رحالة إسرائيلية عراقية الجذور لأول مرة في الإمارات

ما يشد النظر في الإمارات هو الانسجام بين التقليدي والعصري وتطبيق فكرة التسامح على أرض الواقع والاهتمام بالشباب.
الجمعة 2021/04/23
التسامح طريق إلى مستقبل أفضل

"في أرض إسرائيل من لا يؤمن بالعجائب فإنه ليس بإنسان واقعي. التاريخ لا يُكتب، إنما يُصنع" من مقولات مؤسس الدولة العبرية دافيد بن غوريون.

"إنّ أكبر مخاطرة ألاّ تخاطر"، "لا مستحيل مع الإصرار، ولا مستحيل مع الإيمان، ولا مستحيل مع الحياة"، هذه المقولة للشيخ محمد بن راشد المكتوم رئيس وزراء الإمارات.

من يتمعن في فحوى المقولات لرجلي دولة سيدرك التشابه في الرؤية لبناء دولة ناجحة تتخطى العقبات والتحديات.

هذا ما لمسته خلال زيارة لدبي استغرقت أسبوعا تجلت أمامي خلالها شواهد على الأمور المشتركة بين إسرائيل والإمارات. يعتبر البلدان قصة نجاح بكل المقاييس العالمية مع فارق الموارد الطبيعية التي حبا الله بها الإمارات من نفط.

من الواضح أن الرؤية بعيدة المدى والإيمان بقدرة تحقيقها من الأمور الرئيسية التي نجتمع فيها. على الرغم من كل التحديات والحروب العديدة التي واجهتها إسرائيل فإنها نجحت في استغلال الموارد البشرية لتطوير دولة هايتك غاية التقنية مثل ما تبوأت مكانة متقدمة في تكنولوجيا الزراعة ومصادر المياه والسايبر وغيرها. هذا التطور هو نتيجة الاستثمار في التعليم وتنمية كادر من الطاقات البشرية باعتباره أهم مورد تملكه إسرائيل.

التقدم يكون بتحفيز الشباب
التقدم يكون بتحفيز الشباب

“تعيرني أنا قليلٌ عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل” السموأل بن عادياء.

يصف بيت الشعر هذا من فترة الجاهلية المشترك بين الإمارات وإسرائيل من حيث تعداد السكان، لكنه يتناسب بصورة طردية مع الإنجازات التي لا تحصى.

عندما تجولت في جميرة النخيل في دبي وعلى الشاطئ خلف الفنادق الكبيرة والمولات ناهيك عن الأبراج الشامخة، أدركت القفزة العظيمة التي حققتها مجموعة صغيرة من الإماراتيين منذ استقلال الإمارات قبل 50 عاما. كان على الإمارات التميز فتبنت “الِف التفضيل” كمنهج، الأكبر، الأطول، الأشهر… وهذا برج خليفة الذي أصبح رمزا معروفا في كل العالم إلى غيره من الرموز العصرية.

ما شد نظري هو الانسجام بين التقليدي والعصري وتطبيق فكرة التسامح على أرض الواقع كمنهج. من خلال حديثي مع العديد من سكان دبي أجانب وعربا من مختلف المجالات لمست ارتياحا من الإقامة في هذا البلد. سمعت المرة تلو الأخرى عن اهتمام الدولة بالشبيبة في وقت يضيع فيه وقتهم الشبيبة العرب في دول عديدة في المنطقة في إحباط متواصل.

والحقيقة أن في أحد حواراتي الشيقة مع عدد من العراقيين قال لي أحدهم “تخيلي أن الحكومة العراقية تخصص الميزانيات للشباب وتضمن لهم مستقبلهم فمن المؤكد أن هذا سيفضي إلى انشغالهم بالأمور الإيجابية، فالسلبيات تنجم أكثرها عن وقت فراغ غير مستغل وقلة الموارد والدخل وانعدام الأمن والأمان والإحباط”. ومضى يروي لي عن محفزات تقدمها الحكومة الإماراتية للشبيبة. وهنا بيت القصيد.

صحيح أن إسرائيل لا تتمتع بموارد تضاهي موارد دبي لكنها تتفانى في سبيل أبنائها وهذا ملحوظ في توفير التأمين الاجتماعي على كامل دورة الحياة ما يفسر حب الوطن في كلا البلدين، كما أن كل دولة هي دولة مؤسسات وليست دولة سلطة، ما يعزز العلاقة بين المواطن والوطن.

لا شك أن اتفاقات السلام الإبراهيمية خير ما يجسد القواسم المشتركة، ناهيك عن الوقوف في خندق واحد حيال تهديد ملالي إيران.

14