رئيس وزراء إسرائيل لا يرى سوى إيران الآن

نهج جديد في التعامل مع الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة.
الأربعاء 2021/08/25
لجم إيران أولوية إسرائيلية

سيركز رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في زيارته إلى الولايات المتحدة على الاتفاق على استراتيجية واضحة في التعامل مع إيران، ولجم طموحاتها النووية المثيرة للمخاوف في الشرق الأوسط.

القدس - يفتح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الملف النووي الإيراني المثير للجدل في أول لقاء يجمعه مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. ويعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي على توضيح رؤيته بشأن إيقاف الطموحات النووية لإيران، والمهددة لأمن منطقة الشرق الأوسط واستقرارها.

وسيسعى بينيت إلى الضغط على إدارة بايدن من أجل تبني استراتيجية جديدة في التعامل مع طهران، ويعتزم حث الرئيس الأميركي على عدم إحياء الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015، وانسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

وأجرت واشنطن مفاوضات مع طهران لاستئناف العمل بالاتفاق النووي وتحسينه، مع الأخذ بالتهديدات التي يمثلها النظام الإيراني عبر صواريخه الباليستية والتدخلات المستمرة في شؤون دول المنطقة عبر دعم الميليشيات.

نفتالي بينيت: نحمل إلى واشنطن روح تعاون جديدة مع الحكومة الأميركية

وبينيت هو أقل إثارة في تصرفاته من بنيامين نتنياهو الذي استمر في السلطة 12 عاما، لكنه كان حازما مثله في التعهد علنا بعدم السماح لإيران، التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وجوديا، من صنع سلاح نووي.

وينظر رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الملف الإيراني على أنه التهديد الأول في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية تهديدات طهران المستمرة وانتشار ميليشياتها في سوريا ولبنان والعراق واليمن وغيرها من المناطق. ويقول بينيت إنه سيقدم إلى بايدن “خطة منظمة صغناها في الشهرين الماضيين لكبح جماح الإيرانيين، سواء في المجال النووي أو في ما يتعلق بالعدوان الإقليمي”.

وتنتظر الإدارة الأميركية اللقاء مع بينيت لتوضيح خطته المرتقبة حول التعامل مع إيران. وعندما سئل الاثنين عما إذا كان بينيت طرح مقترحا بشأن استراتيجية جديدة بخصوص إيران، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، “سأترك الأمر لرئيس الوزراء الإسرائيلي كي يصف للرئيس الأميركي الأفكار التي ربما تكون لدى الحكومة الإسرائيلية في ما يتعلق بإيران”.

ومع أن بينيت يسعى ربما إلى تحسين العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، إلا أنه يبقى من صقور السياسة الخارجية التي تعارض بشدة اتفاق إيران الذي رفع عقوبات عن طهران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وتصرّ إيران على أن برنامجها النووي سلمي، لكنها انسحبت تدريجيا من التزامات رئيسية فيه بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، ردا على انسحاب الولايات المتحدة أحادي الجانب من الاتفاق في عهد ترامب، الذي أعاد فرض عقوبات أميركية.

الحكومة الإسرائيلية تنظر إلى إيران على أنها بمثابة المهدد الرئيسي لأمنها وأمن منطقة الشرق الأوسط
الحكومة الإسرائيلية تنظر إلى إيران على أنها بمثابة المهدد الرئيسي لأمنها وأمن منطقة الشرق الأوسط

روح جديدة

سيسعى بينيت في أول زيارة دولة له منذ توليه منصبه في يونيو الماضي إلى إصلاح العلاقات مع الرئيس الديمقراطي، بعدما كانت متوترة في عهد نتنياهو المعروف عنه تفضيله الحزب الجمهوري علنا.

ويقول مسؤول حكومي إسرائيلي إن زيارة بينيت “ستركز بشكل أساسي على إيران، والانسحاب من أفغانستان”، مشيرا إلى أن الرحلة “ستأتي بروح جديدة ورسالة جديدة من إسرائيل للمشاركة والتواصل” مع الإدارة الأميركية.

ولم توضح تل أبيب تفاصيل حول كيفية اختلاف نهج بينيت عن نهج نتنياهو في التعامل مع الإدارة الديمقراطية أو الإجراءات المحددة التي سيتخذها، إلا أن بينيت لمح إلى أنه سيتخذ نهجا أقل مواجهة من سلفه.

ويشير المسؤول الحكومي إلى أنه “على الرغم من انتقادات نتنياهو لإيران والاتفاق النووي، فمن الواضح أنه كان هناك انفصال بين الخطاب والنتائج”.

ويقول سكوت لاسينسكي، كبير مستشاري الرئيس السابق باراك أوباما لشؤون إسرائيل، إن “العملية الكبرى الحاصلة الآن بين البلدين هي تجديد العلاقات الثنائية وإعادة ضبطها”.

وأدى تبني نتنياهو لمواقف ترامب الذي وصفه مرارا وتكرارا بأنه “أفضل صديق” لإسرائيل في البيت الأبيض، إلى إثارة غضب حزب بايدن الديمقراطي. وقبيل مغادرته، قال بينيت للصحافيين في مطار بن غوريون الدولي قرب تل أبيب، إنه سيحمل معه إلى واشنطن “روح تعاون جديدة” مع الحكومة الأميركية.

