رحيل هشام رستم الممثل التونسي الذي جمع المسرح والسينما والدراما

الفنان الراحل يعد واحدا من الممثِّلين العرب الأكثر تنوعا وله سجل فني حافل في عدد من الأدوار والبطولات التي تقمص فيها أدوارا متنوعة.
الأربعاء 2022/06/29
ممثل سحر التونسيين لعقود

تونس - قالت عائلة الممثل التونسي هشام رستم إنه توفي الثلاثاء بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 75 عاما.

وجاء في بيان لوزارة الشؤون الثقافية “يعتبر الراحل من أبرز الفنانين في مجال التمثيل في تونس، له عدة مشاركات محلية ودولية في عدد هام من الأعمال الدرامية والسينمائية”.

كما نعاه عدد من الفنانين التونسيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي منهم الممثلة درة زروق التي كتبت على موقع فيسبوك:

بوكس

ولد رستم في السادس والعشرين من مايو عام 1947 بمدينة المرسى في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس، وقد بدأ حبه للمسرح منذ الصغر فقد كان جده (من والدته) عبدالعزيز صاحب الطابع مدير المدرسة الصادقية في ذلك الوقت يحب المسرح فكان يأخذ حفيده هشام لمشاهدة العروض المسرحية. واكتشفه الفنان التونسي الكبير علي بن عياد وتتلمذ على يديه.

وعقب إكمال تعليمه المدرسي ونيله الباكالوريا سافر إلى فرنسا وعاش فيها من سنة 1967 إلى سنة 1994 وقد أحرز فيها على شهادة الدكتوراه في الآداب كما نال الدكتوراه في تاريخ المسرح وعمل ضمن المسرح الفرنسي والسينما والتلفزة الفرنسية (قرابة 70 مسرحية و10 أفلام ومسلسلات) قبل أن يقرر العودة إلى تونس.

وعلى مدى خمسة عقود زخرت مسيرته الفنية بالأعمال المتنوعة حيث شارك في نحو 32 فيلما و26 مسلسلا وأكثر من 70 مسرحية. وكانت أعماله تتراوح ما بين التونسية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية.

ويعد رستم واحدا من الممثِّلين العرب الأكثر تنوعا وله سجل فني حافل في عدد من الأدوار والبطولات التي تقمص فيها أدوارا متنوعة، كما كان عليه الأمر في الفيلم العالمي الأكثر رواجا “المريض الإنجليزي” وكذلك في التلفزيون التونسي عن دوره كمفتش شرطة أو أدواره كرجل أعمال أو كشخص مثقف أو كفنان وغيرها من الشخصيات التي تقمصها باقتدار وإتقان ما جعله الأكثر بروزا من بين ممثلي الصف الأول الذين تزخر بهم تونس.

وقد تنوعت أعماله ما بين السينما والدراما التلفزية، لكن ذلك لم يمنعه من المحافظة على مستوى عال في تأدية أدواره دون السقوط في التجارية التي تفرضها عادة الأعمال التلفزيونية.

وفي حوار معه أكد رستم أنه لا يرى في المسرح أي اختلافات كبيرة، وكذلك في السينما وفي التلفزيون، مشيرا إلى أنه في تونس وكذلك في البلدان العربية يعرضون عليه تقريبا نفس الأدوار، ففي كل مرة دور الأرستقراطي ودور المواطن الوصولي؛ دور المحامي، أو مدير شركة أو الموظَّف الحكومي.

الممثل التونسي هشام رستم قدم طيلة مسيرته التي تجاوزت نصف قرن العديد من الأعمال المؤثرة في تونس وخارجها

ويتابع “هذا يختلف تمام الاختلاف في أوروبا والولايات المتَّحدة وأستراليا. فهناك تختلف الأدوار التي يتم عرضها عليّ من بلد إلى آخر. وعلى سبيل المثال في فرنسا يُقيم المرء للأصل أهمية كبيرة جدا. وهناك لم يتسنَّ لي قطّ باعتباري تونسيا أداء دور محام فرنسي، ولكن بدلا عن ذلك وجدت نفسي مرة أخرى في دور الأجنبي، في دور شخص لبناني أو أميركي لاتيني، أو غجري. ومن ناحية أخرى أعمل في إنجلترا وإيطاليا في أداء أدوار أخرى”.

وقد أثر في رستم تكوينه في فرنسا لا من ناحية علمية فحسب بل وأيضا من جانب إنساني، ويقر بنفسه في حوار سابق معه بذلك قائلا “لقد أثَّرت فيّ فرنسا كثيرا؛ فهناك أتممت دراستي الفنية، وكذلك أيضا خطواتي الأولى باعتباري ممثلا ومخرجا، كما أن أعز أصدقائي هناك، بالإضافة إلى حانتي المفضلة. واليوم أذهب أربع أو خمس مرات في السنة إلى باريس. وهناك أتزود بالطاقة الفكرية، وأستطيع إشباع حاجتي إلى الإبداع والحرية”.

وقد أثر رستم في السينما التونسية وفي المسرح والدراما كذلك، إذ كان تجربة مختلفة، رغم أن أغلب المخرجين في السنوات الأخيرة باتوا يكرسونه في دور الأرستقراطي، فيما كان يتمتع بطاقات أوسع مما يقدم له من أعمال.

ومن أبرز أفلام رستم “صفائح من ذهب” للمخرج نوري بوزيد و”مجنون ليلى” للمخرج الطيب الوحيشي و”صمت القصور” للمخرجة مفيدة التلاتلي و”زهرة حلب” للمخرج رضا الباهي و”همس الرمال” للمخرج ناصر خمير.

وتلفزيونيا شارك في مسلسلات عديدة أبرزها “الناس حكاية” و”فج الرمل” و”نجوم الليل” و”مكتوب” و”تاج الحاضرة” و”ليلة الشك”.

وشارك في عدد من الأعمال السينمائية الوثائقية والروائية الأجنبية على غرار فيلم “المريض الإنجليزي” عام 1996، كما أسس عام 2017 مهرجانا للموسيقى الصوفية باسم “روحانيات” في مدينة نفطة بمحافظة توزر في الجنوب التونسي.

13