رحيل رموز نظام بوتفليقة أولى عقبات انتقال السلطة

الجزائر - تقديم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة استقالته من منصبه استجابة لمطالب الشارع، أدخل البلاد بصفة رسمية في مسار انتقالي، وجاءت هذه الخطوة بعد إصرار قيادة الجيش على إيجاد مخرج للأزمة من خلال تفعيل المواد 7و8 و102 من الدستور، وتفادي الوصول إلى مرحلة شغور منصب الرئيس خارج الآجال الدستورية.
وقدم بوتفليقة، الذي حكم البلاد لمدة عشرين عاما، استقالته إلى رئيس المجلس الدستوري، الثلاثاء الماضي، وتثبت الأخير، خلال اجتماع له أمس الأربعاء، من حالة شغور المنصب بالاستقالة، وفقا للمادة 102.
ومن هذا المنطلق يفترض أن يتم إتباع خطوات إجرائية ينص عليها الدستور الجزائري.
وفي هذا السياق، قال الخبير في القانون الدستوري خالد شبلي، إن البرلمان بغرفتيه بات ملزما بالاجتماع "وجوبا"، بعد تلقيه بلاغا من المجلس الدستوري بالشغور النهائي لمنصب الرئيس.
وأضاف شبلي أن البرلمان سيصوت، خلال جلسة علنية، يثبت خلالها حالة الشغور النهائي، بنصاب ثلاثة أرباع عدد الأعضاء.
كما أكد أنه "وفقا لنص المادة 102، يتولى رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، مهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها تسعون (90) يوما، تنظم بعدها مباشرة انتخابات رئاسية".
وأوضح أنه "وفقا للدستور، لا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة، كما لا يحق له إقالة أو تعديل الحكومة القائمة حاليا".
ورغم أن استقالة بوتفليقة هي الحل الأنسب والأكثر ربحا للوقت، للخروج سريعا من مرحلة انتقال سلس للسلطة، وفق مقتضيات الدستور، إلا أن الرفض الشعبي لتولي رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، مهام رئاسة الدولة بالنيابية، لكونه من رموز نظام بوتفليقة، يطرح عقبات جديدة أمام المخرج الدستوري الذي دافع عنه الجيش بصرامة.
كما أعرب الشارع الجزائري عن رفضه للحكومة التي عينها بوتفليقة قبل أيام، وعلى رأسها رئيس الوزراء، نور الدين بدوي، باعتباره من رجال الرئيس المستقيل، في السنوات الأخيرة.
وأعلنت كذلك قوى المعارضة رفضها الاعتراف بالحكومة، إذ تعتبر أن رئاسة الجمهورية فقدت شرعيتها، منذ 22 فبراير 2019، تاريخ انطلاق الحراك الشعبي السلمي.
وأمام هذه العقبة الجديدة لانتقال السلطة يرى المحلل السياسي إسماعيل معراف أن "المخرج الدستوري، الذي قطع خطوته الأولى، يحتاج إلى اجتهادات حقيقية، لإرضاء مطالب الشعب".
واقترح معراف، أن "تقدم الحكومة الحالية خطة عملها أمام البرلمان، ليرفضها الأخير، وبالتالي تقدم استقالتها وفق المادة 194 من الدستور".
وأضاف أن "رئيس مجلس الأمة (عبد القادر بن صالح) يمكن ألا يكون رئيسا انتقاليا، إذا قدم استقالته"، لكن الاستجابة لمطالب الحراك، وفق النصوص الدستورية، هو "أمر في غاية التعقيد والصعوبة من حيث التنفيذ".
وتابع أن المادتين 7و8، اللتان تنصان على أن "الشعب مصدر كل السلطات" و"ممارسة الشعب لسلطته عبر الاستفتاء أو الانتخابات"، يدخلان ضمن فلسفة الدستور، ويتطلب تفعيلهما فتوى قوية تنتهي إلى تشكيل قيادات توافقية لقيادة المرحلة الانتقالية.
في المقابل يقترح الخبير الدستوري، خالد شبلي، مخرجا دستوريا يستجيب لمطالب الشعب برحيل كل رموز النظام الحاليين.
وقال شبلي: "للاستمرار على الحل الدستوري يمكن تفعيل حلول دستورية أخرى أكثر توافقية، تطبيقا للأحكام الدستورية المعيارية والمنصوص عليها في المواد7 و8 و12 من الدستور".
وأوضح أنه "يمكن الذهاب إلى إعلان دستوري مؤقت"، يتضمن تعيين مجلس رئاسي من شخصيات وطنية وحكومة انتقالية تكنوقراطية توافقية، من أجل "الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية في جو أكثر هدوءا، بضمانات فعلية".