ولمح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، عندما التقى نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في يونيو الماضي، إلى نهج جديد. وقال لبيد “في السنوات القليلة الماضية ارتكبت أخطاء، تضررت مكانة إسرائيل حيال الحزبين (الأميركيين)، سنصلح هذه الأخطاء معا”.

الأولوية لإيران

مصلحة مشتركة
مصلحة مشتركة

يأتي اجتماع بينيت مع بايدن بعد شهرين على توقف محادثات في فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي انتهت من دون أي تقدم ملحوظ. ويتوقع أن تعود الإدارة الأميركية إلى المفاوضات مرة أخرى بعد الانتهاء من ترتيب الأوضاع في أفغانستان واستكمال تشكيل الحكومة في طهران. وأدى الرئيس الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية مطلع هذا الشهر، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في يونيو الماضي.

وقالت أور رابينوفيتش، الخبيرة في انتشار الأسلحة النووية والعلاقات الأميركية – الإسرائيلية في الجامعة العبرية، إن “القضية الإيرانية ستتصدر جدول الأعمال” في الاجتماع المرتقب بين بينيت وبايدن.

وأوضحت أن “إسرائيل تريد وضع لغة جديدة” أو تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن ما يمكن أن يمثل تجاوزا من قبل إيران لعتبة معينة على طريق بناء سلاح نووي.

ويقول بينيت إن “إيران تمضي سريعا في تخصيب اليورانيوم، واختصرت بدرجة كبيرة بالفعل الوقت الذي ستحتاجه إلى جمع المادة اللازمة لصنع قنبلة نووية واحدة”.

ويرى مسؤول أميركي أن توسلات بينيت المتوقعة لإدارة بايدن من أجل أن تتخلى عن جهودها لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، لن تؤتي أُكلها على الأرجح.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير الأسبوع الماضي إن إيران سرّعت مستوى تخصيب اليورانيوم إلى درجة قريبة من النسبة اللازمة لصنع أسلحة. ويأمل معاونو بايدن أن ترسم المحادثات مسارا إيجابيا لعلاقاته مع بينيت، وهو سياسي من اليمين المتطرف.

لا جديد مع الفلسطينيين

Thumbnail

تمنح الزيارة الإدارة الأميركية فرصة لإظهار أن الأمور تسير كالمعتاد مع أوثق حلفائها في الشرق الأوسط، بينما تجابه وضعا فوضويا في أفغانستان، كبرى أزمات بايدن في مجال السياسة الخارجية منذ توليه السلطة.

وستكون المحادثات محدودة نسبيا في نطاقها وتغطيتها، فمن المتوقع أن يتحدث الزعيمان لفترة وجيزة أمام مجموعة من المراسلين الممثلين لشبكات إعلامية خلال محادثاتهما في المكتب البيضاوي، لكن لن يعقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا.

ويقود بينيت ائتلافا من ثمانية أحزاب متباينة أيديولوجيا مكونة من أحزاب تتراوح بين الاعتدال والتشدد، وهو ينتمي إلى الفئة الأخيرة. وقد تجنب بينيت الخوض في القضية الفلسطينية لصالح قضايا عليها إجماع مثل الصحة والاقتصاد.

وقالت شيرا إيفرون من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب “إن إدارة بايدن لديها طموحات متواضعة، تركز بشكل أساسي على التراجع عن بعض تحركات ترامب لصالح إسرائيل”. وتضيف أن الإدارة الأميركية تدرك أن الائتلاف الحكومي في إسرائيل “هش”، موضحة “لا أظن أن بايدن سيدفع نفتالي بينيت إلى محاولة استئناف مفاوضات السلام” بين إسرائيل والفلسطينيين.

وبينيت (49 عاما) هو ابن أميركيين هاجرا إلى إسرائيل. وسبقت له رئاسة مجلس المستوطنين الإسرائيلي الرئيسي في الضفة الغربية، ويرأس حاليا ائتلافا غير متجانس من اليسار واليمين والوسط والأحزاب العربية.

وفي ظل استحالة حدوث إجماع فعليا داخل الحكومة الإسرائيلية المتنوعة على إقامة دولة فلسطينية، فمن غير المتوقع أن يضغط بايدن ومعاونوه على بينيت لتقديم أي تنازلات كبرى للفلسطينيين في أول زيارة خارجية له.

ولكن حتى مع عدم وجود علامة تذكر على ضغوط أميركية لاستئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين التي انهارت عام 2014، تواجه إسرائيل مخاوف من واشنطن بشأن نشاطها الاستيطاني في مناطق احتلتها في حرب عام 1967.

وأوضحت إدارة بايدن بالفعل أنها تعارض المزيد من التوسع الاستيطاني على الأرض المحتلة التي يسعى الفلسطينيون لأن تكون ضمن دولتهم. وتعتبر معظم الدول مثل هذه المستوطنات غير شرعية، وهو ما ترفضه إسرائيل.

7