ردع الصين يتطلب سرعة تسليح الولايات المتحدة لتايوان

واشنطن - في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمة غزو روسيا لأوكرانيا التي لا تلوح لها نهاية في الأفق، تثار قضية تايوان التي يمكن أن يسفر غزو الصين لها عن نتائج لن تختلف عما يحدث الآن.
وأدت زيارة وفد من الكونغرس الأميركي مؤخرا لتايوان إلى ردود فعل صينية قوية قولا وفعلا. فقد أكدت الصين مرارا وتكرارا أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية.
وتوقع الكثيرون قيام الصين في وقت ما بغزو تايوان، ربما بتشجيع من سيناريو غزو روسيا لأوكرانيا، بينما يستبعد آخرون ذلك في ضوء ما واجهته روسيا من ضغوط مختلفة، تجسدت في عقوبات سياسية واقتصادية كارثية.
ويقول الباحث الأميركي جوردون ج. تشانج، أحد كبار زملاء معهد جيتستون للأبحاث والدراسات السياسية، وأحد أعضاء مجلسه الاستشاري، إن الجيش الصيني أرسل طائرات مقاتلة وقاذفات قنابل وفرقاطات بالقرب من تايوان، في إطار تدريبات عسكرية وصفها المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان بأنها إجراءات مضادة للتصرفات الأميركية السلبية مؤخرا، بما في ذلك زيارة وفد الكونغرس الأميركي لتايوان.

وأضاف المتحدث أن بكين سوف تواصل اتخاذ إجراءات قوية من أجل الضمان المطلق “لسيادتها ووحدة أراضيها".
وفي الوقت الذي كان يدلي فيه المتحدث بتصريحاته، كان ستة من أعضاء الكونغرس بقيادة السيناتور ليندساي غراهام، والسيناتور روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، يجتمعان مع رئيسة تايوان تساي إنج – ون وكبار المسؤولين. وكانت الزيارة التي استغرقت يومين غير معلنة ووصفتها وزارة الدفاع الصينية بأنها "متسترة".
وقال تشانج إن صحيفة غلوبال تايمز التابعة لصحيفة الشعب الصينية كانت أكثر مباشرة، إذ قالت إن التدريبات لم تكن فقط "تحذيرا" لأعضاء كونغرس آخرين يعتزمون زيارة تايوان، ولكنها أيضا "تجاوزت الردع بالإعداد لأعمال حقيقية محتملة من شأنها أن تحسم قضية تايوان تماما عندما يكون ذلك ضروريا".
وأضاف تشانج أن الصين سواء كانت تخطط لغزو تايوان الآن أم لا، فإن الوقت قد حان لأن تتخلى واشنطن عن سياستها الخاطئة تجاه قضية تايوان.
ومن بين أمور أخرى، يتعين على واشنطن، على أساس عاجل، البدء في تسليح تايوان بالأسلحة التي تحتاجها بصورة ملحة. فقد قالت القيادة الميدانية الشرقية الصينية في بيان لها "إن جمهورية الصين الشعبية تحتفظ لنفسها بحق استخدام القوة لضم جمهورية الصين، وهو الاسم الرسمي لتايوان. فتايوان جزء مقدس لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وليس هناك أي مجال لتدخل أجنبي بالنسبة لقضية تايوان".
ويرى الكثير من المحللين أن المقاومة البطولية الأوكرانية في مواجهة الغزاة الروس، جعلت غزو الصين لتايون أقل احتمالا.
ولكن للأسف قد يشعر شي جين بينغ، الرئيس الصيني الطموح والجسور للغاية بتشجيع من الأحداث الأخيرة في أوروبا الشرقية. وكان أحد زعماء الطلبة في أحداث تيانانمين كتب آواخر الشهر الماضي يقول "يجب ألا نتوقع اتخاذ قرارات عقلانية من جانب الدكتاتوريين ونظم الحكم السلطوية".
ومن الممكن أن يقرر شي تماما أن الحرب الأوكرانية توضح أن لديه الآن ضوءا أخضر لغزو تايوان. وعموما فإن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الـ27 وبريطانيا، تلك الـ29 دولة التي كان اقتصادها أكبر 25 مرة من اقتصاد روسيا العام الماضي، لم تستطع ممارسة قوتها لردع فلاديمير بوتين، لذلك قد يشعر شي بأنهم سوف يفشلون بالمثل بالنسبة للصين.
وأوضح تشانج أن علاوة على ذلك، لم تكن العقوبات التي فرضت على موسكو بعد الغزو شاملة، وما زالت كذلك. ومن ثم، فإنه من الممكن أن يعتقد شي بأنه لن تجرؤ أي دولة على فرض تكاليف هائلة على دولته العظيمة، وقد يعتقد أيضا بأن غزو بوتين تسبب في قدر كاف من الفوضى والإرباك، مما يؤدي إلى عدم إقدام الآخرين على الوقوف في وجه أعماله العدوانية.
المقاومة البطولية الأوكرانية في مواجهة الغزاة الروس تجعل غزو الصين لتايون أقل احتمالا
ويقول تشانج إن القادة الصينيين يعطون انطباعا بأن الأحداث الأخيرة جرّأتهم. فعلى سبيل المثال، سقوط كابول العام الماضي، أدى إلى أن ترى بكين أن الولايات المتحدة عاجزة، إلى درجة أن صحيفة غلوبال تايمز تساءلت كيف يمكن للولايات المتحدة أن تواجه الصين القوية بينما لم تستطع حتى التعامل مع طالبان؟
وأكد تشانج أن كل ما تم ذكره ليس معناه أن الصين سوف تغزو تايوان - وهناك أسباب كثيرة وراء عدم قيامها بذلك - ولكن الردع الآن أكثر أهمية في مضيق تايوان. فبعد سقوط أفغانستان وغزو أوكرانيا تعتبر تايوان في أنحاء العالم اختبارا لمصداقية واشنطن.
ويشير تشانج إلى أن الولايات المتحدة اتبعت طوال عقود سياسة "الغموض الاستراتيجي"، ولم توضح للصين أو لتايوان ما ستفعله في حالة أي صراع وشيك.
ولم يعد هذا الغموض مجديا الآن، فمن أجل منع حدوث غزو صيني لتايوان يتعين على الرئيس جو بايدن أن يعلن على الملأ أن الولايات المتحدة سوف تدافع عن تايوان. وبالإضافة إلى ذلك يجب على الولايات المتحدة التعاون مع الحليفتين اليابان وأستراليا وإبرام معاهدة دفاع متعددة الأطراف لصالح تايوان.
واختتم تشانج بالقول إنه للتأكد من أن حسم وضع تايوان سيتم بطريقة سلمية، يتعين على إدارة بايدن البدء في شحن أسلحة لتايوان، خاصة الصواريخ طويلة المدى. كما يتعين أن تكون للولايات المتحدة والدول الصديقة قوات في تايوان. فالردع هو أفضل ضمان للسلام.