رئيس حزب الأمة يعيد تشكيل مجلس الرئاسة محيّدا الموالين للجيش السوداني

حزب الأمة القومي يواجه انقساما عموديا بين تيار قريب من الدعم السريع وآخر موال للجيش.
الأربعاء 2025/04/02
التحدي الأكبر أمام برمة ناصر إقناع القواعد المشتتة بخياراته

الخرطوم - أقدم رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، على إعادة تشكيل مؤسسة رئاسة الحزب بإقالة نوابه الثلاثة وتعيين مساعدين ومستشارين جدد، في خطوة تستهدف تحييد التيار الموالي للجيش السوداني.

ويواجه حزب الأمة القومي، وهو أحد أعرق الأحزاب السياسية على الساحة السودانية، انقساما عموديا بين تيار بقيادة برمة ناصر قريب من قوات الدعم السريع، وداعم لتشكيل حكومة موازية، وبين تيار موال للجيش. وأثرت الحرب السودانية المندلعة منذ نحو عامين على القوى السياسية في السودان، في ظل حالة استقطاب شديدة بين طرفي الصراع.

وأصدر برمة، ليل الأحد، قرارا بتنحية كل من مريم الصادق، وصديق إسماعيل، ومحمد عبدالله الدومة من مناصبهم كنُوّاب للرئيس، وعَيَّن بدلا عنهم ثلاثة آخرين، بينهم خالد أصيل وبابكر دقنة. وعيّن برمة في قراره، كلا من بشرى الصادق المهدي وعروة الصادق مساعدَيْن للرئيس، بجانب ستة من المساعدين القدامى، أبرزهم صديق الصادق المهدي. كما تضمن القرار تعيين أربعة مستشارين للرئيس.

وحرص حزب الأمة في الأشهر الأولى من الحرب على البقاء على الحياد بانتظار مآلات الأوضاع، لكن بعد مرور عام برزت خلافات بين قيادات المركز والأقاليم لتطال القيادة العليا للحزب مع ظهور تيارين الأول يدعم قوات الدعم السريع والثاني يناصر الجيش، وإن كليهما لم يعلناها صراحة.

وسرعان مع انفجر الوضع داخل الحزب، مع بداية العام الجاري حينما قرر برمة ناصر الانخراط في تحالف مع قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية، وهو ما دفع مؤسسة الرئاسة إلى سحب الثقة منه وتعيين محمد عبدالله الدومة رئيسًا مكلّفًا.

عروة الصادق: لن أكون شاهد زور على إعادة إنتاج الفشل
عروة الصادق: لن أكون شاهد زور على إعادة إنتاج الفشل

لكن رئيس المكتب السياسي بالحزب، محمد المهدي حسن، طعن في مشروعية قرار سحب الثقة عن الرئيس المكلّف، قبل أن يقرر برمة ناصر حل مؤسسة الرئاسة وإعادة تشكيلها. ونفى القيادي في حزب الأمة ابراهيم الأمين الإثنين، ما يتردد عن قبول قرار تكليفه نائبا في مؤسسة الرئاسة، معلنا عن موقف معارض لخطوات برمة ناصر.

وعزا الأمين الانقسامات داخل الحزب إلى الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 التي نتجت عنها عمليات الهجرة غير المنظمة وغياب التواصل بين قيادة الحزب والقواعد، إضافةً إلى ما أسماه الاستقطاب غير المرشد من قِبل الدعم السريع والخلافات غير المُبرّرة داخل الحزب وما ترتّـب عليها من انقسامه إلى مجموعتين رئيسيتين، إحداهما على علاقة وتماهٍ مع الدعم السريع، والثانية وهي الأكبر تتحدث عن دعم للقوات المسلحة.

واعتبر القيادي في الأمة أن ما زاد من حدة الصراع التطور الذي حدث بالدعوة إلى إقامة حكومة بديلة مسنودة من الدعم السريع، وأخرى مؤيدة للقوات المسلحة.

ورأى بأن قيادة الحزب الحالية في ظل خيارات اللواء برمة ناصر، أحدثت ردود فعل غاضبة وبما شكلته من تغيير، الهدف من ورائه إدخال عناصر جديدة بدلاً من القيادات القديمة، بحجّة أنّها عملية تجديد، وهي في الحقيقة تهدف إلى تمكين مشروع الدولة البديلة، والدليل أنّ الحكومة فيها تمثيلٌ للدعم السريع يصل إلى 40 في المئة و30 في المئة للحركة الشعبية قطاع الشمال، علما بأن قيادة الحكومة للدعم السريع، ونيابتها للحلو (عبدالعزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية).

وتساءل الأمين أين حزب الأمة؟ وما نصيب حزب الأمة؟ وفي هذا تحجيمٌ لحزب الأمة الذي عُـرف على مدى تاريخه بأنه في الصدارة في أي عمل يشارك فيه. وقال إن اختياره كنائب لرئيس حزب الأمة، ينطوي على إساءة بالغة لشخصه، وفيه تعارضٌ كبيرٌ مع موقفه الرافض لممارسات الدعم السريع، مغازلا الجيش الذي قال “إنه جُزءٌ من الدولة المدنية وليس بديلاً لها.”

في المقابل أكّد القيادي في حزب الأمة القومي، عروة الصادق، قبوله تكليف منصب مساعد رئيس الحزب لشؤون الشباب. ورأى في الخطوة “مسؤولية تاريخية يتحملها جيل بأكمله وليست ترفًا سياسيًا.”  وقال عروة في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن “هذا المنصب لتفعيل دور الشباب داخل الحزب كمحرّك للتغيير والمساءلة، لا كديكور تنظيمي.” وأضاف “لن أكون شاهد زور على إعادة إنتاج الفشل، ولن أصمت عن أي انحراف عن مبادئ الشفافية والديمقراطية، أيًّا كان مصدره.”

ويرى مراقبون أن تعيين قيادات جديدة في المجلس الرئاسي يعكس في واقع الأمر صعوبة التعايش بين تيارين على طرفي نقيض، لافتين إلى أن التحدي الأكبر أمام برمة ناصر هو إقناع القواعد المشتتة بخياراته. وعينت مؤسسة الرئاسة في 28 نوفمبر 2020 فضل الله برمة رئيسا مكلّفا للحزب خلفا لزعيمه التاريخي الصادق المهدي.

 

اقرأ أيضا:

       • السودان صورة عن هشاشة التحالفات الدولية

       • الإمارات في سردية الإخوان.. السودان نموذجا

2