رحلة عكسية في الزمن بين رف الكتب

في مؤلفه الجديد، الموسوم بـ"جَمِيعَهُمْ يَتَكَلمُونَ مِنْ فَمِي"، والصادر مؤخرا عن دار خطوط وظلال الأردنية، يخوض الكاتب المغربي أنيس الرافعي تجربة سردية مختلفة وغير مسبوقة، هي عبارة عن بحث قصصي في غياهب الشامانية الجديدة ومتاهاتها المتشعبة. فعلى امتداد 21 نصا و21 صورة تمثل "معرض الشامان" الافتراضي، يجد القارئ نفسه منخرطا في رحلة عكسية مثيرة من المستقبل البعيد إلى الماضي السحيق.
في منجز الرافعي الجديد، تترسخ فكرة الكتاب القصصي الجامع كبديل جذري للمجموعة القصصية، ويتحول هذا الكتاب إلى دراسة معرفية تخييلية.
تحارُ الذائقة التقليدية وهي تمخر عباب هذا الكتاب العاتي رؤية وتخييلا ومرجعية، هل هي في طور الدخول إلى منطقة جديدة من أدب الرعب البدائي، أم على أهبة اكتشاف عجائبية شامانية غير مطروقة نقديا، أو على وشك التوحد والتفرق في تجربة صوفية جوانية بمقاييس فنطاسية تجوس في الأسرار والظلال والمجاهل.
الترجمة اللسانية
تقدم الباحثة والأكاديمية الجزائرية يمينة حاج هني في كتابها "آليات ترجمة النص اللساني" الصادر عن دار ألفا دوك بالجزائر، دراسة شاملة عن الترجمة، باعتبارها تقنية، أو آلية إجرائية، اتكأ عليها الإنسان حينما أراد الاتصال بغيره من الشعوب الأخرى قصد استلهام ما يمكن أن يُحقق نهضته، أو يُطورها، وكان هذا من خلال الترجمة المباشرة المتمثلة في ترجمة الكتب، أو من خلال الترجمة غير المباشرة المتمثلة في تبادل الأفكار، الأمر الذي جعل منها في نظر الباحثين، الوسيلة الأولى في تحقيق عالمية الخطاب الفكري بين الجماعات البشرية.
وتؤكد الباحثة أن اللغة شكلت الأداة الأولى في الاتصال، أو في النقل، أو الاقتباس، إذ يُطل المصطلح بوصفه عنصرا أساسيا في هذه العملية. وقد أدرك الدارسون والباحثون هذه الأهمية في كل التخصصات، والحقول المعرفية، والحقل اللساني واحد من هذه الحقول، حيث نالت دراسة المصطلح فيه مكانة مهمة من خلال تثبيت المصطلحات اللسانية العلمية، وضبط مفاهيمها، والتدقيق في معانيها، ومحاولة توحيدها، ومن ثم إشاعتها.
قارئة وأسئلة لا تهدأ
صدرت مؤخرا عن دار ميسكلياني للنشر والتوزيع رواية “قارئة نهج الدبّاغين” للشاعر والروائي التونسي سفيان رجب، هي حسب كلمة الشاعر والناشر شوقي العنيزي “رواية تتناول في الظاهر موضوعا مربكا يتعلق بالعبور الجنسي، ولكنه ليس سوى مطية لمقاربة الخوف الساكن فينا، ومقاربة مأساة الكتابة إذ توضع وجها لوجه أمام الرقابة والسلطة والمجتمع".
وتساءل الناشر "فكم عدد الأفكار التي نهدرها كل يوم على مذبح الرقابة والخوف؟ وهل إن تاريخ الأدب هو تاريخ المكتوب والمعلن أم التاريخ الحقيقي كامنٌ في ما لم يُكتب بعد؟ ألا يُضحي الكتاب كل يوم بالإنسان الساكن فيهم من أجل كتابة المؤتلف والمنسجم والمعلوم؟ ألا يتحوّل الكتّاب مع كلّ كتابةٍ لا تقول ذواتهم الحقّ ولا تقول الإنسان في اختلافه وتعدده وتنافره إلى مجرّد أشباح؟".
ويشدد على أن تلك الأسئلة الملحة هي ما تشير إليه هذه الرواية لتقول لنا: ما أكبر دائرة الأشباح وما أضيق الكتابة. وقد كتب رجب روايته بلغة دقيقة تتجاوز سرديات الشعراء المغرقة في المجازات.