"رحيل الرئيسين".. فصل جديد من الأزمة في الكويت ينذر بحل مجلس الأمة

مرزوق الغانم لنواب المعارضة: انتخبت رئيسا رغم تدخل سارقي المال العام ولن أرحل.
الثلاثاء 2021/12/28
رئيس مجلس الأمة يحتكم للإرادة الشعبية

أثار رد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم على دعوات لنواب من المعارضة تطالب برحيله ردود فعل واسعة، وسط توقعات بأن يزيد موقف الغانم من تصلب النواب الذين يحاولون استثمار أي موقف لتأجيج الوضع وتبرير إصرارهم على إقالته ورئيس الوزراء.

الكويت - دخلت الأزمة السياسية في الكويت فصلا جديدا من التوتر بين رئيسي مجلس الأمة والوزراء من جهة، ونواب المعارضة الذين يضغطون لرحيلهما من جهة ثانية، وسط ترجيحات بأن يؤدي تدهور الوضع إلى حل المجلس والذهاب إلى انتخابات جديدة.

وعلى خلاف رئيس الوزراء الذي لا يزال يحتكم إلى الصمت وعدم الرد على دعوات رحيله مع انشغاله بتشكيل حكومة جديدة، خرج رئيس مجلس الأمة عن تحفظه حيال الحملة التي تشن ضده، معتبرا أن وجوده في منصبه نابع من إرادة شعبية، وأنه لا يمكن لأي نائب أو كتلة مهما بلغ حجمها تجاوزها أو “كسرها”.

وقال الغانم في تصريحات صحافية على هامش زيارة أداها إلى ديوان النائب عبيد الوسمي للتهنئة بعودته من رحلة العلاج، إن “شعار رحيل الرئيسين لا علاقة له بالدستور ولا علاقة له بأي شخص يحترم قسمه، فالرئيسان أحدهما هو رئيس السلطة التشريعية رئيس مجلس الأمة، وانتخب من قبل الكويتيين ولم ينتخب في الصين، بل انتخب الأول على الكويت”.

مرزوق الخليفة: هجوم رئيس مجلس الأمة يعكس شعوره باقتراب رحيله

وأوضح الغانم أن “رئيس مجلس الأمة أتى بإرادة شعبية لا يمكن أن يكسرها سبعة أو تسعة أو حتى مئة نائب، ثم بعد ذلك انتخب رئيسا لمجلس الأمة من الجولة الأولى رغم تدخل سارقي المال العام بقضية الباركود”، في إشارة إلى قيام مجموعة مكونة من 42 نائبا بتوزيع أرقام باركود على بعضهم خلال عملية التصويت على اختيار رئيس مجلس الأمة التي جرت العام الماضي.

وشدد رئيس مجلس الأمة على أن هذه “إرادة شعبية لا يمكن أن يكسرها أي نائب، والرئيس الآخر هو حق دستوري للأمير وهو من يختار رئيس الوزراء”. وتوجه للنواب المطالبين بإقالة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح “إنه اختيار الأمير فإما أن تحترم هذا الاختيار وتتعاون مع رئيس مجلس الوزراء بغض النظر عن اسمه وتمنحه فرصة، وإن أخطأ تتم محاسبته، لكن إعلان الاستجوابات حتى قبل بدء العمل فهذا مخالف للدستور”.

وقال الغانم إن “شعار ‘رحيل الرئيسين’ انكشف لغالبية أبناء الشعب الكويتي ولغالبية النواب على الأقل لمن يملك قراره بنفسه، أما من لا يملك قراره فلا يمكن أن يلام”.

وأطلق نواب من المعارضة في الأيام الأخيرة حملة تطالب برحيل الرئيسين، معتبرين أن بقاءهما يعني استمرار الأزمة التي تعصف بالكويت منذ أشهر، والتي حاول أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح احتواءها عبر الدعوة إلى حوار وطني.

وتقول أوساط سياسية كويتية إن الحملة الضارية التي يشنها عدد من النواب هي نتاج تحريض من عدد من المعارضين الذين عادوا مؤخرا من منفاهم إلى البلاد، بعد صدور أمر أميري بالعفو عنهم.

وتشير الأوساط إلى أن مسلم البراك، النائب السابق المثير للجدل، هو أحد أبرز الأقطاب الذين يقفون خلف الحملة التي تشن اليوم ضد مزوق الغانم والشيخ صباح الخالد، لافتة إلى أن عملية الضغط الجارية وتلويح النواب بتعطيل الجلسات والإعداد لسلسلة استجوابات حتى قبل تشكيل الحكومة، يشيان بأن مسار الأمور يتجه نحو انسداد جديد قد ينتهي بحل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة.

وقال الغانم في تصريحاته إن قرار حل مجلس الأمة بيد الأمير وهو حق دستوري أصيل، لافتا إلى أن “المواطن لم يستفد من دور انعقاد كامل.. نجلس على الكرسي أو لا نجلس عليه ونخرب الجلسة أو ما نخربها، هذه الأمور لم يستفد منها المواطن”.

وأثارت تصريحات الغانم، لاسيما لجهة اتهامه نوابا لم يصوتوا له بـ”سارقي المال العام”، ردود فعل غاضبة من عدد من النواب الذين سارعوا إلى مهاجمته، معتبرين أن المواقف الأخيرة الصادرة عنه تدفعهم أكثر إلى التمسك بطلب رحيله.

وتوجه النائب محمد براك المطير في تغريدة على حسابه على تويتر بكلام لاذع لرئيس مجلس الأمة قال فيها “تصريحك يا مرزوق (الغانم) واتهامك لنواب الإحدى والثلاثين بأن وراءهم سارقين بيّن وبوضوح ما هي أخلاقك، وزاد النواب الشرفاء حماسا لإزاحتك، وأي نائب من الذين اتهمتهم لا يريد إزاحتك عليه أن يتحمل المسؤولية أمام الشعب الكويتي، ولن ننساك يا رئيس الوزراء فأنت من مكنته من الكرسي فتحمّل سوءه”.

محمد براك المطير: لن ننساك يا رئيس الوزراء فأنت من مكنت الغانم من الكرسي

واعتبر النائب  مرزوق الخليفة أن “هجوم الرئيس غير الشرعي لمجلس الأمة على النواب الذين لم يصوتوا له في انتخابات الرئاسة يعكس وضعه المهزوز حاليا، وشعوره باقتراب موعد رحيله من منصة الرئاسة بإرادة الأمة … وقريبا جدا سيعرف الشعب من هو سارق المال العام”.

ويرى مراقبون أن التصعيد الجاري والذي يميل لشخصنة الصراع من شأنه أن يبقي الكويت في حلقة مفرغة، في حين أنها في أمس الحاجة الآن إلى الوحدة ورص الصفوف، في ظل تحذيرات من إمكانية خفض جديد للتصنيف الإئتماني للإمارة التي تعاني في السنوات الأخيرة من أزمة اقتصادية، جراء تذبذب أسعار النفط، فاقمها تفشي وباء كورونا.وغرد بدر زايد الداهوم قائلا “يصدق عليه (الغانم) المثل رمتني بدائها وانسلت”، مضيفا في كلام موجه لرئيس مجلس الأمة “على العموم رحيلك قريب وسيحاسب الشعب كل من اصطف معك من النواب الذين خانوا عهودهم للأمة، كما حدث مع الذين كانوا معك في مجلس 2016 عن طريق الصناديق”.

ويشير المراقبون إلى أن حالة اللا استقرار السياسي في الكويت ستؤثر مما لا شك فيه على خطط تحقيق التعافي الاقتصادي، وما تستوجبه من إقرار تشريعات ضرورية، في مقدمتها المصادقة على قانون للدين العام.

ويعتبر المراقبون أن نواب المعارضة أو جزءا منهم لا يبدو أنهم يعون دقة المرحلة التي تواجه الكويت، لافتين إلى أن تلويح بعضهم بالتقدم باستجوابات بمجرد تشكيل الحكومة، يعكس نية مكشوفة لعدم التعاون مع السلطة التنفيذية.

وكان نواب ومن بينهم شعيب المويزري لوحوا باستجواب رئيس الوزراء المكلف بسبب تأخره في تشكيل الحكومة.

وكلف الشيخ صباح الخالد في نوفمبر الماضي بتشكيل حكومة جديدة، بعد استقالة حكومته على أمل حلحلة الأزمة مع نواب المعارضة، لكن جميع المؤشرات توحي بأن لا أمل في تحقيق ذلك، وبالتالي قد يكون الخيار الأقرب حاليا هو حل مجلس الأمة.

3