رئيس مجلس الدوما الروسي في زيارة إذابة الجليد مع الجزائر

يزور رئيس مجلس الدوما الروسي فولودين فياتشيسلاف فيكتوروفيتش الجزائر بهدف كتابة صفحة جديدة حسب المراقبين، وذلك بعد فترة من الفتور في العلاقات بين البلدين، ورفض طلب الجزائر الانضمام إلى مجموعة بريكس، فضلا عن كونها مناسبة لمراجعة الرهانات المشتركة في القارة الأفريقية.
الجزائر- يؤدي بداية من اليوم الاثنين، رئيس مجلس الدوما الروسي فولودين فياتشيسلاف فيكتوروفيتش زيارة إلى الجزائر يلتقي خلالها مع نظرائه في غرفتي البرلمان الجزائري ومسؤولين كبار في الدولة، وهي الخطوة التي يعول عليها لإذابة الجليد المترسب بين البلدين، وإعادتها إلى مستوى العلاقات التاريخية واتفاق الشراكة المعمقة بين البلدين، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها الحرب في أوكرانيا، ومنطقة الساحل الأفريقي.
وأعلن المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، عن شروع فولودين فياتشيسلاف فيكتوروفيتش، في زيارة إلى الجزائر، يلتقي خلالها مع نظيره الجزائري إبراهيم بوغالي، ولا يستبعد أن يمتد نشاطه ليشمل لقاء مع رئيس الغرفة الأولى (مجلس الأمة) صالح قوجيل، ومسؤولين سامين في الدولة.
وذكر بيان الغرفة البرلمانية بأن “الزيارة تعد لبنة جديدة في صرح العلاقات التي تربط البلدين اللذين يطمحان إلى تعزيز العلاقات بينهما، لاسيما على الصعيد البرلماني”. وأضاف “سيجري رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، مع نظيره الروسي فولودين فياتشيسلاف فيكتوروفيتش، محادثات تتطرق إلى الملفات ذات الصلة بالتعاون والنشاط البرلماني بين الجزائر وروسيا الفيدرالية”.
دور مجموعة فاغنر في منطقة الساحل الصحراوي أقلق الجزائر، خصوصا بعد إعلان مالي طي صفحة اتفاق المصالحة في باماكو
وتأتي هذه الزيارة في سياق علاقات ثنائية يخيم عليها الفتور منذ الانتكاسة التي مني بها الطلب الجزائر بالانضمام إلى مجموعة بريكس، والتصريح المثير الذي أدلى به حينها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، على هامش قمة المجموعة المنعقدة آنذاك في جوهانسبورغ شهر أغسطس الماضي، حيث قال “معايير قبول الأعضاء الجدد في المجموعة هي النفوذ والتأثير والثقل في الشأن الإقليمي والدولي”.
وعبر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، حينها بأن بلاده “أدارت ظهرها للمجموعة وأن المسألة أصبحت من الماضي”، لكن بوادر الانزعاج كانت بادية على الموقف الجزائري، لمّا سارع بتغيير وجهة التحالفات والشراكات إلى الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، لتعويض الأمل الذي كان يعلقه على الروس والصينيين لمساعدته على دخول المجموعة.
ومع محافظة الطرفين على الحدود الدنيا من أجندة النشاط الرسمي، حيث زار العديد من المسؤولين الروس العاصمة الجزائرية، إلا أن فتور العلاقات تفاقم تحت تأثير الدور الروسي في منطقة الساحل، ووقوفه خلف تحولات عميقة حدثت في أهرام حكومات دول الساحل الصحراوي.
ويرى متابعون للشؤون الجزائرية – الروسية، أن استعادة موسكو لزمام المبادرة في الحرب الأوكرانية، بسبب انشغال الأميركيين والأوروبيين بالوضع في قطاع غزة، والتقارب بين موقفها وموقف الجزائر في مجلس الأمن الدولي بشأن الملف الفلسطيني، دفع الروس لتنشيط محور موسكو – الجزائر، باعتبارها تمثل بوابة قريبة جغرافيا من أوروبا، وهي تبحث دوما عن نقل ضغطها على أوروبا من أوكرانيا إلى خاصرتها الجنوبية، عبر شراكات وولاءات ممكنة في الضفة الجنوبية لحوض المتوسط.
وشكل دور مجموعة فاغنر الروسية في منطقة الساحل الصحراوي، خاصة في ما يتعلق بمساعدة جيوش المنطقة على محاربة التنظيمات السياسية المالكة لأذرع مسلحة، مصدر قلق للجزائر، لاسيما بعد إعلان السلطات المالية طي صفحة اتفاق المصالحة في باماكو الذي ترعاه منذ العام 2015، وشروعها في مطاردة الأجنحة المسلحة لتنسيقية الطوارق.
وتذكر تقارير محلية، بأن عناصر فاغنر تؤدي دورا ميدانيا شكل تهديدا للأمن القومي الجزائري، بعد اقتراب عملياتها المسلحة وغاراتها الجوية من الحدود البرية المشتركة، ولذلك تقدمت في اجتماع لم يعلن عنه للأجهزة الأمنية في البلدين، بطلب للروس بعدم الاقتراب أكثر من 30 كيلومترا على الشريط الحدودي.
وسبق لرئيس مجلس الدوما الروسي أن دخل على خط رسم العلاقات الثنائية خلال السنوات الأخيرة، حيث كان أحد المسؤولين الروس الذين استقبلوا الرئيس تبون خلال زيارته إلى روسيا شهر جوان من العام الماضي، أين تم التوقيع بين البلدين على اتفاق الشراكة المعمقة، غير أن تسارع وتأثير الأحداث الإقليمية عطل الوتيرة بشكل لافت، وأدخل العلاقات الثنائية في حالة من الفتور والمراجعة خاصة من الجانب الجزائري.
ويرى مراقبون، بأن انفتاح الجزائر على الطلب الأوروبي المتزايد على الغاز، واستعدادها الدائم لتلبية حاجات أوروبا، تحت تأثير تداعيات الحرب الأوكرانية والصراع الغربي – الروسي، يكون قد أزعج موسكو، حتى وإن عبر دبلوماسيوها في أكثر من مناسبة عن موقف الجزائر وتفهمهم لحاجتها في تحقيق عائدات إضافية للنهوض باقتصادها، ولذلك تمّ رد فعل غير معلن بشأن طلبها للانضمام إلى مجموعة بريكس، رغم التطمينات التي حصلت عليها في وقت سابق من روسيا والصين.
وكانت الجزائر قد أكدت في أكثر من مناسبة على أن “غازها لن يكون بديلا للغاز الروسي”، للتعبير عن نواياها في عدم الانجرار الاقتصادي لأزمة الطاقة التي أفرزها قرار حصار الأوروبيين والأميركيين للغاز الروسي، لكن رد الفعل الروسي الصامت تكون قد دفعت ثمنه في طلب الانضمام إلى مجموعة بريكس، وهو ما جعلها تغير وجهة شراكاتها وتعاونها إلى الغرب، لكن روسيا المدفوعة باستعادة مبادرتها في أوكرانيا بصدد تفعيل أواصر علاقتها التقليدية مع أكبر بلد في شمال أفريقيا وجنوب حوض المتوسط.