رد لبنان على المقترح الفرنسي للتهدئة مع إسرائيل أقرب لرفع العتب

خلافات سبقت الرد اللبناني قبل الاتفاق أن يكون عاما من دون الدخول في التفاصيل والاكتفاء بالتأكيد على تطبيق بنود القرار 1701.
السبت 2024/03/16
رد متأخر على الورقة الفرنسية بعد شهرين من الإهمال

بيروت - سلم وزير الخارجية اللبناني السفير الفرنسي في لبنان الجمعة رد بيروت على مبادرة باريس الرامية إلى وقف التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية.

ويرى مراقبون أن الرد اللبناني التي جاء بعد شهرين من تقديم باريس المقترح أقرب إلى "رفع العتب"، بعد رسائل فرنسية عدة تستفسر عن سبب التأخير وشعور الفرنسيين بالتجاهل.

وكانت فرنسا قد قدمت إلى لبنان وإسرائيل في يناير مبادرة لنزع فتيل التصعيد الحدودي.

وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام "استقبل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو... وسلمه الرد اللبناني الرسمي على المبادرة الفرنسية".

وتتعلق المبادرة، بحسب مصدر دبلوماسي فرنسي، بتطبيق القرار الأممي 1701 الذي ينص على حصر الانتشار المسلح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة لحفظ السلام (يونيفيل).

وأضافت الوكالة "أتى الرد اللبناني أن المبادرة الفرنسية خطوة مهمة للوصول إلى السلام والأمن في جنوب لبنان".

ونقلت عن بوحبيب قوله إن "مبادرة (فرنسا) فيها الكثير من النقاط الجيدة والمقبولة وهناك نقاط تحتاج إلى المزيد من البحث فيها".

وأضاف بوحبيب "مهم لنا أن نتوصل إلى نوع من الاتفاق الذي يعطي الحدود الجنوبية الاستقرار الكامل والدائم".

وتنص المبادرة على انسحاب مقاتلي حزب الله وحلفائهم من مسافة تراوح بين 10 إلى 12 كيلومترا من الحدود ووقف الانتهاكات الجوية الإسرائيلية.

كما تقترح إنشاء لجنة رباعية تضم فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان لمراقبة وقف الأعمال العدائية.

ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن مصادر مطلعة قولها إنّ "بعد زيارة الموفد الأميركي أموس هوكشتاين لبيروت في الرابع من الشهر الجاري، جرى إهمال الورقة الفرنسية لأكثر من سبب، أهمّها موقف القوى الأساسية التي اعتبرت أن الورقة تتبنّى مطالب إسرائيل بالدرجة الأولى، ولاقتناع هذه القوى بأن باريس لا تحظى بتأييد أميركي، وأن الولايات المتحدة لن تترك هذا الملف في عهدة فرنسا".

وأوضحت الصحيفة أنّ "مع زيارة هوكشتاين الأخيرة حاملاً مقترحاً للهدنة بين لبنان وإسرائيل، ربطا بمفاوضات الهدنة في غزة، استشفّ المسؤولون الذين التقوا الموفد الأميركي أن زيارة الأخير تحمل في جوهرها أهدافاً عدة، من بينها إيصال رسالة بأن ملف الهدنة وتسوية الحدود البرية هما في عهدة الأميركيين وحدهم ولا أحد غيرهم، وأن كل المبادرات التي يحملها موفدون غربيون وعرب إما أنها منسقة مع الأميركيين، أو هي لزوم ما لا يلزم، لذلك جرى التعامل مع الورقة بتجاهل بعدما حضر الأصيل للتفاوض".

وأفادت الصحيفة بأنّ "الرد تضمّن إطاراً عاماً، يُبدي فيه لبنان استعداده للتطبيق الفوري للقرار 1701، شرط التزام إسرائيل بتطبيق مندرجاته، وكذلك استعداده لمعاودة الاجتماعات الثلاثية في الناقورة. ورحّب بالجهود الفرنسية لإرساء الاستقرار، مشدداً على موقف لبنان الداعي الى وقف الحرب بكل أشكالها، وإجبار إسرائيل على وقف انتهاكاتها وعدوانها".

كما كشفت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة أن "تحضير الردّ سبقته إشكالات متعلقة بعدم التنسيق بين رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية، نتيجة الخلاف بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وبوحبيب"، لافتةً إلى أن "لبنان كان لديه ردّان: الأول عمل عليه فريق مستشارين لدى ميقاتي، والثاني عمل عليه فريق في وزارة الخارجية بشكل منفصل، قبل أن يتمّ التوصل الى ورقة واحدة بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. واتُفق أن يكون الردّ عاماً، من دون الدخول في تفاصيل بنود الورقة الفرنسية، والاكتفاء بالتأكيد على تطبيق بنود القرار 1701".

وشدّدت على أنّ "الرد اللبناني لحَظ تأكيد التزام لبنان بالقرار 1701، ودعوة المجتمع الدولي إلى العمل المساعد على التطبيق الشامل لهذا القرار، وضرورة توفير الدعم اللازم للجيش اللبناني لتمكينه من أداء مهمته الى جانب قوات اليونيفيل، مع التشديد على عودة النازحين اللبنانيين إلى بلداتهم".  

ومنذ بداية الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل، فتح حزب الله جبهة من جنوب لبنان دعما لحليفته الفلسطينية.

ويستهدف الحزب المدعوم من إيران خصوصا مواقع الجيش الإسرائيلي الذي يرد بقصف الأراضي اللبنانية وتنفيذ ضربات ضد مسؤولي حزب الله وحماس في لبنان.

ومع هذا، فإن المناوشات في لبنان التي تجري بطريقة تتجنب تصعيداً كبيراً، دفعت عشرات الآلاف إلى النزوح على جانبي الحدود. وأدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل ما لا يقل عن 322 شخصا، معظمهم من مقاتلي حزب الله و56 مدنيا على الأقل، بحسب تعداد وكالة الصحافة الفرنسية.

في حين أدت الهجمات من لبنان على إسرائيل إلى مقتل 12 جنديا إسرائيليا وسبعة مدنيين بحسب الجيش.

وخلال الأيام الماضية، زادت حدة الضربات الإسرائيلية المضادة واتسع نطاقها مما أثار المخاوف من خروج العنف عن نطاق السيطرة حتى لو توصل المفاوضون إلى هدنة موقتة في غزة.

وأشار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في فبراير إلى أن إسرائيل تعتزم زيادة الهجمات لإخراج مقاتلي "حزب الله" نهائياً من منطقة الحدود في حال وقف إطلاق النار بغزة، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام الدبلوماسية.

في عام 2006، خاضت إسرائيل حرباً جوية وبرية عنيفة لفترة قصيرة مع "حزب الله"، وكانت مدمرة بالنسبة إلى البنان.

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية في وقت سابق إن تل أبيب لا تسعى إلى توسيع نطاق الأعمال القتالية، لكنها على استعداد للقتال على جبهات جديدة إذا لزم الأمر، واندلاع حرب شاملة على حدودها الشمالية من شأنه استنزاف موارد إسرائيل العسكرية.

وقال مصدران متوافقان مع آراء الحكومة في طهران إن إيران و"حزب الله" يدركان الأخطار الجسيمة التي قد تترتب على حرب أوسع نطاقاً في لبنان، بما في ذلك توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية.