رحلة صينية طويلة لترسيخ دعائم الموانئ الخالية من الكربون

جيانغسو (الصين) - دشنت الصين الخميس شبكة صغيرة ذكية في ميناء ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو بشرق البلاد، ضمن مبادرة لتنفيذ خطة الموانئ الخالية من الكربون، في رحلة تبدو طويلة لترسيخ دعائم الموانئ الصديقة للبيئة.
ويتكون نظام الشبكة، وهي الأولى من نوعها بالبلاد، من 5.2 ميغاواط من معدات توليد الطاقة الكهروضوئية و5 ميغاواط من مرافق تخزين الطاقة الجديدة وشاحنات حاويات قابلة لتبديل البطاريات وزوارق سحب كهربائية بالكامل ورافعات أمامية كهربائية ومكابس حاويات فارغة.
وتهدف الشبكة، بحسب ما أوردته وكالة شينخوا الصينية، إلى تحقيق انبعاثات كربون شبه صفرية طوال العملية الكاملة لرسوّ السفن ومناولة البضائع ونقلها.
وكانت وزارة النقل الصينية قد أعلنت في يونيو 2024 عن الدفعة الأولى من المشاريع التجريبية الخالية من الكربون للنقل والمرافق النموذجية على الطرق السريعة والممرات المائية، بما في ذلك محطة حاويات دولية، ومركز حاويات شحن في ميناء ليانيونقانغ.
وقال يانغ هوا دونغ مدير عام قسم الهندسة والتكنولوجيا بمجموعة ميناء ليانيونقانغ المحدودة القابضة إنه “مع توصيل مختلف أنواع معدات توليد واستهلاك الطاقة بالشبكة الصغيرة، يمكن أن يتجاوز حجم توليد الطاقة النظيفة السنوي 6 ملايين كيلوواط في الساعة.”
وأوضح أن الوفورات السنوية في تكاليف الكهرباء في الميناء تجاوزت 3 ملايين يوان (417 مليون دولار) بفضل الجدولة المرنة للشبكة الصغيرة. وأشار إلى أنه يمكن توفير 21 ألف طن من الفحم المعياري، وبالتالي تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 56 ألف طن سنويا.
وتعد الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة من البلدان القلائل التي شرعت فعليا في تنظيف سلاسل الإمداد التجارية والذي بات مطلبا دوليا لتحقيق الحياد الكربوني في غضون ثلاثة عقود من الآن.
ويبذل القائمون على صناعة الشحن البحري حول العالم جهودا كبيرة من أجل الإسراع في التقليل من استهلاك الوقود أملا في خفض انبعاثات الكربون ضمن جهود مكافحة التحول المناخي، وسط تحديات كثيرة تواجه الشركات للانضمام إلى هذا المسار الطويل.
وعلى سبيل المثال، تعمل الهيئة التنظيمية العالمية للشحن على دفع الصناعة التي تحمل أكثر من 80 في المئة من التجارة العالمية إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي بحلول منتصف القرن الحالي.
◙ 20
مشروعا تجريبيا تتبناها وزارة النقل وقد دخل حتى الآن خمسة منها حيز التشغيل
ويرى خبراء أن الوصول إلى هناك يعني تحويل وجهة قطاع لا يزال يعمل بشكل شبه حصري بالوقود الأحفوري، ويمثل حوالي 3 في المئة من ثاني أكسيد الكربون من صنع الإنسان.
وفي حين تطلب الشركات السفن التي يمكن أن تعمل بالوقود البديل مثل الميثانول، وتغوص في تقنيات خفض الانبعاثات مثل الرياح والروبوتات لتنظيف الهيكل، فإن الغالبية العظمى من الأسطول لا تزال تحرق الكثير من النفط. وتستهدف الصين خفض انبعاثات الكربون بنحو 130 مليون طن في عدد من المناطق الرئيسية خلال العامين الجاري والقادم.
وأوضحت خطة عمل الحكومة أنها تستهدف أيضا خفض استهلاك الطاقة بنحو 2.5 في المئة، وتقليص الانبعاثات لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 3.9 في المئة هذا العام. ومن بين الدفعة الأولى المكونة من 20 مشروعا تجريبيا أعلنت عنها وزارة النقل، هناك 5 مشاريع رائدة للموانئ الخالية من الكربون.
وبالإضافة إلى ميناء ليانيونقانغ، أطلقت مشاريع في ميناءي تيانجين وهوانغهوا بشمال البلاد، وميناء ويفانغ في مقاطعة شاندونغ بشرقي البلاد وميناء جيانغيين في جيانغسو. وشهد ميناء شيامن بشرقي الصين تحولا أخضر وذكيا كاملا خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى تحرير نفسه من الاستهلاك العالي للطاقة والانبعاثات المرتبطة عادة بصناعة الموانئ.
وفي محطة حاويات هايرون بالميناء، التي بدأت عملية ترقيتها وإعادة بنائها في عام 2020، أصبحت جميع الآلات كهربائية بالكامل، مما أدى إلى انخفاض الضوضاء وعدم انبعاث الدخان الأسود.
وقال هوانغ لو شيوي المدير العام للمحطة لقناة سي.جي.تي.أن الصينية في أكتوبر الماضي إن “المحطة تم اختيارها كمنطقة تجريبية لتحديد جدوى التحول الأخضر الكامل للميناء.” وبدأت الصين الشهر الماضي في بناء أكبر سفينتين كهربائيتين بالكامل في العالم لنقل الحاويات، وتسع كل سفينة منهما، وهي من فئة 10 آلاف طن، قرابة 740 وحدة معيارية مكافئة لعشرين قدمًا، ويبلغ طول كل منهما ما يقرب من 128 مترًا.
وصممت السفينتان للإبحار بسرعة قصوى تبلغ 11.5 عقدة، وسيتم تشغيل كل واحدة منهما بمجموعة من 10 بطاريات على شكل حاويات. وعند الرسوّ في ميناء مّا، يمكن للسفينة إعادة الشحن عن طريق خط كهربائي عالي الجهد على الشاطئ أو تبديل البطاريات لتجديد الطاقة بشكل سريع.
وجرى تجهيزُ كل منهما بقدرة الملاحة الأوتوماتيكية في المياه المفتوحة، إلى جانب الميزات الذكية الأخرى، ومن المقرر تدشينهما في يوليو 2025، بينما من المتوقع أن تدخل أولاهما الخدمة بحلول عام 2026.