رحيل مارتن أميس الكاتب الذي كرس أعماله لنقد أوروبا

ميامي (الولايات المتحدة الأميركية) – توفي الروائي البريطاني مارتن أميس الجمعة داخل منزله في فلوريدا عن عمر 73 عاما، على ما أفاد السبت القائمون على جائزة “بوكر” الأدبية وعدد من وسائل الإعلام.
وأشارت المؤسسة التي تمنح الجائزة الأدبية البريطانية المرموقة إلى أن أميس “كان أحد أكثر المؤلفين الذين حظوا بإشادة مدى الأعوام الخمسين الفائتة”.
وقالت زوجته الكاتبة إيزابيل فونسيكا لصحيفتي “نيويورك تايمز” و”الغارديان” إن مؤلف كتابي “المال، المال” (1984) و”حقول لندن” (1989) مات بعدما تدهورت حالته نتيجة إصابته بسرطان المريء.
وتوفي أميس تزامنا مع عرض فيلم مستوحى من كتابه “منطقة الاهتمام” (2014) في مهرجان كان السينمائي. والفيلم يحمل عنوان الكتاب نفسه ومن إخراج جوناثن غليزر.
ومارتن أميس المولود عام 1949 في ويلز، برز اسمه في الأدب الروائي البريطاني خلال ثمانينات القرن الفائت وتسعيناته، واشتهر بأسلوبه القاتم والقاسي.
ومن بين ما ألفه كتاب “الطائرة الثانية” الذي يتناول حادثة الحادي عشر من سبتمبر ويضم مقالات وأخبارا عن الواقعة. كما ألف سنة 2020 كتابا عن قصة حب في معسكرات النازية، معتبرا في أحد الحوارات أن روايته يمكن أن يجد فيها نفسه.
كان أميس يرى أن حياة الكاتب عبارة عن طموح وقلق، ليس من الجيد كتابة رواية والإحساس بالراحة. كتابة الرواية عبارة عن شعور بالطموح والقلق، فهي تتناول أساسا المعاناة الإنسانية.
وفي سؤال في أحد الحوارات مع الكاتب حول إن كانت كتبه ستنقذه من الموت، أجاب أميس “الجميع يريدون الخلود، والكتاب أكثر من أي شخص آخر، لأن الوقت فقط هو الذي يحكم على الفن. ما تبقى كالنقد وغيره مجرد بلاغة”.
وبسؤاله كم من الوقت للحكم على كتاب ما، قال بلا تردد “قرن من الزمان”، معللا أن “القراءة لمدة قرن إشادة كبيرة، حين أرى الشباب يقرأون كتبي أنظر إليهم باهتمام خاص، لأني أعرف أنه حين أموت فكتبي ستقرأ على الأقل لثلاثين أو أربعين عاما. لا توجد رغبة بالاختفاء التام، لذلك نشعر بالطمأنينة حين يقرأ الشباب كتبنا”.
غادر الكاتب أوروبا إلى الولايات المتحدة لأسباب عائلية، ويعلل ذلك بأن السبب جنون الطقس والاضطرابات الاجتماعية، معتبرا أن أوروبا تقاوم ولها تاريخ طويل، كانت مركزا للعالم لخمسة قرون كانت تنتج أفكار عالمنا، ربما هي تتراجع كالدول التي تتكون منها، تراجعا جغرافيا تاريخيا.
ورشح الروائي البريطاني الذي كتب نحو عشر روايات لنيل جائزة بوكر مرتين، الأولى عام 1991 عن “سهم الزمن” والثانية عام 2003 عن “كلب أصفر”.
ووصفته صحيفة “ذي تايمز” عام 2008 بأنه واحد من أعظم خمسين كاتبا بريطانيا منذ العام 1945. أما صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية فقد اعتبرت أميس السيد الذي لا يضاهى، فيما سمته “السخط الجديد”.
وإن تأثر أميس في كتاباته بروائيين آخرين أمثال سول بيلو وفلاديمير نابوكوف وجيمس جويس، فإن والده كينجسلي أميس ترك فيه أيضا أثرا واضحا، رغم الاختلاف الجوهري في عالمي الكاتبين الأب والابن.
ومثلما تأثر أميس الابن بغيره من الكتاب فقد ترك أثره على جيل كامل من الكتاب بأسلوبه الجريء والحاد الذي ميزه عن غيره، منهم ويل سيلف (will self) والكاتبة زادي سميث (zadie smith). ونشرت جريدة “الغارديان” ما لاحظه النقاد في كتاباته لما سماه كينجسلي أميس بـ”الوضوح القهري الهائل الذي يتسم به أسلوبه… والذي يفسره إتقانه للإنجليزية”، وأن “الطابع الخاص الذي تتميز به كتابات أميس جلي يستطيع القارئ ملاحظته قبل الوصول إلى نقطة النهاية في العمل”.
وقد استوحى أميس كتاباته من المشاهدات العبثية في مرحلة ما بعد الحداثة والمشاكل التي يعاني منها المجتمع الغربي الرأس مالي، التي شرحها بجرأة وبدون مواربة أو تجميل أو زيف.
ونشر الروائي وكاتب السيناريو على امتداد حياته 14 رواية ومذكرات ومجموعتين قصصيتين وثماني مجموعات من الأعمال غير الخيالية، وفقا لما ذكرته وكالة “بي.أي ميديا” مساء السبت.
ورغم أهمية الكاتب العالمية، فإن تجرمات أعماله إلى العربية قليلة وليس اسمه على أهميته رائجا مقارنة بكتاب آخرين صنعت شهرتهم دور النشر العربية من خلال ترجمات مرتجلة، وهو ما يؤكد، وفق الكثير من المتابعين، الحاجة إلى العمل لجعل قطاع الترجمة إلى العربية أكثر تنظيما وحرصا على نشر الأعمال الجديرة أكثر من غيرها بمنح القراء العرب الإفادة والاطلاع على أبرز التجارب الأدبية الغربية.