رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن وسط أجواء إقليمية متفجرة

بغداد - غادر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بغداد السبت متوجها إلى الولايات المتحدة في أول زيارة له منذ توليه منصبه في 2022، حيث يلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن في ظل أجواء إقليمية متفجرة على خلفية الحرب في غزة والتوتر مع إيران.
وأفاد البيت الأبيض بأن بايدن سيستقبل رئيس الحكومة العراقي في 15 أبريل للبحث في تعزيز "الشراكة الثنائية المتينة" و"تطوير مهمة" الائتلاف الدولي المناهض للجماعات الجهادية بقيادة واشنطن والمنتشر في العراق وسوريا.
وقال مكتب السوداني في بيان أن رئيس الوزراء يغادر بغداد متوجها إلى واشنطن في "زيارة رسمية بدعوة من الرئيس الأميركي جو بايدن".
ومن المنتظر أن تستمر زيارة السوداني لمدة خمسة أيام وتشمل ثلاث ولايات (واشنطن، ومشيغن، وهيوستن). وفق ما أفادت وكالة "شفق نيوز" السبت نقلا عن مصدر حكومي.
وفق المصدر أن السوداني سيلتقي أيضا بوزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع في مقر البنتاغون، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين، وأعضاء في الكونغرس الأميركي، كما سيلتقي بمسؤولي شركات طاقة أميركية، وأبناء الجالية العراقية في ثلاث ولايات التي تشمل الزيارة.
وتأتي زيارة السوداني بينما تتأهب منطقة الشرق الأوسط برمتها، لاسيما إسرائيل وإيران إلى تصعيد غير مسبوق، وسط تهديدات الأخيرة بالرد والانتقام من القصف الإسرائيلي الذي استهدف قنصليتها في دمشق مطلع أبريل الحالي، فيما أكدت الولايات المتحدة بما لا يقبل الشك وقوفها إلى جانب إسرائيل والدفاع عنها في حال تعرضت لأي هجوم إيراني.
ولا يتوقع أن التصعيد الإيراني على خلفية قصف القنصلية في حي المزة بسوريا، أن يأخذ حيزا كبيرا في لقاء السوداني وبايدن، لكنهما سيناقشان الأمر، وسيوضح الرئيس الأميركي الخطوط الحمر في هذه الأزمة.
وكان العراق وسيطاً خلال الأيام الماضية في محاولات التهدئة وكبح إيران عن القيام برد فعل انتقامي بعد قصف قنصليتها في سوريا. فقد كان هناك اتصال بين الوزير فؤاد حسين ونظيره الإيراني، وقد وصلت لطهران رسالة بهذا الخصوص.
وأشار مكتب رئيس الوزراء إلى أن "هذه الزيارة تأتي في ظرف دقيق وحساس سواء كان على مستوى العلاقات الثنائية (...) أو على مستوى ظروف المنطقة وما يحصل في الأراضي الفلسطينية من جرائم قتل واستهداف للمدنيين الأبرياء من النساء والأطفال".
وأكد السوداني أن لقاءه مع بايدن "سيتناول البحث في ظروف المنطقة وما تشهده من تصعيد، والدور المشترك في العمل على التهدئة ومنع الصراع من الاتساع بما يؤثر على مجمل الاستقرار في العالم".
وبعد منتصف أكتوبر وتضامنا مع الفلسطينيين في غزة، نفذت مجموعات مسلحة موالية لإيران عشرات الهجمات ضد القوات الأميركية المنتشرة ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وشنّت واشنطن حملة من الردود على مقتل ثلاثة جنود أميركيين بضربة في الأردن قرب الحدود مع سوريا في هجوم أواخر يناير نسب إلى فصائل موالية لإيران.
وكجزء من هذا الرد، شنّت واشنطن مطلع فبراير ضربة بطائرة مسيرة في بغداد أدت إلى مقتل القيادي في كتائب حزب الله أبوباقر الساعدي.
لكن الأسابيع الأخيرة شهدت هدوءاً نسبياً بين الطرفين، فيما استأنفت واشنطن وبغداد منتصف فبراير المفاوضات الهادفة إلى مناقشة مستقبل قوات التحالف الدولي في العراق.
وقد أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي، التي عقدت في بغداد في 27 يناير الفائت، إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية.
