ردود عون وسلام تؤكد أن نزع سلاح حزب الله مسألة وقت أقصر من المتوقع

لا مجال للبنان للتملص من مسؤولية حصر السلاح بيد الدولة.
الاثنين 2025/04/21
اللبنانيون خارج مزاج الحرب 

لندن – تشير التصريحات الأخيرة لكل من الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء فياض سلام إلى تحول نوعي في مقاربة الدولة اللبنانية لمشكلة سلاح حزب الله، ما يعزز الانطباع بأن نزع سلاح الحزب بات مسألة وقت أقصر من المتوقع، خصوصا أنها جاءت كرد مباشر وحاسم على تصريحات الأمين العام للحزب نعيم قاسم الذي أكد تمسكهم بالسلاح ورفض أي مساومة على “المقاومة”.

وعكس هذا التباين الصريح بين موقف الدولة وموقف الحزب، وفي هذا التوقيت بالذات، وجود إرادة سياسية عليا مدعومة داخليا ودوليا لحسم هذا الملف، ويفتح الباب أمام مسار سريع نحو إنهاء ظاهرة السلاح غير الشرعي التي عانى منها لبنان على مدى عقود.

ويبدو واضحا أن عون وسلام قد توصلا إلى قناعة راسخة بأن استمرار سلاح حزب الله خارج إطار الدولة يشكل تهديدا مباشرا لاستقرار لبنان وسيجره إلى مواجهات غير محسوبة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد، وهو ما يعكس إدراكا لأهمية حصر السلاح بيد الدولة، لضمان السيادة الوطنية وتفادي الانزلاق في صراعات إقليمية لا طائل منها.

خيرالله خيرالله: عون وسلام يقطعان الرهان على وجود خلاف بينهما
خيرالله خيرالله: عون وسلام يقطعان الرهان على وجود خلاف بينهما

ويشير التصريحان بهذا التعاقب والسرعة إلى أنه لا مهرب اليوم لـ”الدولة” اللبنانية من الالتزام بحصر السلاح في يدها، كما يشيران إلى سعي لمنع حزب الله وقادته من التملص من تصريحات سابقة بشأن استعدادهم للتفاوض في موضوع سلاح الحزب.

وقال الكاتب اللبناني خيرالله خيرالله إن الدولة اللبنانية، ممثلة برئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، اتخذت موقفا واضحا من التصريحات والمواقف الصادرة عن “حزب الله” بشأن رفض تسليم سلاحه.

 وأضاف لـ”العرب”: “قطع عون وسلام الطريق على أي رهان على وجود أي خلاف أو تباين بين رئيس الجمهورية الماروني ورئيس مجلس الوزراء السني في ما يخص السلاح غير الشرعي الموجود في لبنان لدى ميليشيا مذهبية تعمل في خدمة إيران ومشروعها الإقليمي.”

وتابع “يعرف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء أن لا تقدم على أي صعيد في لبنان، خصوصا على صعيد ضمان الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس المحتلة أو على صعيد إعادة الإعمار من دون نزع سلاح حرب الله.”

واستدرك قائلا “لكن عون وسلام يعرفان أيضا دقة المرحلة وضرورة تجنب أي مواجهة مباشرة بين الجيش وحزب الله. أهم ما يعرفه الاثنان أن الوقت يعمل لمصلحة لبنان وليس لمصلحة إيران وأدواتها في المنطقة.”

وقال الرئيس اللبناني الأحد سننفذ “حصر السلاح بيد الدولة”، لكن ننتظر الظروف المناسبة لتحديد كيفية التطبيق.

وشدد عون على أن “اللبنانيين لا يريدون الحرب، لذلك فإن القوات المسلحة هي الوحيدة المسؤولة عن سيادة البلاد واستقلالها.”

ويرى مراقبون أن ما يسرع الوتيرة أيضا هو تغير المزاج الشعبي في لبنان، حيث لم يعد الشارع متحمسا لفكرة “المقاومة”، في ظل أزمات اقتصادية خانقة وتداعيات أمنية خطيرة.

