رئيس الوزراء العراقي يسعى لاستمالة الشباب والمجتمع المدني خشية عودة الحراك

بغداد - يسعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لاستمالة الشباب ومنظمات المجتمع المدني في ظل مخاوف من انفجار شعبي، لاسيما مع سعي القوى السياسية المتحكمة في المشهد لفرض ترتيبات التفافية على مطالب الحراك الشعبي الذي تفجّر في أكتوبر 2019 من بينها تغيير القانون الانتخابي.
ويصر قادة الإطار التنسيقي على تعديل قانون الانتخابات وفق نظام سانت ليغو الذي يقوم على دائرة واحدة بدل الدوائر المتعددة التي تم إجراء الانتخابات الماضية على أساسها، حيث كانت مطلبا رئيسيا لنشطاء تشرين.
وقد نجح الإطار بالفعل الأحد في تمرير القراءة الثانية لمشروع القانون الجديد، بالرغم من المعارضة الواسعة للمشروع، لاسيما من قبل القوى الناشئة والمستقلين في البرلمان، وقد انضم إليهم مؤخرا التيار الصدري.
◙ مخاوف السوداني لها ما يبررها لاسيما مع دخول التيار الصدري على الخط وقد يجد التيار في مشروع تغيير قانون الانتخابات فرصة للعودة إلى الساحة
وقد أعلن القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي عن اعتراض التيار على تعديل قانون الانتخابات. ونشر الزاملي على حسابه الرسمي في فيسبوك مقطعاً مصوراً لممثل المرجعية الدينية عبدالمهدي الكربلائي وكتب عليه “لا للقائمة المغلقة، لا للدائرة الواحدة”.
وقال الكربلائي في المقطع إن "رأي المرجعية الدينية هو لا للقائمة المغلقة ولا للدائرة الانتخابية الواحدة"، مضيفا أن "القائمة المغلقة تغلق الطريق أمام الناخبين لاختيار من يمثلهم في البرلمان".
ويرى متابعون أن الإطار التنسيقي لن يعدل عن قراره في المضي في تغيير القانون، حيث يحمّل الإطار القانون الحالي مسؤولية فشل قواه في تحقيق نتائج مرضية في الاستحقاق الماضي، والتي كادت على إثرها أن تخرج من معادلة الحكم، لولا انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية.
وإزاء هذا الوضع المشحون، يخشى السوداني أن تنتقل معارضة تغيير القانون إلى الشارع، وبناء على ذلك يحاول التحرك واحتواء أي ردود فعل شعبية من خلال تقديم بعض الوعود والمغريات للشباب ومنظمات المجتمع المدني.
وأكد رئيس الوزراء العراقي الأحد على عزم حكومته لدعم الشباب عبر مبادرة خاصة تنطوي على جملة من البرامج والمشاريع. وجاء في بيان لمكتب السوداني أن “رئيس الوزراء ترأس اجتماعا مع الفريق المعني بمبادرة دعم الشباب، والتي جاءت تنفيذاً لأهداف المنهاج الوزاري في الارتقاء بواقع الشباب وتطوير قدراتهم".
وأكد السوداني خلال الاجتماع أن "الحكومة عازمة، ومن خلال برنامجها الحكومي، على دعم الشباب عبر مبادرة خاصة تنطوي على جملة من البرامج والمشاريع تصب جميعا في تطوير قدرات الشباب وتمكينهم للدخول في سوق العمل، ومواجهة مختلف التحديات والعمل على التخفيف من آثارها".
وأشار إلى أن "احتضان الشباب وتعزيز دورهم في المجتمع، من واجب الدولة بكل مؤسساتها، فهم يشكلون النسبة الأعلى بالمجتمع، وواجبنا احتضان أفكارهم ومبادراتهم التي تتميز دوما بالريادة والإبداع".
وكان الشباب العراقيون قد لعبوا دورا محوريا في الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدها العراق في العام 2019، والتي أدت حينها إلى الإطاحة بحكومة عادل عبدالمهدي، ويخشى السوداني أن تواجه حكومته نفس المصير.
ويقول مراقبون إن مخاوف السوداني لها ما يبررها لاسيما مع دخول التيار الصدري على الخط بعد اعتكاف طويل نسبيا، وقد يجد التيار في مشروع تغيير قانون الانتخابات البوابة المثلى للعودة إلى الساحة، لاسيما مع وجود العديد من القوى المدنية والسياسية المتحفظة عليه.
والتقى رئيس الوزراء العراقي في وقت سابق عددا من ممثلي منظمات المجتمع المدني العراقية ذات الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بحضور مستشار حقوق الإنسان.
◙ قادة الإطار التنسيقي يصرون على تعديل قانون الانتخابات الذي يقوم على دائرة واحدة بدل الدوائر المتعددة التي تم إجراء الانتخابات الماضية على أساسها
وثمّن السوداني خلال اللقاء حسب بيان لمكتبه الإعلامي "الجهود المبذولة من قبل هذه المنظمات لترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وفق مضامين الدستور، مشدداً على أهمية ضمان كل الحقوق المدنية للمواطنين".
وأكد "تكفّل المنهاج الوزاري للحكومة بحماية الحريات العامة والخاصة، وحريات أطياف المجتمع العراقي". وأشار إلى "دعم الحكومة لمنظمات المجتمع المدني لكي تؤدي دورها في تحقيق أهداف البرنامج الحكومي، واستيعاب التحديات الميدانية التي تواجه عملها".
واستمع إلى "طرح رؤساء المنظمات في ما يتعلق بحقوق الإنسان، مشيراً إلى أهمية تزويد الحكومة بأي رصد يتوفر لدى هذه المنظمات، والعمل جارٍ للتعامل مع أي حالة ترد المعلومات عنها".
وشدد على "رفض أي ممارسة تنتهك الحقوق بكل أشكالها، والعزم على محاسبة المقصرين بهذا الشأن".
وأكد رئيس الوزراء على "اهتمام الحكومة بما ترفعه هذه المنظمات من تقارير ميدانية ومسوحات ودراسات"، داعيا إياها إلى "تقديم التقارير الدورية في كل القضايا إلى مستشار حقوق الإنسان، مشفوعة بالوثائق أو المستندات في ما يخص قضايا الفساد لاتخاذ اللازم".
كما وجّه "الوزارات بالتعاون مع المنظمات التي تحمل الصفة الاستشارية، داعياً المنظمات إلى الإسهام أيضاً في مؤتمر العراق للمناخ الذي ستستضيفه البصرة قريباً”.