رئيس حكومة جديد في الكويت يحقق التوازن بين جناح السالم وجناح الجابر

الكويت – مثل اختيار الشيخ محمد صباح السالم الصباح لرئاسة الحكومة خطوة مهمة من أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لإحداث التوازن بين جناحي الأسرة الحاكمة، جناح الجابر وجناح السالم الذي تم استبعاده لسنوات بعدما كان هناك توافق على المداورة بين الجناحين في الحكم.
ويرجح محللون أن يكون تعيين رئيس الحكومة الجديد من جناح السالم استباقا لتعيين ولي العهد المنتظر الذي من المرجح أن يكون من فرع الجابر، ما سيعيد التوافق إلى الأسرة الحاكمة ويوقف الصراع على المواقع الذي كان يتم من وراء الستار بين الجناحين، والذي ساهم بشكل مباشر في الأزمة السياسية التي شهدتها الكويت خلال السنوات الماضية، واتخذ من التوتر بين مجلس الأمة والحكومات المتتالية واجهة له.
وأشار أمير الكويت إلى هذا الهدف في خطاب أداء اليمين أمام مجلس الأمة في العشرين من ديسمبر الماضي حين قال “لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك عندما تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد وما حصل من تعيينات ونقل في بعض الوظائف والمناصب التي لا تتفق مع أبسط معايير العدالة والإنصاف”.
تعيين رئيس حكومة من جناح السالم استباق لتعيين ولي العهد المنتظر الذي من المرجح أن يكون من فرع الجابر
وتقول أوساط سياسية كويتية إن الشيخ مشعل يسعى بقوة لنزع فتيل الأزمة السياسية المزمنة في البلاد، والخطوة الأولى في هذا الطريق هي إصلاح العلاقة بين جناحي الأسرة الحاكمة وتكوين نواة صلبة بُغْية مواجهة الصراعات والانقسامات، وتوظيف هذا التوافق في وقف الخلافات في مجلس الأمة وتركيز الجهود على الخروج بالبلاد من وضعها الصعب.
والشيخ محمد (68 عامًا) هو الابن الرابع لأمير الكويت الثاني عشر الشيخ صباح السالم الصباح الذي تقلد الحكم من عام 1965 حتى وفاته في 1977.
وحدثت القطيعة بالتداول بين فرعي الأسرة الحاكمة بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد وتولي الشيخ سعد العبدالله السالم الحكم لفترة قصيرة قبل أن يتم عزله بدواعي المرض لصالح الشيخ صباح الأحمد الجابر.
وليس مطلوبا من رئيس الحكومة الجديد تقديم خارطة طريق، فهذه الخارطة موجودة وسبق أن وضعها أمير البلاد في خطابه أمام مجلس الأمة، وتقوم بالأساس على تخليص الكويت مما أسماه بـ”العبث المبرمج” في التعيينات.
وشدد الشيخ مشعل في خطابه الذي وصف بالتاريخي على “أهمية المتابعة والمراقبة المسؤولة والمساءلة الموضوعية والمحاسبة الجادة في إطار الدستور والقانون عن الإهمال والتقصير والعبث بمصالح الوطن والمواطنين”.
ولد رئيس الوزراء الكويتي الجديد في عام 1955، وشغل سابقا منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية منذ فبراير 2006 إلى أن استقال في أكتوبر 2011. واعتُبرت استقالته آنذاك اعتراضًا على تقاعس الحكومة عن تنفيذ إصلاحات فعلية إزاء شبهات فساد.
وشغل قبل ذلك منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية مدة خمس سنوات تقريبا، كما كان سفيرا لبلاده في الولايات المتحدة خلال الفترة من 1993 إلى 2001. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد الأميركية.
ورئيس الحكومة الجديد مخضرم وزاريا، لكنه لم يعمل في الوزارات الأمنية أو المالية أو الخدمية سوى تكليفات بوزارة بالنيابة كما حدث مع وزارة النفط، وهذه ميزة تساعد على قلة التداخلات مع الأطقم الحكومية المعروفة وتجنب الإغراق في متابعة التفاصيل.
وكان الشيخ مشعل في فترة توليه منصب نائب الأمير قد أزاح عددا كبيرا من المسؤولين في المراتب الإدارية العليا، مثل وكلاء الوزارات والمدراء العامين، وهذا في حد ذاته أمر يساعد رئيس الحكومة الجديد.
وتبقى أمام الشيخ محمد سالم الصباح معضلة مجلس الأمة الذي يسيطر عليه الشيخ أحمد الفهد الذي عاد إلى الحكومة المتخلية ضمن صفقة ترضية في منصب نائب لرئيس الوزراء ووزير للدفاع، والذي يمتلك نفوذا في البرلمان ويمكن أن يقوم النواب المحسوبون عليه بعرقلة خطط الحكومة ويعيدون الأزمة إلى المربع الأول. ولا يعرف كيف سيتصرف رئيس الحكومة الجديد لمعالجة هذا الأمر.
وأدت الخلافات المستمرة بين الحكومة والبرلمان في الكويت إلى تعطيل الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تحتاجها البلاد كثيرا في ظل اعتماد ميزانيتها العامة على إيرادات النفط بنسبة 90 في المئة.
وقوبل قرار تعيين رئيس الوزراء الجديد بتفاؤل بين الكويتيين الذين يراهنون على أن مرحلة حكم أمير البلاد الجديد ستقود إلى الخروج من نفق الصراعات.
وقال أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت بدر السيف إن “موقفه المناهض للفساد عام 2011 جعله يكتسب احترامًا كبيرًا من جانب الكويتيين”.
وقال المحلل السياسي عايد المناع إن رئيس الوزراء الجديد “يملك من الخبرة الدبلوماسية والمؤهلات الأكاديمية ما يسمح له بتنفيذ الإصلاحات التي تدور في رأس الأمير”.
ورأى أن الكويتيين بحاجة إلى “حكومة كفاءات ورجال دولة لا يخشون المساءلة البرلمانية”.
إلا أن بدر السيف يرى أن الآمال يجب ألّا تُعلّق فقط على رئيس الوزراء الجديد. وأوضح أن “النظام كاملًا، بدءًا من الأمير وصولاً إلى الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني، كلها (أطراف) ينبغي أن تجتمع معًا لتحقيق هدف واحد وهو الارتقاء بالكويت”.