ويسعى لبنان لاستغلال ضعف موقف حزب الله بعد الضربات الإسرائيلية الموجعة التي استهدفت قياداته وبنيته التحتية، بالإضافة إلى عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية، لتسريع الجهود الرامية إلى نزع سلاح الحزب.

pp

وبشأن سلاح حزب الله قال رئيس لبنان “فلنعالج الموضوع برؤية ومسؤولية، لأنه موضوع أساسي للحفاظ على السلم الأهلي، وسأتحمله بالتعاون مع الحكومة.”

وبدوره قال رئيس الوزراء إن الدولة هي الجهة المخول لها امتلاك السلاح واتخاذ قرار الحرب والسلم، منوّها بإحباط الجيش عملية إطلاق صواريخ من الجنوب نحو شمال إسرائيل.

ووفق بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء “نوّه سلام بالعمل الاحترافي الذي يقوم به الجيش اللبناني في الجنوب وخصوصا مديرية المخابرات التي نجحت في تنفيذ عملية استباقية أحبطت فيها التحضير لعملية إطلاق صواريخ من الجنوب، بالإضافة إلى توقيف عدد من الأشخاص المتورطين بها.”

وأشاد سلام “بعمل كل الأجهزة الأمنية التي تقوم بواجبها لحفظ الأمن والاستقرار على كل الأراضي اللبنانية،” وأهاب بها إلى مواصلة كل الجهود لمنع أي عملية عبثية “من خلال التركيز على الأمن الاستباقي لإحباط المخططات المشبوهة التي تسعى إلى توريط لبنان بالمزيد من الحروب.”

تغير المزاج الشعبي في لبنان، حيث لم يعد الشارع متحمسا لفكرة "المقاومة"، في ظل أزمات اقتصادية خانقة وتداعيات أمنية خطيرة.

ونقل البيان عن سلام تأكيده أن “العمل الذي يقوم به الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، ما هو إلا تأكيد على أن الحكومة ماضية في تنفيذ ما ورد في بيانها الوزاري لجهة بسط سيادتها الكاملة على أراضيها بقواها الذاتية.”

وأعلن الجيش اللبناني الأحد إحباطه عملية إطلاق صواريخ من جنوب البلاد نحو شمال إسرائيل، عبر مداهمة شقة في منطقة صيدا – الزهراني وضبط صواريخ ومنصات الإطلاق المخصصة لها، وإيقاف عدة متورطين في العملية.

وتبرز مخاوف من احتمال شن حزب الله حملة ضد المطالبين بنزع سلاحه، خاصة بعد أن حذر “التيار الإسلامي المقاوم” من أن دعاة نزع السلاح يضعون أنفسهم في معسكر الأعداء.

ومساء الجمعة حذر الأمين العام لحزب الله إسرائيل من مواصلة اعتداءاتها على لبنان، مؤكدا أن حزبه “ليس ضعيفا، ويملك خيارات للرد على هذه الاعتداءات في الوقت المناسب حال لم تتوقف.”

وبشأن قضية نزع سلاح الحزب قال قاسم إن “من يدعو لنزع سلاح المقاومة بالقوة يقدم خدمة مجانية للعدو الإسرائيلي، وهدفه الفتنة بين المقاومة والجيش، وهذه الفتنة لن تحصل.”

وأكمل مشددا “لن نسمح لأحد بأن ينزع سلاح حزب الله أو المقاومة، وهذه الفكرة عليكم إزالتها من القاموس.” وعلقت المبعوثة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس على تصريحات قاسم مستخدمة لفظ “تثاؤب”.

وأثار تعليق المبعوثة الأميركية تفاعلا بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر البعض أن تعليقها تضمن نبرة سخرية واضحة من الخطاب، فيما رأى آخرون أنه يعكس استخفافا أميركيا بما وصفوه بـ”أوهام الحزب بشأن استمرار سلاحه كأمر واقع.”

1