"ربيع لاتيني": الناخبون يطالبون السياسيين بالرحيل

شعوب دول أميركا اللاتينية تطالب بالتغيير.
الخميس 2021/12/23
نحو التأسيس لمرحلة جديدة

سانتياغو - تعالت الأصوات الشعبية الرافضة لاستمرار النخب السياسية التقليدية في دول أميركا اللاتينية، وطالب الناخبون بضخ دماء سياسية جديدة في السلطة قادرة على التغيير ومعالجة الأزمات.

ووجه الناخبون في دول أميركا اللاتينية رسالة واضحة إلى النخب القيادية التقليدية السياسية والاقتصادية تتلخص في كلمة “ارحلوا!” بعدما سئموا من الوضع القائم وباتوا يميلون إلى شخصيات حديثة العهد بالسياسة.

وفي الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في تشيلي لم يكن أي من الأحزاب الوسطية التقليدية التي تحكم منذ انتهاء الدكتاتورية قبل واحد وثلاثين عاما مؤهلا لخوضها، وفاز فيها الزعيم الطلابي السابق غابريال بوريك البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاما على رأس ائتلاف اليسار في مواجهة اليمين المتطرف.

مايكل شيفتر: الناس سئموا من الوضع الراهن والنخب السياسية التقليدية

وقال برويك لمؤيديه في المقر الرئيسي لحملته الانتخابية عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات “أريد أن أبدأ هذه اللحظة التاريخية التي هي مثيرة للغاية، وأن عيون تشيلي والعالم تراقب، شاكرا كل التشيليين الذين ذهبوا للتصويت، لا يهم ما إذا كنت قد فعلت ذلك من أجلي أو لخصمي، الشيء المهم هو أنك فعلت ذلك، كنت حاضراً، وأظهرت التزامك بهذا البلد الذي ينتمي إلى كل واحد منكم”.

وانتُخب في الإكوادور في شهر أبريل الماضي أول رئيس يميني منذ أربعة عشر عاما، بينما اختار الناخبون في البيرو في يونيو مدرسا من اليسار الراديكالي لم يكن معروفا من قبل من بين ثمانية عشر مرشحا في الدورة الأولى.

وأنهت هندوراس إثني عشر عاما من حكم الحزب الوطني المحافظ في نوفمبر بانتخاب أول رئيسة للبلاد هي سيومارا كاسترو.

وتبرّأ الناخبون في الانتخابات التشريعية بالأرجنتين في الانتخابات التشريعية في نوفمبر الماضي من البيرونية الوسطية التي هيمنت على البرلمان لعقود لكنها فقدت السيطرة على مجلس الشيوخ لأول مرة.

وقال المحلل باتريسيو نافيا من جامعة نيويورك لوكالة فرانس برس “منذ بدء الوباء خسرت جميع الحكومات والأحزاب والائتلافات المنتهية ولايتها الانتخابات في أميركا اللاتينية”، مضيفا أن هذه “ليست مسألة أيديولوجية”.

وأفاد المحلل مايكل شيفتر من مؤسسة الحوار الأميركي إن “الناس سئموا من الوضع الراهن والنخب الاقتصادية والسياسية التقليدية”، مبيّنا “لذلك هناك نزعة للرفض في كثير من البلدان”، ومتابعا “إذا أخفقت الحكومات فإننا نبحث عن بدائل”.وظهرت أحزاب سياسية جديدة بعد أن تشتّتت أصوات الناخبين واقتحم الساحة السياسية غرباء يُنظر إليهم على أنهم أقرب إلى الشعب.

وكثيرا ما تكررت الدورات الثانية للاقتراع بين مرشحين على طرفي نقيض في المشهد السياسي، ولم تعد الأحزاب التقليدية تظهر بينما تتراجع أصوات الناخبين المعتدلين وتترك المجال مفتوحا للتطرف كما حدث في تشيلي والبيرو والإكوادور.

وأصبح التصويت في الانتخابات سلاح احتجاج المواطنين على الوضع الاقتصادي وتفاقم أزمة وباء كورونا في دول أميركا اللاتينية التي تعاني من عدم تكافؤ في الثروات.

وقال نافيا “عندما كانت الأوضاع الاقتصادية أفضل كان جميع رؤساء دول أميركا اللاتينية يتمتعون بالشعبية، سواء كانوا من اليسار أو اليمين”.

وقالت ماريا خاراكويمادا من معهد الديمقراطية والانتخابات “سئم الناس من الأحزاب السياسية التقليدية لأن لديهم انطباعا بأنها لا تحترم الوعود الانتخابية وأنها كلها متشابهة”.

الناخبون في دول أميركا اللاتينية سئموا من الوضع القائم وباتوا يميلون إلى شخصيات حديثة العهد بالسياسة

وأضافت أن الناخبين أصبحوا الآن يتأثرون بالخطاب الشعبوي المناهض للنخبة. ورأى شيفتر أنه “في السياسة الحديثة وفي جميع البلدان الخطب الأكثر تطرفا هي التي تحرك النقاش، وهذه الخطب تضخمها وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتابع “كانت هناك مرحلة يصوت فيها الناس لأنهم يؤمنون بشخص ما”، موضحا أن فكرة “أهون الشرّين” هي التي تطغى اليوم. وأضاف “نصوت مع عدم توفر خيارات وهذا تغيير كبير”.

ويرى المحللون أن هذا المزيج بين الاستقطاب وسخط الناخبين يبشر بمستقبل غير مستقر.

ومع نفيه أن “يتدهور الوضع الاقتصادي على الأرجح في السنوات المقبلة” يتوقع أن “يستمر السخط”، ويرى مايكل شيفتر أن سنوات من “الفوضى” تلوح في الأفق.

وفي 2022 سيتم انتخاب رئيسين جديدين في كولومبيا والبرازيل حيث قد يستمر التوجه الرافض.

وأصبح الكولومبي المحافظ إيفان دوكي أكثر رئيس لا يتمتع بشعبية في تاريخ بلاده في عام اتسم بالاضطرابات الاجتماعية والقمع الذي قوبل بإدانة دولية، ويتصدر المتمرد اليساري السابق غوستافو بيترو استطلاعات الرأي.

وتراجعت شعبية الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو في البرازيل إلى مستويات قياسية، فيما تكشف استطلاعات الرأي أن الرئيس اليساري السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يستعد للعودة.

وقال شيفتر إن “هذا لا يعني مع ذلك حماسا للولا بل يعني رفضا لبولسونارو”، وبالتالي ميلا إلى جعله “يرحل”.

5