رئيس الوزراء الكويتي الأسبق ينجو من السجن في قضية صندوق الجيش

الكويت - طوت محكمة التمييز الكويتية ملف قضية صندوق الجيش بحبس شيخ من الأسرة الحاكمة، والاكتفاء بتغريم آخر.
وتظلّ القضية التي تتلخّص وقائعها في نهب أموال من الصندوق المخصص لمساعدة العسكريين، في نظر الكثير من الكويتيين، علامة على خطورة ظاهرة الفساد كون المتورّطيْن الرئيسييْن فيها عضوين بارزين في الأسرة الحاكمة شغلا مناصب عليا في الدولة.
وقضت المحكمة التي تمثّل آخر درجات التقاضي في الكويت، الأحد، بسجن وزير الدفاع والداخلية الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح سبع سنوات مع الشغل والنفاذ في تهم تتعلق بإساءة استخدام أموال الصندوق المذكور.
وامتنعت المحكمة في المقابل عن النطق بعقاب رئيس الوزراء الأسبق الشيخ جابر المبارك الصباح وألزمته بدفع غرامات مالية.
وقبل أيام من إصدار الأحكام النهائية في القضية طرأ معطى استثنائي أثار جدلا واسعا في الكويت وتمثّل في محاولة ترهيب رئيس محكمة التمييز المستشار سلطان بورسلي بتهديده بالقتل والشروع في إحراق سيارته ومنزله.
تجنيب الشيخ جابر المبارك عقوبة السجن يثير التساؤل عما إذا كانت توازنات معينة قد روعيت في إصدار الأحكام
وأثار الحكم بحبس الشيخ خالد وتجنيب الشيخ جابر عقوبة السجن تساؤلات بعض الأوساط الكويتية بشأن ما إذا كانت بعض التوازنات قد روعيت في إصدار الأحكام.
وتعدّدت قضايا الفساد بشكل لافت في الكويت خلال السنوات الأخيرة، واكتست خطورة استثنائية حيث اتّخذت في بعض الأحيان طابعا منظّما حيث أصبحت تتم عن طريق شبكات متشّعبة يمتد نفوذ بعض عناصرها إلى داخل أجهزة الدولة.
وزاد تورّط شيوخ من الأسرة الحاكمة من خطورة الظاهرة في ظل حديث عن تنافس وتسابق من قبل بعض الشيوخ على تحصيل ثروات بأسرع وقت ممكن عن طريق الوصول إلى أموال الدولة ونهبها.
وسبق للقضاء الكويتي أن أدان الشيخ صباح ابن الشيخ جابر المبارك في قضية غسل أموال عرفت بـ”الصندوق الماليزي”، وتورط فيها أيضا قضاة تبين تواطؤهم مع باقي المتهمين قصد التغطية عليهم وحمايتهم من المحاكمة والعقاب.
وبحسب مختصين في رصد الفساد ومتابعته، فإن عامليْن رئيسيين يجتمعان في الحالة الكويتية ويجعلان من البلد بيئة خصبة للظاهرة، وهما الثراء المادّي للدولة الراجع أساسا إلى وفرة عائدات النفط من جهة، وضعف الأجهزة والنظم الرقابية وعدم إحكام القوانين المنظمة لها، وافتقارها للكادر البشري المؤهّل لقيادة حرب حقيقية على الفساد، من جهة ثانية.
محكمة التمييز الكويتية امتنعت عن النطق بعقاب رئيس الوزراء الكويتي الأسبق الشيخ جابر المبارك الصباح وتكتفي بإلزامه برد مبالغ مالية للصندوق
وسبق لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنّ حذّرت من تحوّل الفساد إلى “سمة أساسية من سمات الحياة اليومية في الكويت وتهديد لوجود الدولة وقدرتها على العمل”، منبّهة في تقرير لها إلى اتّخاذ الظاهرة أشكالا مختلفة لا تقتصر على الاختلاس وتبييض الأموال، وتحوّلها إلى منظومة من خمس طبقات تتقاطع مكوّناتها ويغذي بعضها بعضا، ما يصعّب عملية مكافحتها.
ونفى كلّ من الشيخ جابر والشيخ خالد الاتهامات الموجهة إليهما في قضية صندوق الجيش التي اجتذبت اهتماما شعبيا كبيرا على مدى سنوات نظرا لارتباطها بشخصيات كبيرة في العائلة الكويتية الحاكمة.
وتضمنت الأحكام الصادرة عن محكمة التمييز في قضية صندوق الجيش حكما بالسجن سبع سنوات مع الشغل والنفاذ لسبعة متهمين آخرين، وغرّمت جميع المتهمين مبالغ مالية بعشرات الملايين من الدنانير.
واستقال الشيخ جابر في 2019 من رئاسة الوزراء المنصب الذي شغله في 2011، بعد أن سعى نواب لحجب الثقة عن الشيخ خالد الذي كان وزيرا للداخلية وقتها.
وأرجعت مصادر كويتية الكشف عن قضية الفساد في صندوق الجيش إلى صراع وتنافس بين أفراد الأسرة الحاكمة، نظرا إلى كون من فجّر القضية ليس سوى وزير الدفاع الأسبق
الشيخ ناصر الصباح، ابن أمير البلاد السابق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وتساءل البعض آنذاك حول ما إذا كان المتورّطون في القضية سيحاسبون بالفعل لولا ذلك الصراع والتنافس، مؤكّدين أنّ قضايا كثيرة مشابهة تمت التغطية عليها بفعل نفوذ المتورّطين فيها وتمكّنهم من شراء صمت المطّلعين عليها.
وأصدر الشيخ ناصر بيانا بعد يومين من استقالة حكومة الشيخ جابر قال فيه إن الحكومة استقالت لتجنب مواجهة إساءة إدارة صندوق الجيش البالغة قيمته نحو 240 مليون دينار (778.61 مليون دولار) قبل تولّيه المنصب.
وعقب تفجر القضية اعتذر الشيخ جابر المبارك عن عدم قبول إعادة تعيينه رئيسا للوزراء بعد أن كلفه أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد بإعادة تشكيل الحكومة، مشيرا إلى
وجود حملات إعلامية ضده. وتوفي الشيخ ناصر في ديسمبر 2020 بعد شهور قليلة من وفاة والده حاكم البلاد السابق.
وتمت في وقت سابق تبرئة الشيخ جابر والشيخ خالد وجميع المتهمين في القضية من اتهامات سوء استخدام أموال صندوق الجيش في مارس 2022، لكن القضية عادت مجددا بناء على استئناف من الادّعاء الكويتي.