رحيل الصادق المهدي خصم البشير

المهدي عرف بمواقفه المناهضة لسياسات الرئيس السوداني المعزول وجماعة الإخوان المسلمين، ووصل الأمر في الخلاف مع الحركة الإسلامية، الواجهة السياسية لإخوان السودان إلى حد "تكفيره".
الجمعة 2020/11/27
رحيل بعد مشوار طويل في السياسة

الخرطوم – غيّب الموت الصادق المهدي زعيم حزب الأمة السوداني وآخر رئيس وزراء منتخب في السودان أطيح به في انقلاب عسكري قاده الرئيس المعزول عمر حسن البشير عام 1989.

ورحل المهدي عن عمر ناهز 85 عاما بعد تدهور وضعه الصحي إثر إصابته بفايروس كورونا. ونقل إلى الإمارات لتلقي العلاج بعد بضعة أيام من دخوله المستشفى لفترة وجيزة في السودان.

وقال حزب الأمة في بيان إنّ زعيمه “انتقل إلى جوار ربّه فجر الخميس بدولة الإمارات العربية المتّحدة والتي لزم فيها سرير المرض حتى توفّاه الله”. وأضاف أن جثمانه سيصل إلى السودان صباح الجمعة وسيوارى الثرى في اليوم نفسه.

وعرف المهدي بمواقفه المناهضة لسياسات الرئيس السوداني المعزول وجماعة الإخوان المسلمين. ووصل الأمر في الخلاف مع الحركة الإسلامية، الواجهة السياسية لإخوان السودان إلى حد “تكفيره”.

وشكل المهدي خلال السنوات الماضية معارضة قوية في الداخل والخارج لسياسات البشير الاستبدادية. وقاد نداء السودان قبل الإطاحة بالبشير.

عبدالله حمدوك: الصادق المهدي دالة للديمقراطية ونموذجا للقيادة الرشيدة
عبدالله حمدوك: الصادق المهدي دالة للديمقراطية ونموذج للقيادة الرشيدة

وكان حزب الأمة السوداني من أكبر أحزاب المعارضة في عهد البشير. وظل الصادق المهدي شخصية مؤثرة في السودان حتى بعد الإطاحة بالنظام السابق في أبريل عام 2019.

وأعلنت السلطة الانتقالية في السودان الحداد ثلاثة أيام على رحيل المهدي. ووصف رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الصادق المهدي بأنه “دالة للديمقراطية ونموذج للقيادة الراشدة وصفحة من الحلم والاطمئنان في زمان نُحت فيه السخط وتوالت الخيبات على صدر كتاب التاريخ”.

ونعى مجلس السيادة والجيش السوداني، في بيانات منفصلة، وفاة المهدي أحد أبرز رموز السودان الفكرية والسياسية والدينية. ونعى الاتحاد الأوروبي والسفارة الأميركية في السودان وفاة المهدي. وقالت السفارة الأميركية “نحزن على خسارته إلى جانب عائلته وأصدقائه وشعب السودان”.

وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان روبرت فان دن دوول إن الفقيد “كان رجل دولة وشخصية دينية ومفكرا وداعما للمدنية، وحقوق الإنسان، والحوار بين الأديان، والديمقراطية في السودان. كان صديقا لأوروبا والسلام والعالم في كل الظروف، في السراء والضراء”.

من جانبه نعى عرفان صديق، السفير البريطاني في الخرطوم المهدي، وكتب في تغريدة على تويتر “خبر صادم ومحزن. الإمام الصادق المهدي رجل وطني حقيقي وقائد للأمة.. أحر التعازي لأسرته ولكل الشعب السوداني على هذا الفقد الكبير”.

والمهدي هو سياسي ومفكر ولد في ديسمبر عام 1935 في أم درمان، وحصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد عام 1957.

حظي المهدي بخبرة سياسية واقتصادية واسعة، كما تولى إمامة طائفة الأنصار، وقيادة الجبهة القومية المتحدة، عقب وفاة والده الصدّيق المهدي عام 1961.

كان المهدي آخر رئيس وزراء مُنتخب ديمقراطيا، وأُطيح به عام 1989 في انقلاب عسكري جاء بعمر البشير إلى السلطة، قبل أن تجبر احتجاجات شعبية قيادة الجيش على عزله من الرئاسة في الـ11 من أبريل 2019.

عاد المهدي إلى السودان في ديسمبر 2018، بعد عام قضاه في منفى ذاتي بالخارج، في الوقت الذي اشتدت فيه الاحتجاجات على تدهور الأوضاع الاقتصادية وحكم البشير. وكانت ابنته مريم الصادق المهدي، نائب زعيم حزب الأمة، من بين المعتقلين خلال المظاهرات. ورغم عدم الإعلان عن خليفة لرئيس الحزب بعد، فقد كانت مريم أبرز قيادية في الحزب في المفاوضات السياسية ووسائل الإعلام في السنوات الأخيرة.

2