وتأمل السلطات العراقية بالحصول على جدول زمني بشأن خفض تدريجي لوجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية.
وجاءت المحادثات بسبب ضغوطات تعرضت لها حكومة السوداني من قبل الفصائل المسلحة العراقية الحليفة لإيران والجهات السياسية المرتبطة بها، إذ طالبت بإخراج قوات التحالف الدولي من العراق، إثر تنفيذ واشنطن ضربات انتقامية في العراق أسفرت عن مقتل قيادات بارزة في تلك الفصائل.
وقال السوداني إن "اللقاء سيستعرض عمل اللجنة العسكرية العليا بين العراق والتحالف الدولي الهادفة للوصول إلى جدول زمني لإنهاء مهمة التحالف والانتقال إلى علاقات ثنائية مع الدول المشاركة في التحالف".
وأكد أن الزيارة ستشهد لقاءات مع وزراء الخارجية والدفاع والخزانة الأميركيين، فضلاً عن مستشار الأمن القومي، وغرفة التجارة الأميركية وكبار المسؤولين في الشركات النفطية والصناعية.
وجدد الإشارة إلى أن الزيارة تحمل الرغبة في بناء شراكة استراتيجية مستدامة، قائمة على الاحترام المتبادل، وحفظ أمن العراق وسيادته ووحدة أراضيه.
وسيضع رئيس الوزراء العراقي ملف تفعيل اتفاق الإطار الاستراتيجي على رأس جدول الزيارة، إذ يسعى العراق من خلال هذه الزيارة إلى الانتقال من الجانب الأمني والعسكري مع واشنطن إلى تعاون في مختلف المجالات الأخرى اقتصاديا وسياسيا.
وسيعمل السوداني على إعادة التوازن وتعزيز الشراكة بين البلدين، من خلال الالتزام بالتعاون وتعزيز العلاقات الثنائية في مجالات متعددة مثل الجانب الاقتصاد والمالي والتعليمي والتنمية.
من الملفات الأخرى التي يسعى السوداني لبحثها هو قضية بناء شراكات اقتصادية قوية بين العراق والولايات المتحدة، خاصة في مجالات التجارة والاستثمار.
ومن أبرز الملفات التي ستكون مطروحة وبقوة هو ملف تسليح وتدريب القوات العراقية من قبل الجانب الأميركي، وستركز المباحثات أيضا على حماية البعثات الأميركية الموجودة في العراق، ودور الفصائل وإيران في البلاد.
وينتظر أن تبدي واشنطن قلقها إزاء تسرب بعض الأسلحة المتطورة من العراق إلى إيران وستبحث هذا الملف وسبل الحد من هذا.
ويعتقد أن الزيارة ستكون مختلفة خصوصا في ملف الطاقة، حيث أن الوفد الحكومي العراقي يضم ممثلين من القطاع الخاص من رجال الأعمال والصناعيين المتخصصين في مختلف القطاعات، حيث سيجري مباحثات موسعة مع المسؤولين الأميركيين تخصّ العلاقات الثنائية، ومناقشة مجموعة من الملفات الاقتصادية والمالية والتجارية والأمنية، فضلاً عن ملفات تخصّ التعليم والثقافة وغيرها، كما تتضمن الزيارة توقيع عدد من العقود الاستثمارية مع كبريات الشركات الأميركية.
وخلال اللقاءات بالمسؤولين سيركز رئيس الوزراء العراقي على الجانب الاقتصادي، لأن ذلك سيخدم برنامجه الوزاري ومشروعه السياسي الانتخابي.
وتدعم قوى الإطار والجانب الإيراني هذه الزيارة لأنها ستظهر الدعم الأميركي لحكومة السوداني، وهذا يخدمهم على كافة الأصعدة.
وسيكون الاصلاح المصرفي الملف الأهم بالنسبة للجانب الأميركي، وحكومة السوداني التي سبق أن اتخذت خطوات عديدة بخصوص هذا الملف تطبيقا لدعوات ومطالبات واشنطن.
ونقل موقع الخارجية الأميركية عن مسؤول كبير قوله إن زيارة رئيس حكومة العراق البلد الذي يمتلك ثروات نفطية كبيرة ستكون فرصة لمناقشة قضايا الطاقة و"الاستثمارات الأميركية في العراق" وكذلك "القطاع الخاص والإصلاحات المصرفية التي نعمل عليها".