راشد بحصلي يستكشف آفاقا فنية جديدة "في مراحل تحول"

بيروت - تستضيف جمعية "ريبرث بيروت" المعرض الفردي الجديد للفنان اللبناني الشهير راشد بحصلي، والذي يحمل عنوان "مراحل تحول" ويشرف عليه الدكتور طوني كرم. وأشارت الجمعية في بيان إلى أن "لمعرض يستمر حتى 8 مارس المقبل في مقر الجمعية في الجميزة، شارع غورو، الطابق الأول".
ولفتت إلى أن “بحصلي رسام ومهندس معماري مرموق أمضى أكثر من 35 عاما في استكشاف آفاق جديدة في التعبير الفني، جامعا بين الواقعية والتجريد ليخلق أعمالا تحمل رموزا عميقة وتطرح تساؤلات تأملية.”
وأشارت إلى أن “معرض بحصلي الجديد يجسد مراحل تحول، وتطوره الفني المستمر في الشكل والبنية والعفوية. ومن خلال تفاعل ديناميكي بين الألوان والأنسجة والرموز، دعا بحصلي المشاهد إلى معايشة التحول، ليس فقط في الفن، بل في الحياة نفسها.”
ولفتت إلى أنه “سيتم تخصيص جزء من عائدات المعرض لدعم مبادرات الجمعية بما في ذلك ترميم البنية التحتية، ومشاريع إنارة الشوارع، وغيرها من الجهود الهادفة إلى إحياء المدينة.”
◙ الفنان اللبناني يتعامل مع الفن بحساسية مطلقة، حيث يبدي تأثرا مهما بمجريات الأحداث في وطنه
وعن المعرض قال رئيس ومؤسس جمعية “ريبيرث بيروت” غابي فرنيني “تجسد أعمال بحصلي صمود بيروت وجمالها، هذه المدينة التي لطالما كانت منارة للفن والثقافة والحب. يعكس تطوره الفني رحلتنا كمدينة نعيد الأمل والابتكار، ونتطور باستمرار.”
وأضاف أن “استضافة هذا المعرض في مقر الجمعية هو تأكيد على التزامنا المستمر بدعم الفنانين والحفاظ على الإرث الثقافي لبيروت.”
وراشد بحصلي هو أستاذ مشارك في قسم الفن والتصميم في الجامعة اللبنانية الأميركية، وهو حاصل على بكالوريس في الهندسة المعمارية في الجامعة الأميركية ببيروت، ومهندس معماري منذ عام 1981، ورسام بشكل أساسي، وقد عُرضت أعماله في معارض جماعية في بيروت والعالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة، فضلا عن ظهوره في منشورات فنية دولية.
حصل على جائزة دولية في عام 2000 من أمير ويلز والأمين العام للأمم المتحدة كواحد من 12 فائزًا بمسابقة الرسم العالمية للألفية الجديدة وجوائز محلية في متحف سرسق (مرتين مع ذكر خاص) وبدرع وزارة الثقافة والتعليم العالي اللبنانية. كما حصل على جوائز أخرى متعددة في مسابقات فنية دولية أخرى.
ولا يدعونا بحصلي في أحدث معارضه إلى أن نشهد فقط تحولا في الشكل الفني الخاص به وإنما أيضا إلى البحث عن إعادة تعريف للفن.
ويتعامل الفنان اللبناني مع الفن بحساسية مطلقة، حيث يبدي تأثرا مهما بمجريات الأحداث في وطنه، وسبق أن تخلى عن تنظيم المعارض لمدة قدرت بـ12 عاما تقريبا، ثم عاد في عام 2016 بمعارض فردية ومشاركات في معارض جماعية.
ولم يتوقف خلال غيابه عن تنظيم المعارض الخاصة بالممارسة الفنية، بل استمر في البوح بأفكاره وهواجسه على محامل فنية متنوعة، ما يشير إلى أثر تحولات شخصية عاشها الفنان قبل أن يعود إلى العرض، وهي جزء من التحولات العميقة التي طبعت تجربته الفنية والتي يسلط عليها الضوء في المعرض المنتظم بجمعية “ريبرث بيروت”.

يعرف الفنان اللبناني المعاصر بأنه يحافظ في أغلب أعماله على دقته في التصوير وعلى نقاء ريشته. وقدم في معارضه السابقة مجموعة أعمال ذات واقعية صارخة جسّد فيها عناصر مستقاة من الطبيعة اللبنانية، ولوحات عن سفن وزوارق بالغة الروعة وغيرها من الأشياء التي تتطلب تقنية عالية جدا ونظرة ثاقبة ومُنقشعة كنظرته الخاصة إلى الأشياء. ثم كان معرضه الذي أعلن به عن عودته إلى النشاط الفني بمثابة انحياز واضح إلى عالم الترميز والإشارات.
ويميل بحصلي إلى رسم الوجوه التي تتخذ طابعا كاريكاتيريا، وجوه يستعرض رسمه لها على صفحاته بمواقع التواصل، يرسمها بدقة وإتقان، بتعبيرات مبهرة وملفتة للانتباه، وهي وجوه ترافقه في تجربته الفنية منذ سنوات طويلة وسبق أن قال عنها إنها تمثل الإنسان اللبناني، فـ”هذه الوجوه موجودة في لبنان، لم أرها مباشرة، ولكنها انبثقت من ذاكرتي، إنها وجوه من التراث اللبناني، ولكنها وجوه مُتعبة.. إنها رؤوس من صخر.”
لكن الفنان يرسم وجوهه هذه المرة على محامل جديدة ومختلفة، هي في الأساس دفوف، فكل أوجهه يرسمها على الجزء الأعلى من آلة الدف/ الرق، ليحول الجلد من عنصر أساسي موسيقي إلى محمل فني، وكأنه ينتقد الوجوه التي تتراقص على وجع اللبنانيين وتبيعهم الوهم، وتذكّر بأن وجوه الفنان التي يرسمها انطلاقا من واقعه هي وجوه متعبة من الوضع المهتز، كاهتزاز الدف الذي رافقت نغماته الفنان المعاصر في عزلته التي خصص لرسمها وجوهه استعدادا للمعرض.