل استهداف الجبهة الداخلية للعدو والإضرار بمصالحه العليا".

وأوضح في تصريحات لموقع هسبريس المحلي أن “الأمر مرتبط أولا بالانتصارات الكبرى التي تحققها الدبلوماسية المغربية في ملف الوحدة الترابية، خاصة بعد قرارات كل من فرنسا وفنلندا، مع دول أخرى وازنة في طريقها إلى اتخاذ قرارات مماثلة، وهو الأمر الذي يشكل هزيمة حقيقية للنظام الجزائري الذي يراهن على ميليشيا إرهابية لتحقيق طموحاته في الهيمنة الإقليمية ووضع اليد الجزائرية على مقدرات وثروات الشعوب المغاربية".

وتابع أن "النظام الجزائري بعد فشله في ترويج أسطورة الحرب الوهمية التي تشنها ميليشيا بوليساريو في الأقاليم الجنوبية لجأ إلى استخدام أدوات التضليل ونشر الأخبار الكاذبة، لتدجين الشعب الجزائري المغلوب على أمره لتبرير سياساته العدائية من أجل تبديد ثروات ومقدرات الجزائر في الصفقات العسكرية وسياسات التسليح الفاشلة على حساب جهود التنمية".

ونوه إلى أن الأمر مرتبط أيضا بمضامين تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير حول الوضع في الصحراء، الذي أكد أن "المملكة المغربية ومؤسساتها الإستراتيجية، وفي مقدمتها القوات المسلحة الملكية، تقوم بدورها كاملا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، من خلال صدها كل محاولات الاعتداء أو التسلل التي تقوم بها العناصر المسلحة التابعة لميليشيات بوليساريو".

◙ التفاعل الإيجابي على وسائل التواصل الاجتماعي مع بيان مديرية الأمن يكشف ثقة ووعيا بأهمية كشف الأخبار الكاذبة

وتبرز وجهة نظر تقول بأن الوثيقة المزورة موجهة أساسا إلى الرأي العام الداخلي الجزائري، والمحتجزين في مخيمات تندوف، وليس إلى الرأي العام المغربي، إذ أن المخابرات الجزائرية على يقين تام بالثقة الكبيرة التي يضعها الشعب المغربي في مؤسساته الإستراتيجية.

وأكد شادي أن "تفحص الجهة التي روجت لهذه الوثيقة المزورة وعلقت عليها يبين أن لها أهدافا غير مباشرة، تتمثل في إيهام المتلقي بتحكم المديرية العامة للأمن الوطني في الإعلام والصحافة المغربية، من خلال توجيه هذه الأخيرة بتعليمات مكتوبة أو شفوية إلى مديري النشر والصحافيين، للتعاطي مع أخبار بعينها، في حين أن هذا الأمر إنما تعيشه الجزائر من خلال مديرية الإتصال والإعلام والتوجيه (مكتب المحافظة السياسية للجيش سابقا) التي تقوم بتوجيه الإعلام الجزائري للقيام بحملات مغرضة، من خلال حملات التحريض والتشهير ونشر الأكاذيب والأراجيف، خدمة للأجندات التوسعية للنظام في الجزائر".

وكشفت منصة "مسبار" المتخصصة في مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة والتحقق من المعلومات، ضمن مؤشرها الشهري للأخبار الزائفة في يونيو الماضي، أن المغرب من أوائل الدول التي انتشرت حولها أخبار مفبركة ومزيفة، إذ حل في المرتبة الثالثة بعد كل من اليمن وفلسطين، راصدة حوالي 15 خبرا مضللا استهدفه خلال هذه الفترة.

وحسب المنصة ذاتها، فإن غالبية الادعاءات التي رصدتها خلال الشهر الماضي، تتعلق أساسا بالأخبار، وتدور معظمها حول التطورات الراهنة في الشرق الأوسط، إذ سبق أن فندت المنصة خبرا زائفا تداولته وسائل إعلام وحسابات جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ادعت من خلاله "مشاركة جنود مغاربة إلى جانب الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة".

وأفاد أنس أبوالكلام، خبير دولي في الأمن السيبراني، إن "هناك عوامل عدة تجعل المغرب من الدول التي تستهدفها الأخبار الزائفة بشكل كبير، منها الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي التي يُسهل تزايد استخدامها تداول معلومات غير صحيحة بسرعة كبيرة بين المستخدمين، إذ تغذي هذه الشبكات مجموعة من المؤثرين، بعضهم يبحث عن (البوز) دون الاكتراث بالضوابط المهنية، في حين تبقى المجهودات القانونية والأمنية المبذولة للحد من هذه الظاهرة غير كافية، نظرا إلى تعقد انتشار هذه الأخبار وزئبقيتها، في غياب مقاربة تجمع بين ما هو تربوي وتعليمي وتقني وقانوني وقيمي وأخلاقي ونفسي واجتماعي".

5